راجح الخوري

قبل ان تدخل كاثرين اشتون للقاء محمد مرسي كانت الرئاسة المصرية تعلن ان ليس لديها أي معلومات عن وساطة تقوم بها الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، quot;ونحن لسنا في اطار صراع دولي فالأمر كله داخلي وبالتالي يحلّ داخلياًquot;.

طبعاً ليس خافيا على الرئاسة المصرية ولا على الجيش ان اشتون لم تأت ممثلة مرجعية دولية ذات فعالية لتحل ازمة مصر، ونحن في منطقة لم يتردد وزير من طراز وليد المعلم، في شطب القارة الاوروبية عن خريطة العالم، وهو ما كرره السيد حسن نصرالله قبل ايام!
الواضح ان مهمة أشتون هي من تجليات الديبلوماسية الاميركية التي سبق لها ان واجهت ابواباً مغلقة عندما وصل وليم بيرنز الى القاهرة قبل اسبوعين محاولاً تعويم quot;الاخوان المسلمينquot; بالدعوة الى اطلاق محمد مرسي، في وقت كان الملايين الـ33 الذين خرجوا مرتين صارخين quot;ارحلquot; ولم تلاحظهم واشنطن، في حال من الغضب على السفيرة الاميركية آن باترسون، التي لم تتوان عن دعوة مرسي الى مواصلة الحكم من ميدان رابعة العدوية، بما اكد الانحياز الى quot;الاخوانquot; في سياق مخطط اميركي - اسرائيلي يسر قلب ايران، هدفه أخونة المنطقة، وإن لم يتم الامر بسهولة على ما يظهر الآن في مصر وتونس وليبيا، تكون النتيجة قيام حروب وصراعات ستفضي الى التقسيم الذي يرسم حدود شرق اوسط اسلامي جديد متصارع!
ربما لهذا لم تتردد الرئاسة المصرية في الاعلان منذ اللحظة الاولى انها تستمع الى زائري الدولة وتقدر العلاقات مع الدول الخارجية ولكن quot;لا يتصور احد اننا اسرى الضغط الخارجي... وان ما يحكمنا هو البيت المصري وليس البيت الابيضquot;. ورغم هذا عندما يعلن باراك اوباما بعد ساعات من مغادرة اشتون القاهرة من دون التوصل الى نتيجة تفضي الى اطلاق مرسي وتعويم quot;الاخوانquot;، انه قرر ارسال جون ماكين وليندسي غراهام وهما من البارزين في الكونغرس الى القاهرة للتوسط بين طرفي النزاع، فمن حق المراقب ان يتساءل: هل تعرف واشنطن فعلاً رأي الشعب المصري وهل تحترمه، وهل تتذكر كل مزاعمها عن الحرية وحقوق الشعوب؟
واذا تذكرنا ان السيدة اشتون حملت معها quot;خريطة طريقquot; للحل تناقض quot;خريطة الطريقquot; التي اقترحها الجيش وتبنتها الرئاسة والحكومة الانتقالية والتي دعت الجميع الى حوار مصالحة وطنية بمن فيهم quot;الاخوانquot; الذين رفضوا، فماذا يريد البيت الابيض ان يثبت، وهل يظن ان من الممكن تعويم مشروع أخونة الشرق الاوسط وزجّه في صراعات مدمّرة؟
والسؤال الأهم: من الذي يحرض quot;الاخوانquot; ويوحي لهم ان في الإمكان العودة الى الوراء، وهل كانوا تمترسوا في رابعة العدوية لولا تشجيع السفيرة الاميركية؟