فاتح عبدالسلام


يبدو إنَّ ملف الفساد في العراق جرى طيّه على نحو متقن وبمهارة عالية لا تثير حفيظة أحد. بعد سنوات من عدم قدرة الحكومات المتعاقبة في العراق من ضبط مسؤول واحد ومحاسبته بسبب عمولات مالية وصفقات وهمية وهدر المال العام، بات الملف خارج التعاملات السياسية أو في مواسم معينة ولا صلة له بعرقلة أي جهد سياسي أو وزاري أو إداري. حيث تدور الاتهامات حول أي مسؤول في نواحٍ شتى أغلبها يتعلق بالولاء بالحزب الحاكم أو العملية السياسية أو شخصية معينة وإذا نجا المسؤول من هذه التهم فإنّه ناجٍ من ملف الفساد حتماً.


هناك لجان وهيئات نزاهة برلمانية وحكومية لكن هناك في المقابل طرائق متقنة في تمرير الرشى والعمولات بما يضرّ مصالح البلد من دون إمكانية جعل تلك الحالات قابلة للمحاسبة.
كلّما ارتفعت وتيرة الاهتمام بملاحقة مسؤولين فاسدين ترتفع إزاءها أصوات الدعوات لتصعيد الحملات ضدَّ الإرهاب الذي لا يعني من قريب أو بعيد الفساد والفاسدين حسب القاموس الرسمي.
لا تأتي خطورة الفساد من باب هدر أموال العراق فحسب، وإنّما الفساد المالي الكبير مؤشر على عدم إيمان أي مسؤول بانتمائه للعراق وعدم رغبته أو استعداده للتضحية في سبيله، أعرف أنَّ كلمة التضحية كبيرة، وقد تبدو مضحكة لأنّه توجد إمكانية لقرنها بأي مسؤول، ويمكن تخفيفها بالقول عدم العمل من أجل مصالح البلد.
المناصب غنائم شخصية وهذا باب مفتوح لم يعد يثير حفيظة أحد. لكن كون المناصب غنائم سياسية هذا ما يثير التنافس لأسباب تتعلق غالباً بضغوط وتدخلات خارجية، لا سيما عندما يكون المسؤول أو الوزير ممثلاً غير رسمي لجهة خارجية. وما أكثرهم في العراق.