علي بردى

أعجب كثيرون في الغرب كيف صمد لبنان أمام الخطر الأكبر للحرب الطاحنة في سوريا. تعجّبوا كيف امتنع اللبنانيون عن الانزلاق مجدداً الى مستنقع الاقتتال الأهلي في بلدهم. هذه الصورة تتلاشى الآن.

امتدت الحرب السورية الى عقر دارنا. يبدو مخيفاً المشهد في لبنان.
على رغم تورط quot;حزب اللهquot; وجماعات أخرى في الجهاد والاحتراب داخل سوريا، تمكن لبنان طوال 30 شهراً من اطفاء الحرائق الآتية اليه عبر الحدود. نجح الى حد بعيد في احتواء الانفجار السني ndash; الشيعي على أرضه. غير أن المتربصين شراً بهذا البلد واصلوا ndash; ولا يزالون يواصلون - سعيهم الى جرّ لبنان الى الحرب، أو الى نقل المأساة السورية الى الأراضي اللبنانية. معاودة عمليات الاغتيال والقتل التي بدأت قبل عشر سنين تخدم هذا الهدف وغايات أخرى.
لماذا قتلوا محمد شطح؟ هل لأنه انتمى الى وطن مرتجى أكثر من انتمائه الى طائفة؟ سعى هذا الرجل الى علوم المال والاقتصاد من غير أن ينزلق الى العقلية الزبائنية. دخل عالم السياسة من دون الانجرار الى الصفاقة السياسية.
رفض الخوض في زرع الأحقاد والثارات. حزن لأن هناك من يبدو مزهواً بتآكل معنى لبنان. كان يحلم بعودة لبنان مقصداً للحالمين بعالم عربي أفضل.
لا ضرورة للاستغراق طويلاً في أسباب اغتيال محمد شطح. لم تكن ثمة حاجة الى الوقوف كثيراً عند دوافع الذين شرعوا في المقتلة اللبنانية الجديدة منذ عام
2004. مضت عشر سنين على محاولة قتل مروان حمادة وعلى اغتيال رفيق الحريري وباسل فليحان. لا اقتصاص حتى الآن من القاتل. كيف يستقيم وطن من غير أن تأخذ العدالة مجراها؟ أنشأ مجلس الأمن المحكمة الخاصة بلبنان لأن القضاء اللبناني - بل العربي كله - عجز طوال سنين كثيرة عن منع الإفلات من العقاب. كان القتل في هذه الأرض مجانياً. كان بلا حساب ولا من يحاسبون. أزعجهم الحريري، قتلوه. لم يروقهم سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو وأنطوان غانم وغيرهم، أسكتوهم. لماذا نجوتم يا مروان حمادة والياس المرّ ومي شدياق وسمير شحادة؟ هل تمكنتم من رؤية وجوه المجرمين؟
لا يرى الأحياء كيف ومتى ولماذا يشير القتيل الى قاتله. غير أن المستهدفين فعلوا ذلك قبل أن يغتالوا. لا بد من الأمل في الوصول الى عدالة توقف هذا النزف الدموي المخيف، علماً أنه يكاد المريب أن يقول خذوني!
بغير ذلك على لبنان السلام.