بيروت - غالب أشمر

فيما سلك خيار التمديد للبرلمان اللبناني طريقه ربطاً بالواقع الميداني المتمثل بالحوادث الأمنية المتنقلة، وتجنباً للفراغ في السلطة التشريعية، الذي أجمعت غالبية الأطراف السياسية على أخطاره، بعد الإخفاق في إنتاج قانون جديد للانتخابات، باتت الأنظار شاخصة في اتجاه قرار المجلس الدستوري الذي ينظر في الطعنين بالتمديد، المقدمين له من كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس تكتل laquo;التغيير والإصلاحraquo; النيابي ميشال عون، لمعرفة مصير التمديد للبرلمان، والبناء عليه انتخابياً وحكومياً.

وفي هذا السياق، رأى عضو تكتل التغيير آلان عون في حديث إلى laquo;الحياةraquo;، أن المجلس الدستوري laquo;أمام خيارين: إما أن يتحمل مسؤولياته ويغير مسار الجمود الحاصل وينقذ الديموقراطية فيدخل التاريخ، أو أن يضيع الفرصة فيكون أطلق رصاصة الرحمة على صدقيته ووجوده، ويذهب نحو الانهيار، بسبب التجاذب السياسي والطائفيraquo;.

ولا يعتبر عون أن laquo;موقف laquo;التيار الوطني الحرraquo; المتمايز عن الحلفاء في 8 آذار وخصوصاً laquo;حزب اللهraquo; و laquo;تيار المردةraquo; في موضوعي التمديد للبرلمان والطعن، بلغ درجة laquo;الخلاف جوهرياًraquo;، عازياً ذلك إلى laquo;تقديرات وأوليات مختلفة لدى كل فريق، أظهرت هذا التباين، الذي بقي محصوراً في هذا الشأنraquo;. ويقول: laquo;في كل محطة يحصل فيها نقطة تباين تتبعها مصارحة ومراجعة، والاتصالات لم تنقطع وهي موجودة على أكثر من مستوى. وتميزنا عن الحلفاء إيجابي ويدل على أن لا تطابق عملياً في كل شيء ولا تبعية من فريق لآخر بخلاف ما يشاع، بل استقلالية في القرار عندما تختلف التقديراتraquo;.

وعن القول إن رئيس الجمهورية يريد التمديد، فلو صح هذا الأمر ألا يجب أن يراعي كل الأطراف، فيما مواقفه لا تدل على أنه كذلك؟ يجيب عون: laquo;لم يصدر عن laquo;التيارraquo; أي موقف يشير إلى أن الرئيس ميشال سليمان يريد التمديد، وهو أعلن ذلك بنفسهraquo;، ويعقب قائلاً: laquo;موقف الرئيس من رفض التمديد للبرلمان ثم الطعن فيه كان صائباً، وإن كان كل منا جاء من طريق مختلف، لكن التقينا معه على تقاطع واحد في هذه النقطة، وهذا موقف مشرف يسجل لرئيس الجمهورية من عملية التمديدraquo;.

وعون الذي يعبر عن laquo;وجود مخاوف وهواجس لدى laquo;التيارraquo; من حصول ضغوط على المجلس الدستوري تحول دون قبول الطعنraquo;، يأمل في laquo;ألا يتأثر أعضاء المجلس بهذا الأمر، لأنهم فوق الإغراءات الآن، إذ ليس في إمكان أحد أن يعيد النظر بعضويتهم لكونهم منتخبين وبالتالي ولايتهم غير قابلة للتجديد، لذا يجب أن يكونوا بمنأى عن أي ضغط من المرجعيات التي أتت بهمraquo;. ويستدرك قائلاً: laquo;لو لم يكن ثمة تخوف من أن يخضع بعض الأعضاء لضغوط بعض المرجعيات الطائفية أو السياسية، لما كان توجه إليهم رئيس الجمهورية بالقول: laquo;كونوا ناكري الجميل للمرجعيات التي جاءت بكمraquo;.

ولا يجد عون في كلام laquo;التيارraquo; عن حتمية قبول الطعن laquo;تهويلاً على المجلس الدستوريraquo;، ويقول: laquo;نحن لم نطلب قراراً يناسبنا. هناك قانون صدر بتوافق بين قوى التمديد، وهي شرعته لنفسها، وتحاول أن تشرع ذلك برد الطعن. نحن لدينا ثقة بأحقية مطلبنا ودستوريته وعدم قانونية ما حصل في البرلمان. والطعن الذي تقدمنا به سليم وغير قابل للتأويل وللجدل وللشك، و laquo;التيارraquo; لم يفصل شيئاً على قياسه، إذ إن رفض التمديد والذهاب إلى الانتخابات هما لكل القوى السياسيةraquo;.

واذ ينفي عون أن يكون laquo;التيارraquo; يستخدم معارضة التمديد للكسب الانتخابي، يؤكد أن laquo;هدفنا تغيير القانون وإجراء الانتخابات وتداول السلطة وتغيير التوازن داخل المجلس النيابي لمصلحة من يريد فعلاً تغيير قانون الانتخاب وليس لمصلحة قوى الجمود التي حالت دون تغييرهraquo;. ويشير إلى أن laquo;لديهم شكوكاً بأن الواقع الأمني مفتعل من أجل تبرير التمديدraquo;. ويلفت إلى أنه laquo;لو صح هذا الأمر في منطقة معينة فهو لا ينسحب على كل المناطق، مذكراً بالانتخابات البلدية التي أجريت أخيراً في عكار وكانت تعتبر منطقة توتر، laquo;لذا لا أستبعد أن تكون عملية تسخين الوضع في منطقة طرابلس، من أجل التمديد، لكن هذا لا يبرر إلغاء الانتخابات برمتهاraquo;. سائلاً: laquo;إلامَ استند تبرير هذا الظرف الاستثنائي وربطه بمدة 17 شهراً؟ فلتملك قوى التمديد الشجاعة وتقول إنه يرتبط بالوضع السوري، أو لأسباب سياسية. ولكن، لا علاقة للتمديد بالحرص على قانون الانتخاب والديموقراطية ولا بالوضع الأمنيraquo;. وعما إذا كان يعتقد أن تمديداً تقنياً وقصيرا يتيح الوقت للتوافق على قانون جديد، يقول عون الذي كان عضوا في لجنة التواصل النيابية، المشكلة في الوقت: laquo;كان لدينا الوقت الكافي خلال أشهر داخل اللجنة الفرعية، لكن المشكلة في غياب الإرادة، فالقوى الحالية بتوازناتها القائمة في المجلس النيابي، لا تسمح بإنتاج قانون جديد للانتخاباتraquo;.

ويشدد عون على laquo;الحاجة القصوى لتشكيل حكومة وحدة وطنية سياسية سريعاً من دون إقصاء أي فريق، وبعيداً من كل الحسابات السياسية، لمواجهة تداعيات ما يحصل في سورية، والتدهور الأمني في لبنان. وإذا كان رئيس الحكومة المكلف تمام سلام يريد فعلاً حكومة مصلحة وطنية، فهذه المصلحة تقضي بأن يرأس حكومة من كل الأطراف والجلوس إلى طاولة واحدة إذ لا مفر في هذه المرحلة الدقيقة من حكومة وحدة وطنية من دون تصفية حسابات سياسية ولا انتخابية، بحيث إن أي قرار يتخذ يكون صادراً عن سلطة تنفيذية يتحمل فيها الجميع مسؤولية مشتركة، وهذا يساعد على استيعاب الأحداث ويحافظ على الاستقرار ويريح البلدraquo;.

وقي سياق آخر يرى عون أن laquo;دورنا السياسي كمسيحيين أساسي للتخفيف من التوتر المذهبيraquo;، ويقول: laquo;في الصراع السياسي الحقيقي الحاصل وتحديداً في الانتخابات، الساحة المسيحية هي التي تسمح بامتصاص الاحتقان، وتعزيز الدور المسيحي لإبقاء اللعبة في إطارها السياسي البحت وليس المذهبي، يتطلب تفعيل الساحة المسيحية عبر زيادة حجمها وتفعيل تمثيلها وتوسيع المساحة التي يجرى فيها تنافس مسيحي - مسيحي، إذ إن التوتر السنّي - الشيعي ينفس من خلال التحالفات والتنافس السياسي والانتخابي بين المسيحيينraquo;.

ويلفت عون إلى أن laquo;مقاربة laquo;حزب اللهraquo; لموضوع انخراطه بالقتال في سورية من باب المشاركة الوقائية لمنع حدوث مشاكل في لبنان قابلة للنقاش، أو الاقتناع من البعض وعدم الاقتناع من البعض الآخر. لكن المهم وتحديداً عند المسيحيين ومنهم جمهورنا هو عدم انعكاس الأزمة السورية على لبنان، إلا أن خيارنا الأمثل الذي نراه هو أن يحصل نأي حقيقي من الجميع من دون استثناء وفي جميع المناطق، وتحييد لبنان سياسياً وميدانياً وعسكرياً ورسمياً، عما يحصل في سورية، وأن تقوم الدولة بدورها على الحدود لسد الثغرات التي يملأها حكماً المقاتلون من هنا وهناك، لئلا تتفلت الأمور من أيدينا في لحظة معينة فيصعب حينها إطفاء الحريقraquo;.