حسن عبد الله عباس

لماذا العنف الطائفي في الدول الاسلامية لا ينتشر إلا بين المذهبين السني والشيعي؟ لماذا لا تدور الحروب الاهلية بين المذاهب السنية على سبيل المثال؟
لو سلطنا العدسات وكبرنا الصورة على جغرافيا المناطق الإسلامية، لوجدنا أن الحروب الطائفية كلها تركزت بين المذهبين السني والشيعي. والاقرب وضوحاً أنها حرب ظهرت فجأة بين المذهبين منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران. فأين المشكلة؟
قد تجيب أن الجمهورية الإسلامية دولة مشاغبة. فمنذ أن خرجت للوجود ظهرت النزاعات الشيعية - السنية. هذا احتمال، لكن الاحتمال الاقرب أنه متعلق بقضية الإيرانيين الأولى وهي الفلسطينية! فلو دققت بالعدسة المكبرة السابقة لرأيت أن معظم الحروب الاهلية بين الطائفتين تظهر لدى تلك المتصلة بالحدود الإسرائيلية. فمع أن السنة والشيعة يتعايشون في مواقع مختلفة، لكن الحروب الأهلية لم تظهر إلا للدول التي لها علاقات متوترة مباشرة مع الإسرائيليين. فالإمتداد الجغرافي من إيران إلى العراق إلى سورية إلى لبنان، كلها حلقات متصلة تهدد بالنتيجة الكيان الصهيوني. فهذه الدول جميعها تعاني من حروب وقلاقل داخلية!
قد تقول ولماذا المشكلة مختلفة بالنسبة لحماس؟ قبل أن أجيب، دعني أقول بأن حقيقة الأمر لا يوجد فكريا أي شيء يودي إلى الحرب بين المذهبين. فكلاهما يحمل الحب والسلام واحترام الآخر، وبفضل التراث الفكري لكلاهما استطاع علماء الفريقين أن يشكلوا لجاناً وفرق عمل ومؤتمرات سنوية للتقريب بين المذاهب، لجانب اعتراف الازهر بالمذهب الشيعي كفريق خامس يجوز التدين به. لذا التعايش سلمي هو واقعهما.
فالاحتقان لا يتشكل بحسب المذاهب، لكنه يتشكل بحسب المسافة السياسية من إسرائيل. فهل يا تُرى من الصدفة أن تظهر المظاهر المسلحة بين مكونات الشعب اللبناني والسوري، لكنه مستقر تماماً لدى الأردنيين؟ هل صدفة أن تستفحل العلاقة بين الاسلاميين والعلمانيين في فلسطين، لكنها سمن على عسل بين الاتراك؟ هل الصدفة أوجدت تعايش سلمي بين المكونات الاجتماعية في مصر مبارك، في حين مرسي laquo;يكابدraquo; ليهدئ الاوضاع؟
واضح أن افتعال المشاكل بين مكونات المجتمع الواحد هي سمة لكل من حظه العاثر ألقاه ليكون جاراً مشاغباً لاسرائيل. فالامتداد الجغرافي من العراق إلى لبنان ومرورا بسورية، هذه السلسلة يُراد تحطيمها من خلال النفخ بنار المذهبية كونها الأنشط والأسرع في الحرق والتخريب. وبما أن الفلسطينيين يفتقرون للعامل الشيعي، وُجد الاحتقان الاجتماعي بين العلمانيين والاسلاميين. فتحسبوا يا أخوة أن المذهبية ليست بأكثر من أداة لجانب أدوات أخرى بيد الادارة الإسرائيلية تستخدمها لأغراض التفوق والامتياز.