حسن عبدالله جوهر

من يتابع سير القتال الداخلي منذ أكثر من سنة ونصف يدرك أن الحسم العسكري بعيد المنال سواء للقوات النظامية أو المعارضة المسلحة، ولا يبدو في الأفق أي مؤشرات على قرب انتهاء المعارك التي سوف تستمر بالتأكيد لحين القمة الأميركية-الروسية في شهر يونيو القادم على أقل تقدير.

استقالة الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي إلى سورية تؤكد حقيقة مميتة، وهي ترك هذا البلد الممزق ليكون مقبرة للجميع بلا استثناء، فهذه الاستقالة هي بمنزلة الضوء الأخضر لمزيد من التصعيد العسكري والعمليات الميدانية التي شلت سورية وما فيها لحد الآن.
ومن يتابع سير القتال الداخلي منذ أكثر من سنة ونصف يدرك أن الحسم العسكري بعيد المنال سواء للقوات النظامية أو المعارضة المسلحة، ولا يبدو في الأفق أي مؤشرات على قرب انتهاء المعارك التي سوف تستمر بالتأكيد لحين القمة الأميركية-الروسية في شهر يونيو القادم على أقل تقدير.
وأرض المعركة في سورية تحولت إلى ميدان للحرب الطائفية وقتال التيارات السياسية ومواجهات إقليمية لدول الجوار السوري، والنتيجة المؤكدة من هذا الصراع هي استنزاف القدرات الحربية وتصفية الميليشيات المسلحة التي لم تتفق على شيء سوى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، رغم الخلافات المذهبية العميقة والمواجهات الفكرية والسياسية المتضاربة بينها.
وسواء كان المحاربون بالوكالة على الخط الإيراني وحلفائه من جهة أو على الخط الخليجي والتركي الحاضن للمقاتلين الجهاديين من كل مكان في العالم العربي ووسط آسيا وأوروبا، فإن مصيرهم واحد وهو التصفية المتبادلة لكلا الطرفين.
ولهذا لا نستغرب الموقف الأميركي والبريطاني الحازم لحد الآن ضد التدخل العسكري الخارجي لحسم الأمور، وكذلك التحول في المسار الأوروبي في كيفية تزويد المعارضة السورية المسلحة بالمعدات الثقيلة، واكتفاء تركيا وبعض دول الخليج بتمويل المعارضة مالياً والتعبئة السياسية والشحن الطائفي مع التنظيم المتواصل لإخلاء العديد من المدن السورية تمهيداً لعسكرتها بالكامل.
هذا كله من جهة، ومن جهة أخرى الموقف الروسي الصيني الصارم لإجهاض أي مشروع أممي أو عسكري حاسم، في ظل الخلافات العميقة أيضاً في صفوف المعارضة السياسية وبعدها شبه الكامل عن صولات وجولات الجيش الحر بقيادة جبهة النصرة، كلها مؤشرات إضافية على نظرية الفوضى الخلاقة التي تبدو فرضياتها ومنهجها العملي ونتائجها مصممة على هكذا مجزرة ينفذها الجميع رغم درايتهم الكاملة بالعواقب كلها.
وإذا ما استمر هذا المشهد فقد نجد القتال الصريح والمباشر بين الفصائل الفلسطينية ضد بعضها بعضاً وبين حماس وحزب الله حتى تستأصل جذورهم معاً تمهيداً لإعادة رسم الخريطة الجغرافية لعموم المنطقة وترشيح نخب سياسية جديدة تبرز وتتسلق على جماجمهم جميعاً!