أحمد الفراج

أعترف من هذا المنبر أنني أشفقت على الشيخ يوسف القرضاوي، وذلك عندما رأيت المقطع الذي هاجم من خلاله بعض دول الخليج، بعد دعمها لمصر، فقد بدا في حالة شبه هستيرية، وهو يتحدث بما يشبه الهذيان، والحق يقال: إنه كان يتحدث بعفوية، وكأنه laquo;يفضفضraquo; عما يختلج في صدره، فليس سهلا أن يعمل الإنسان طوال عمره على نجاح مشروع معين، ثم فجأة يرى هذا المشروع ينهار أمام ناظريه، وعلى الفور تذكرت الفارق بين رحلتين قام بهما الشيخ إلى القاهرة، ففي عام 2011، وبعد تنحية مبارك من قبل الجيش المصري، وصل الشيخ إلى ميدان التحرير بطلا، وخطب هناك، وحينها لم تكن الجماهير تعلم عن المخطط الخفي لما قيل: إنه ثورة، وهو المخطط الذي كان القرضاوي أحد أركانه، ثم كانت الرحلة الثانية في 2013، وذلك بعد أن تكشفت حقيقة التنظيم، وثار معظم الشعب المصري عليه، فحينها كان الشيخ منكسرا، وربما كان يعلم في قرارة نفسه أن مشروع laquo;الخلافةraquo; الذي عمل عليه طوال حياته قد انهار إلى الأبد.

ما يثير الانتباه، ويستحق الحديث هو حلفاء الشيخ القرضاوي في هذا التباكي على سقوط تنظيم الإخوان، فمن المثير، والمحير، وما هو حقيق بأن يفتح شهية كل إعلامي محترف، أن الأطراف التي تشارك الشيخ في تباكيه على سقوط التنظيم لا تخطر على بال أحد، ويأتي على رأسها جريدة هارتس الإسرائيلية!، فهي، ومنذ سقوط التنظيم في حالة استنفار، ولطم،وحزن عميق، وقد جندت خيرة صحافييها، وأبرز كتابها لهذا الغرض، ولا يمكن لصحيفة إسرائيلية أن تتباكى على سقوط مرسي، إلا أن يكون وراء الأكمة ما وراءها، فمن يا ترى يشارك الشيخ القرضاوي، وجريدة هاريتس في حفلة اللطم على سقوط تنظيم الإخوان في مصر؟!

الصدمة المدوية لسقوط التنظيم بسرعة مذهلة، وما أعقبها من حزن، ولطم شارك فيها أيضا معظم الإعلام الإسرائيلي، وإن كان بدرجة أقل من صحيفة هاريتس، وصدق أو لا تصدق أن جريدة الواشنطن تايمز الأمريكية اليمينية، وقناة فوكس اليمينية العنصرية لا زالتا تلطمان على سقوط تنظيم الإخوان!، وبالطبع يشاركهما معظم الإعلام الأمريكي الحر، بصحافييه، وكتابه المرموقين، ولا بد والحالة هذه أن يتساءل الإنسان عن سر هذا الدفاع المستميت من قبل الإعلام الغربي، والإسرائيلي عن تنظيم يفترض أنه ديني، أو إسلامي إن شئت الدقة، والإسلاموية -كما يعلم الجميع- كانت إلى وقت قريب تثير الريبة والرعب لدى الغرب، وإعلامه!، وربما أن الإجابة لم تعد خافية على أحد، وذلك بعد التسريبات التي ظهرت على السطح منذ سقوط التنظيم!، وهي التسريبات التي سيكون لها ما بعدها، ولعلنا نتحدث عنها في مقال قريب، ولعل من المؤلم -حقا- لمحبي الشيخ القرضاوي أن يأتي اليوم الذي تختلف فيه رؤيته للأحدث في العالم العربي مع معظم الشعب العربي الباحث عن الحرية، والعدالة، خارج إطار الإيديولوجيات، وتتفق -ذات الرؤية- مع جريدة هارتس الإسرائيلية، ويا له من ألم.