حسن عبد الله عباس


تدور الدنيا دور الرحى، مرة ترى الانسان في ارذل العمر ومرة اخرى تراه على قمة الهرم. الاخوان في مصر حكموا بعدما كانوا يعملون في السراديب، كحال نظام حسني الذي اصبح في السجن بعد قصر الرئاسة عكس حالة مرسي، وبطل القادسية صدام انتهى امره في البالوعة، والرئيس الاوحد بن علي صار مشرّدا طالباً للجوء السياسي كمن سبقه شاهنشاه (ملك الملوك) حينما لم يجد ارضاً تؤويه سوى رفيق الدرب السادات، فهذا حال الدنيا.
المشكلة لا تكمن هنا، لكن وبحكم أن العالم صار قرية صغيرة اصبحت اللعنة تطول الاباعد. الاخوان في الكويت طالهم ما جرى في مصر وبأنهم مصنفون كإرهابيين. هذا التصنيف جعل laquo;الاخوانraquo; عندنا يتبرأون من التهمة والتصنيف المصري وارتكنوا الى انهم فرقة اسلامية تتبنى الوسطية في دعوتهم الدينية وانهم يحملون فكراَ يتوافق مع فكر الاخوان المسلمين الذي نادى به الشيخ حسن البنا.


لا ادري ما الداعي من تبرئة الاخوان هنا في الكويت انفسهم من تهمة الارهاب (بيان رئيس جمعية الاصلاح حمود الرومي). فالتصنيف السياسي ظهر في مصر لا الكويت، الا اذا كانوا يقصدون ان يفهمونا احد امرين: اما انهم تنظيم عالمي وان اتهام اي فرع لهم هو اتهام تلقائي لبقية الافرع، او انه تنظيم عالمي لكن جمعية الاصلاح لا تتفق مع الاخوان في مصر وهم فريقان مختلفان.
لنبدأ بالفهم الثاني وانهم مختلفين. انا شخصيا لا اثق كثيرا بتصريحات laquo;الاخوانraquo; ومنتسبيهم هنا بالكويت لأنهم اثبتوا مرات عدة انهم ينقلبون على كلامهم وتصريحاتهم. دعني اضرب لك مثلا واحدا. حينما اتُّهموا بأنهم يعملون مع الحكومة بسبب تسلم محمد العليم النفط في 2007، تبرأوا بان لا علاقة تربطهم بالرجل. اما اليوم فالعليم أمين عام الحركة الدستورية! يقولون الحركة الدستورية لا علاقة لها بتنظيم الاخوان العالمي، لكن شملتهم الامارات العربية بالخلية الاماراتية! ينفون عالميتهم لكنهم ينسقون مع حماس في فلسطين، ويدعمون المرشد العام في مصر ومرسي بالحكم!


طبعا لا تفهم اني احاول ان ازج بهم في كل مكان، كل ما اقصده ان تكتيك الجماعة هو الهجوم ان ما قويت شوكة الاخوان والافصاح علنا عن الهوية، لكن التقهقر والانكفاء والتبري اذا ما ضعف laquo;الاخوانraquo; الدولي في حالة تبدل مستمرة مرة مع هذا وثانية مع ذاك. كلامي هذا لا يعني سوى عدم الوثوق بالتصريحات والاحساس بالشك والريبة من جماعة متقلبة كهذه.
اما الفهم الأول بانهم تنظيم عالمي لكنه تنظيم لا يدعو للارهاب، فهذا بلا شك من حقهم. لكن في هذه الحالة لا يجوز التقلّب والهروب من التهم. فما يعجبني في اخوان مصر انهم سياسيا مصرّون على انهم ليسوا ارهابيين وانهم على حق وانهم يتعرضون لحملة تشويه، وبالتالي يسعون لإزالة الشكوك لا اكثر. وما عليكم يا اخوان الكويت إلا الاعتراف بالارتباط ودفع التهم الباطلة عنكم. وهنا يتوجب امر آخر وهو عدم اتهام الغير بالانتماء للخارج كون تبني الافكار والاعجاب بالشخصيات ليست قضية منكرة خصوصا وانكم تتبنونها وتعتقدون بها فلا جُناح على المخالفين لكم.