صالح القلاب

حتى إنْ استجدَّتْ معجزة وانعقد المؤتمر الدولي الذي تم الاتفاق على خطوة عقدهِ من قبل الولايات المتحدة وروسيا، والذي أُطلق عليه اسم quot;جنيف2quot;، فإن نجاحه غير مضمون على الإطلاق، لأن هناك تفاصيل كثيرة، ولأن المثل يقول: quot;إن الشياطين تكمن في التفاصيلquot;، ومن بين هذه التفاصيل وفي مقدمتها وضْعُ الرئيس السوري بشار الأسد خلال المرحلة الانتقالية التي هي بدورها غير واضحة وعليها خلافات كثيرة.
بصورة عامة فإن لقاء عمان، الذي تم يوم الأربعاء الماضي بحضور أحد عشر وزير خارجية يمثلون الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وتركيا، والأردن، والمملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات المتحدة، والكويت، وبحضور وفد من المعارضة السورية، وافق على عقْد هذا المؤتمر، وقد أجمع مَنْ حضروه على أن بشار الأسد لا مكان له في المرحلة المقبلة، وأن حكومة الوحدة الوطنية التي ستتشكل لإدارة شؤون البلاد لفترة يتم الاتفاق عليها ستتمتع بصلاحيات كاملة، وأن مسؤوليتها ستشمل الجيش والأجهزة الأمنية وكل شيء.


لكنَّ الواضح أن الروس لايزال لديهم موال آخر، فوزير الخارجية سيرغي لافروف قال في تصريحات أخيرة إنَّ الحل السياسي المنشود للأزمة السورية سيتم خلال القمة المقررة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما، وهذا يعني أنَّ مؤتمر quot;جنيف2quot;، الذي تقرر عقده بين العاشر والخامس عشر من الشهر المقبل سيكون مجرد قفزة في الهواء، وانَّه لن يكون أكثر من quot;حركة بلا بركةquot;.
إنَّ الروس حتى هذه اللحظة لم يتزحزحوا عن موقفهم السابق القائل باستمرار بشار الأسد حتى نهاية ولايته الحالية في عام 2014، والقائل أيضاً بإمكانية ترشحه لانتخابات جديدة، والمتمسك بما يعتبره ضرورة أن تكون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية خارج صلاحيات الحكومة الانتقالية التي سيكون تشكيلها مناصفة بين المعارضة والنظام مسألة في منتهى التعقيد والصعوبة.
وبهذا فإنه لا يمكن القول إن الأزمة السورية دخلت دائرة الحل السياسي المرجو بالفعل، فالآراء بين المعارضة والنظام لاتزال متضاربة ومتباعدة وبعيدة جداً عن إمكانية الالتقاء عند نقطة معينة، بينما الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة تدخلاً سافراً في هذه الأزمة كل طرف منها يغني على ليلاه، ويتمسك بالنظر إلى الأمور من زاوية مصالحه الخاصة.
وحقيقة انَّ فكرة عقد المؤتمر الدولي quot;جنيف2quot; كانت صفقة غير ناجحة بين موسكو وواشنطن، وان هذه الفكرة أرادها الأميركيون لإيجاد مبرر مقنع للقاء صقورهم وحمائمهم على موقف واحد موحد تجاه الأزمة السورية وكيفية التعاطي معها، بعد أن تحولت سورية إلى ساحة لصراع إقليمي ودولي يبدو أن نهايته بعيدة جداً، وبينما أراد الروس هذه الفكرة كمناورة لإلقاء مسؤولية التشدد على المعارضين السوريين وبعض الدول العربية، ولذلك فإنه يمكن القول إن مثل هذا المؤتمر لن يكون أكثر من مجرد قفزة في الهواء، ومجرد مناورة روسية لإعطاء بشار الأسد وحلفائه المزيد من الوقت للاستمرار في حربهم المسعورة، وحسم المعركة لجهة بقاء هذا النظام سنوات طويلة!.