عماد المهدى

ليس بجديد القول إن القاعدة الحاكمة في العلاقات الدولية انه لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وإنما مصلحة دائمةrlm;,rlm; ورغم اختلافنا مع هذه القاعدة إلا ان النهج الذي سارت عليه العلاقات المصرية الإيرانية خلال حكم الرئيس محمد مرسي اكد علي تطبيقهاrlm;.rlm;

فالتقارب الإخواني الإيراني الذي حذرنا منه كثيرا بل وتم اتهامنا بقصور في الفهم السياسي وعدم ادراك لمقتضيات المصلحة القومية حينما رفضنا النتائج المترتبة علي مثل هذا التقارب وكان أبرزها في مجال السياحة الايرانية وتحديدا سياحة الشيعة الي مصر تحت مزاعم دعم الاقتصاد الوطني, إلا ان من يطلع علي الموقف الايراني مما حدث في الثلاثين من يونيو يعكس بجلاء كيف تدير ايران علاقاتها الخارجية, ففي الوقت الذي سارعت فيه طهران علي لسان مرشدها الاعلي علي خامنئي بالترحيب بثورة الخامس والعشرين من يناير محاولا ان يوجد صلات بينها وبين ثورة1979, إلا انه مع وصول مرشح الجماعة الي كرسي الرئاسة بدأ نسج خيوط من العلاقات المعلنة وغير المعلنة مع الدولة الإيرانية, وهو أمر لا نعارضه من حيث المبدأ كون انه من المهم لاية دولة ان تكون لها علاقات رسمية مع بقية بلدان العالم شريطة ان تكون قائمة علي الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئونها الداخلية.
ويعني ذلك انه اذا كان مقبولا ان توجد علاقات رسمية بين مصر وإيران إلا انه من غير المقبول ان يكون هناك وجود إيراني- شيعي يحاول ان يتغلغل في النسيج المجتمعي تحت مزاعم حب آل البيت مستفيدا في ذلك من العاطفة الدينية الجياشة للشعب المصري كونه شعبا متدينا بطبعه, وهو ما حذرنا منه كثيرا. ولكن ما يلفت الانتباه رد الفعل الايراني علي ما جري في الثالث من يوليو, ففي الوقت الذي لم تعبر فيه ايران الرسمية عن موقف محدد حيال هذه الاحداث سواء بالتأييد او الرفض, وهو ما يمكن تفسيره في ضوء حرص المسئولين الايرانيين ألا يخسروا أيا من الطرفين اذا ما حسم الموقف لصالحه, وذلك علي العكس من الموقف التركي الذي عبر عن رفضه المطلق لما حدث واعتبره انقلابا عسكريا وإن كان هذا الموقف متفهم في ضوء المرجعية الواحدة للنظامين الحاكمين في تركيا ومصر وكذلك في ضوء الموقف الداخلي التركي, إلا انه من غير المتفهم الصمت الايراني الرسمي علي هذه الأحداث, بل مما يزيد الامر التباسا ذلك الموقف الذي عبر عنه أحد الاقطاب الايرانيين أحمد جنتي خطيب جمعة طهران وأمين عام مجلس صيانة الدستور المحسوب علي المرشد الأعلي, حيث ذكر أن الاخوان قدموا مساعدات الي إسرائيل فأغلقوا أنفاق غزة وأيدوا معاهدة كامب ديفيد, واستمروا بضخ النفط الي إسرائيل, وهذه الأعمال تكررت الي أن نشأت حركة تمرد. وأن60% من الشعب المصري هم أعضاء في حركة تمرد, وهم يؤكدون أنهم مسلمون ومناهضون لأمريكا وإسرائيل, ويريدون أن يبقوا مستقلين.
في حين يقف البعض في مواجهتهم علي الجانب الآخر.. هذا ليس أمرا جيدا, فالقراءة المتأنية لهذا القول الذي حرصت علي نقله كما ورد عنه حتي لا يحدث خلطا او التباسا لدي احد, تكشف عن الكيفية التي تدار بها السياسة الايرانية في علاقاتها الخارجية, فصحيح انه لا يوجد موقف رسمي تعليقا علي الاحداث إلا انه من غير الصحيح عدم اعتبار هذا التصريح الصادر من احد القيادات التي تتولي منصبا مهما في هيكل النظام الايراني معبرا عن رؤيته الشخصية, وإنما هي لعبة السياسة حتي لا تخسر اي من الاطراف هذا من ناحية. ومن ناحية أخري, تعكس هذه التجربة في الوقت ذاته سوء ادارة حكم محمد مرسي لملف سياسة مصر الخارجية وعلاقاتها الدولية, كما كان الامر علي المستوي الداخلي سواء في تحقيق اهداف وطموحات وتطلعات ثورة الخامس والعشرين من يناير او في ادارة علاقة النظام الحاكم بمختلف قوي وفئات المجتمع وتركيباته وتكويناته السياسية والاجتماعية.
خلاصة القول ما تعيشه مصر اليوم من حالة انقسام واستقطاب شديد تنذر باحتراب اهلي ما لم يدرك الجميع أن مسئولية الحكم وادارة المجتمع تحتاج الي حكمة وحنكة ومهارة وليس الي تشدد واستعلاء واقصاء واستبعاد لاي طرف. فتجربة حكم الاخوان المسلمون اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان التوافق المجتمعي شرط اساسي لنجاح الدولة والعبور من مراحل الخطر التي تهدد وجودها وكيانها وتهدد كيان المجتمع وتماسكه.