بسام البدارين

يحاول بعض أركان البرلمان الأردني بعد حادثة الكلاشينكوف البشعة تجاهل وقائع حالة الإستقطاب والتجاذب الحادة تحت قبة البرلمان وفي إطار العلاقة بين السلطتين لحساب الإحتفال فقط بسلسلة الإجراءات الحازمة التي إتخذت في معالجة الحادثة المشار إليها.


بالنسبة للناشط السياسي البارز خالد رمضان إطلاق الرصاص تحت القبة من قبل نائب على زميل له lsquo;فرديةrsquo; تماما وينبغي أن لا يتم إسقاطها بحال من الأحوال على مستويات خارج سياق الخطأ الفردي.
رمضان يعترض ضمنيا في مداخلته على فيس بوك على محاولات لتسييس الحادثة ومنحها زخما أبعد من سياقها الجنائي الفردي وهو موقف موزون توافق معه غالبية أعضاء البرلمان وهم يعالجون المسألة.
لكن بالنسبة لقادة مهمين في السياق البرلمان ثمة إشارات محددة بإتجاه بعض الأعضاء الذين يساهمون في تأزيم المشهد البرلماني والمساس بهيبة مؤسسة التشريع بسلسلة متناهية من التصرفات غير اللائقة التي تم السكوت عليها فعليا وعدة مرات. هؤلاء معروفون للرأي العام ولجميع الأطراف ولم يصدر أي قرار سياسي لمنح غطاء لقمع تصرفاتهم ولجمهم.
عضو البرلمان محمد حجوج يطالب وعبر lsquo;القدس العربيrsquo; بتفعيل المواد الدستورية في مواجهة الأحداث المؤسفة التي تعصف بالحياة الديمقراطية.
لكن في مستويات قريبة من المكتب الدائم لرئاسة مجلس النواب برئاسة المهندس سعد هايل السرور ثمة ما يقلق في بروز مؤشرات بين الحين والأخر على أن الحكومة تناور أحيانا في مساحة الإستقطاب والتجاذب وبشكل يدفع للتأزيم في هذا الإتجاه.
التعليقات يخفيها أركان المجلس ويبقونها في دائرة التهامس لكنها تتقصد توجيه البوصلة نحو خبرات رئيس الوزراء عبدلله النسور المتراكمة في العمل البرلماني وإحتمالية وجود إتجاهات حكومية للرد على شراسة بعض النواب ضد الحكومة ورئيسها بإستقطاب نواب من صف آخر يدافعون عن الجهتين.
في جلسة خاصة لإحدى غرف القرار إنتقد رئيس المجلس سعد هايل السرور تشكل ظاهرة التحشد البرلماني للدفاع بحماس عن الحكومة وبطريقة إستفزازية أحيانا من قبل بعض الأعضاء المقربون من رئيس الحكومة.
مشكلة الكلاشينكوف الأخيرة السبب المباشر لبروزها كانت محاولة متكررة من النائب المشاكس يحيى السعود لمقاطعة رئيس الحكومة في إطار حرب علنية يشنها الأخير على النسور.
ويبدو أن مشاجرات سابقة بين النواب أنفسهم ولدت على نفس الخلفية فالمسدس في المرة الأولى قبل حادثة كلاشينكوف ظهر على خصر أحد النواب في إطار مشاجرة سببها الهجوم على رئيس الحكومة ومحاولة نواب أخرين الدفاع عنه.


في تلك الحادثة وعلى هامش أجواء الإنفعال كان المزاج البرلماني يتجه لمخالفة دستورية بعنوان مناقشة مسألة الرصاص والسلاح على جدول أعمال دورة إستثنائية لكن نائب رئيس المجلس خليل عطية نبه الجميع للمخالفة لافتا لضرورة الإتصال بالقصر الملكي.


بالفعل نظمت إتصالات سريعة بين سرور ورئيس ديوان الملك فايز طراونه قبل إستقبال الملك للأول وولادة إرادة ملكية إحتوت تأزم الموقف بسرعة وفعالية.
الإنحيازات بالمواقف طبيعية خصوصا إزاء الحكومة لكن مقربين من السلطة التنفيذية ينتقدون محاولة بعض أركان المجلس بالمقابل للإبتعاد عن الإشكالية الرئيسية وتحميل المسئولية للحكومة على أساس أن المشكلات يفتعلها النواب في الواقع والمسؤول عن ضبط الأمور هم قادة مؤسسة البرلمان.
في أوساط السرور ثمة إدانة موحدة ومنصفة لكل التصرفات الخاطئة ومؤخرا هدد الأخير بعدم وجود مجاملات بعد الآن.
لكن الإنطباع يتوازى بأن الحكومة بدورها لا تساعد البرلمان في إحتواء ظاهرة الخشونة البرلمانية خصوصا عندما يقوم أنصارها بإستعراضات علنية تحت القبة وأمام الكاميرات.
بالمقابل تستغرب أوساط الحكومة من الإلحاح على تحميلها مسؤولية أخطاء علنية لأعضاء في البرلمان أمام الرأي العام مع الإشارة المتكررة لان تراجع مستويات الحزم في إدارة الجلسات ووجود قصور فاضح في النظام الداخلي مسائل خارج النطاق الحكومي.