سمير عطا الله

تابعت قضية خطف الجنود المصريين السبعة بلهفة وليس كصحافي. فماذا يريد الخاطف أن يقول لنا ولمصر عندما يتحدى أقوى قوة عسكرية في الشرق العربي؟ وكيف سيرد الجيش المصري على الإهانة؟ في النهاية سمعت الرئيس محمد مرسي يعلن، في صوت شديد ومرتفع، أنه تم الإفراج عن الرهائن. كيف؟ من ضمن laquo;قيادة مشتركةraquo;؟ مشتركة مع من؟ وكيف يتساوى الخاطف والمخطوف، فيتم الإفراج عن الاثنين معا؟ نهاية سعيدة أم محزنة؟

عندما خطف فلسطينيون طائرة مصرية إلى قبرص أرسل أنور السادات فرقة عسكرية لتحرير ركابها. كانت النتيجة سيئة: سقط عدد كبير من الضحايا، خصوصا المدنيين. لكن الرسالة كانت واضحة: سواء قتل أو بقي حيا، لا أحد يخطف المواطن المصري. في سيناء الجندي المصري يقتل مرة، ويخطف مرة، ثم يخرج بـlaquo;قيادة مشتركةraquo;. ليس في الذاكرة تعثر للدولة المصرية كما هو الآن. أيام عبد الناصر خفت المؤن لكن لم ينخفض الأمن ولا الكهرباء. وأيام السادات قلّت الحريات لكن لم تقل الهيبة. وأيام مبارك ازداد الفساد لكن لم تسقط الدولة في قيادة مشتركة في مسلك لا يتبعه سوى الخارجين عن القوانين.

فعل الحكم الجديد ما فعله الأميركيون في العراق: فككوا القيادات العسكرية من دون سبب شرعي واحد. المجلس العسكري هو الذي أوصل، عمليا، laquo;الإخوانraquo; إلى الحكم، وكانت أول خطوة للرئيس الجديد إزاحته وملء المناصب الأمنية برجال يراهم البعض بأنهم محدودو الخبرة. وألهيت مصر بمحاكمة حسني مبارك، وأحرقت مكاتب أمن الدولة، وشرشحت صورة وزير الداخلية الذي وقف ساهما وراء القضبان بينما الناس يُقتلون في الملاعب ويُسرقون في البيوت والشوارع.

يشبه ذلك قانون العزل في ليبيا، هذا هو رد laquo;الثورةraquo; على الرجل الذي أقدم على عزل الشعب الليبي برمته، إلا من أبنائه وأبناء عمومته. بموجب أي قانون يمكن أن تعاقب غير المذنبين الكبار في دولة الأخ القائد؟ الحكام الجدد مستعجلون على السلطة في بلاد الربيع لا على إقامة الدولة. ومؤسف أن يحل الأمن الفاشل محل الأمن المبالغ فيه، في عموم دول الربيع. كما لا يمكن للدول أن تعيش في أمن قاهر، ولا يمكنها أن تحيا في أمن مشترك. لا شريك للدولة في أمنها. يكاد اليمن يكون أفضل من مرّ بمرحلة ما بعد الربيع: laquo;تنقلاتraquo; لا انتقامات. وهنيئا لنجل علي عبد الله صالح بمنصب السفير لدى الإمارات: بلد مريح ومجالس طيبة.