هالة مصطفى

أمريكاrlm;,rlm; الاخوانrlm;,rlm; جبهة الانقاذrlm;,rlm; دور الجيش في المرحلة المقبلةrlm;,rlm; هي موضوعات النقاشات الساخنة الدائرة الآن ومفادها ان أمريكا هي التي أتت بالاخوان الي الحكم ضمن صفقة اقليميةrlm;,rlm; وأنها مازالت تدعمهم علي حساب القوي والتيارات السياسية الأخريrlm;.rlm;

وأن الاخوان من جانبهم تركوا قضايا الوطن الملحة وأداروا ظهورهم لأهداف الثورة لمصلحة هدف واحد وهو التمكين أي تمكين الجماعة من مؤسسات الدولة واقصاء معارضيها, وأنهم في النهاية يعيدون انتاج الاستبداد السياسي وإن كان مغلفا بصبغة دينية.
أما جبهة الإنقاذ فهي تسابق الزمن لكي تقدم نفسها داخليا وخارجيا كبديل لحكم الاخوان الحالي. وفي خضم تلك المناقشات يأتي الحديث عن دور الجيش ويبدو الانقسام حوله واضحا بين من يأمل في عودته للادارة السياسية وبين من يخشي بشدة من هذه العودة, وفي كل الاحوال لو حدث هذا فإن العملية السياسية قد ترجع مرة أخري الي المربع رقم واحد.. هذه تقريبا هي الملامح الأساسية لمجمل الحوارات والكتابات والنقاشات المتداولة وسط النخبة وفي الشارع السياسي. ولاشك ان زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الي القاهرة أخيرا زادت من حدة هذا الجدل وهو ما بدا واضحا في كم التعليقات والاهتمام الذي اعطي لها وكذلك من مغزي وطبيعة اللقاءات الرسمية التي عقدها, وأخيرا من حديثه حول ضرورة توافق الحكم والمعارضة علي خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وليس الهدف من هذا الملمح للزيارة هو الدخول في جدل حول تدخل او عدم تدخل أمريكا في الشأن المصري الداخلي ولكن التوقف عند مسألة دعم الولايات المتحدة للاخوان التي تتردد كثيرا, اذ وفق وجهة النظر هذه, فإن امريكا تتوقع من الاخوان التعاون معها في تحقيق استراتيجيتها في الشرق الاوسط التي ترتكز بشكل اساسي حول حفظ أمن اسرائيل وتأمين امدادات النفط وطرق الملاحة العالمية وخاصة في قناة السويس, علاوة علي باقي الملفات المعروفة من مواجهة الارهاب والتصدي للبرنامج النووي الايراني وصولا الي الملف السوري وحزب الله والمقاومة الفلسطينية.
وبالفعل نجح الرئيس المصري د. محمد مرسي ذو الخلفية الاخوانية في التوسط بين حماس وحكومة اليمين الاسرائيلية لعقد اتفاق امني للتهدئة في غزة بضمانات مصرية ومباركة أمريكية. علاوة علي أن الموقف المصري من القضايا الاقليمية الأخري من سوريا الي ايران الي تركيا وقطر والخليج لا يختلف كثيرا عن خط واشنطن ــ ان سلبا أو ايجابا ــ تجاه القضايا نفسها. وهو ما يعني أنه ليست هناك فروقات جوهرية بين نظام مبارك والنظام الحالي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والاقليمية. أما علي مستوي التعامل مع الحركات الاسلامية فلا شك أن وصول الاخوان الي الحكم أسهم في اعادة صياغة شكل تلك الحركات وتوجهاتها باعتبارهم يمثلون الجماعة الأم لجميع التيارات والجماعات الاسلامية التي ظهرت منذ السبعينيات, حيث انخرطت اغلب تلك التيارات( سلفية أو جهادية أو جماعات أخري) في العملية السياسية من خلال أحزاب تعدت الـ16 حزبا بعد أن كان أغلبها يرفض فكرة التعددية الحزبية من حيث المبدأ استنادا إلي قواعد شرعية و تفسيرات فقهية كانت تتبناها في السابق.. بعبارة أخري, ان وصول الاخوان الي الحكم ينظر اليه علي انه نوع من الادماج الآمن للإسلاميين عموما في العملية السياسية وهي المعضلة التي ظلت مثارة علي مدي اكثر من اربعة عقود, وزاد منها نجاح الثورة الاسلامية في ايران, حيث قدمت نموذجا أثار من الجدل بأكثر ما قدم من اجابات حول النموذج الاسلامي في الحكم ومدي تقبله لفكرة الديمقراطية بمفهومها العصري والشامل, وخاصة في جانب الحريات وهو الجدل نفسه الذي اثارته ثورات الربيع العربي, هذه الاعتبارات قد تؤكد المعني السابق حول دعم أمريكا لحكم الاخوان. ولكن يبقي السؤال الجوهري وهو: هل هي التي دفعت بهم الي الحكم كما يتردد أم أنها سعت الي توظيف واقع قائم من منطلق براجماتي أي عملي يتعامل مع هذا الواقع بأكثر ما يعمل علي تغييره؟


واستنادا الي مسار ما بعد25 يناير فإن التعامل مع ما هو قائم هو الأقرب الي الصحة. فقدرات الاخوان التنظيمية و المالية والجماهيرية كانت تؤهلهم ببساطة للفوز في الانتخابات ــ سواء بدعم واشنطن أو دونه ــ بل إن هذا تحديدا هو ماروج له نظام مبارك نفسه مشيرا الي انهم( أي الاخوان) هم البديل الوحيد لحكمه في ظل ضعف كل الأحزاب و القوي المدنية الأخري, التي عمل علي اضعافها و تشويه صورتها بكل أدواته الأمنية والسياسية والاعلامية, المعني نفسه أكده سرعة اعتراف مدير المخابرات الراحل عمر سليمان بالاخوان والتحاور معهم كقوة رئيسية ــ ان لم تكن الوحيدة ــ القادرة علي التهدئة قبيل رحيل مبارك. ولم يختلف الأمر كثيرا ابان ادارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية التي مازال يراها الكثيرون مرحلة الصفقة السياسية بين الجانبين. والأكثر من ذلك ان كثيرا من رموز المعارضة ايد بقوة وبشكل معلن دعمه للمرشح الرئاسي الاخواني خوفا من عودة النظام القديم.
اذن تصدر الاخوان المشهد السياسي ووصولهم إلي الحكم كان متوقعا من مقدمات كثيرة أدت الي النتيجة الحالية.
وفي المقابل لم تبد المعارضة توحدا إلا بشكل متأخر و تحديدا بعد صدور الاعلان الرئاسي الاستثنائي في نوفمبر الماضي الذي تشكلت بعده جبهة الانقاذ من عدة أحزاب قديمة وجديدة تجمعت علي هدف واحد تقريبا وهو مواجهة الاخوان. واكتسبت زخما ملحوظا في تلك اللحظة بسبب رفضها ذلك الاعلان ثم لدستور الذي جاء بشكل غير توافقي وحتي قرارها الأخير بمقاطعة الانتخابات البرلمانية لتسحب عنها المشرعية والمصداقية داخليا وخارجيا. الا أن هذا الزخم لم يكن وحده كفيلا بأن يقدمها كبديل جاهز لأكثر من سبب ربما ياتي في مقدمتها غياب الانسجام الفكري بين أعضائها وأحزابها اذن بغض النظر عن اي طرف او عنصر خارجي, فإن التجربة التي تمر بها مصر الآن هي مهمة بمعايير كثيرة. فلأول مرة يختبر الاخوان والتيار الاسلامي عموما في السلطة وتقيم قدرتهم علي الادارة السياسية وعلي ارضاء المواطنين وعلي الحفاظ علي جماهيريتهم بعيدا عن الشعارات الدينية, ليكون الفيصل هو الأداء العام. والمعارضة من جانبها تخوض نضالا مدنيا ربما لأول مرة بعيدا عن الاعتماد علي الصفقات مع النظام كما كان في السابق.
لذلك تبقي تجربة مهمة لجميع الأطراف كان من الصعب القفز عليها مثلما لم تكتمل كل فصولها بعد.