الياس الديري

عند النازلة تعرف أخاك، قالت العرب، وعند التهلكة تعرف حقيقة أهلك. وعند الضيق تعرف مَنْ هو الصديق...

مثلما التقت النكبات والأزمات والكوارث عند الوضع اللبناني الممزّق، والمعرّض لكل الاحتمالات الخطيرة، كذلك التقت صفات الأهل والأخوة والصداقة في المبادرة غير المسبوقة التي خصَّ بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لبنان هذا بثلاثة مليارات دولار، تذهب كلها الى تسليح الجيش، وتجهيزه بأحدث الأسلحة وأنفعها وأجداها.
وناط مهمة التنفيذ بالأم الحنون التي كان رئيسها فرنسوا هولاند هو أول مَنْ تبلّغ النبأ الذي يشبه العيديَّة، ومباشرة من خادم الحرمين الشريفين خلال الاجتماع الذي شملت محادثاته الواقع العربي من كل جوانبه.
ودعم الجيش بهذا السخاء الذي لم يألف لبنان وجيشه مثيلاً له، يؤدي تلقائياً الى دعم مباشر وغير مباشر للاستقرار، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولعودة الثقة بالوطن الذي تَيتَّم لفترة طويلة.
لكي يستطيع الجيش أن يكون عن حق وحقيق سياج الوطن وحامي الحمى، أضعف الإيمان أن يكون مزوَّداً كل ما يحتاج اليه من عتاد وعدة وعدد وأسلحة.
يدرك الجميع ان السلاح الثقيل، وسلاح الذود عن الحدود، وبسط مناخ الأمن والاستقرار على امتداد الجغرافيا اللبنانية، إنما يفتقر الى العنصر الأساسي.
والعنصر الأساسي هو حسن التسلح. وأمر كهذا يفترض مبالغ ليست في متناول الدولة المفكّكة. فكانت هبَّة النخوة الأخوية المتمثَّلة بالهدية الثمينة التي خص بها خادم الحرمين الشريفين الجيش اللبناني ليحفظ البلد والنظام والمؤسسات والسيادة.
وإذا كان اللبنانيّون يتطلَّعون دائماً وأبداً الى عودة ذلك اللبنان الذي كان مثالاً للتآخي والتآلف والتعايش، فان انتشار السلاح بين مختلف الفئات وفي شتَّى الأرجاء أقعد الجميع في زاوية اليأس والقنوط، وعلى أساس أن لا وطن، ولا لبنان، ولا وحدة، ولا دولة، ولا استقرار إلا بـquot;تحرير الوطن من احتلال السلاحquot;، واحتلال الفوضى، واحتلال التنظيمات الإرهابيَّة والشلل الوافدة من كل حدب وصوب. وهذا واقع يدركه اللبنانيون والعرب والدول الكبرى والصغرى، شرقاً وغرباً.
إذاً، من السلاح نبدأ. من سلاح الجيش. من السلاح الشرعي الذي يتكفَّل وحده مهمة الأمن والحماية، ومسؤولية الدفاع عن الحدود والداخل.
انطلاقاً من هذه الحقائق كانت الهبَّة السعوديَّة المشكورة. وعَبْر مربط خيلنا. وبسرعة فائقة. وفق ما دار الحديث بين الملك عبد الله والرئيس هولاند وعلى أساس ان العلاقات التاريخية التي تربط باريس وبيروت، تساهم حتماً في انجاز حتى الاتفاقات الدوليّة ومجموعة الدعم التي ساهمت فرنسا في ترتيبها وإقرارها.