أكبر موجة تهجير طائفي تكتسح جنوب العراق


رئيس مجلس البصرة لــ الزمان اسألوا المحافظ عن عدد القتلى وطائفتهم


الوقف السني يغلق مساجده والزبير خالية من سكانها الأصليين وأقدم عشائر البصرة والناصرية تنزح نحو الشمال


لندن


تشتد حملات التهجير الطائفي لاخلاء مناطق واسعة من محافظة البصرة من سكانها الأصليين تنفذها مليشيات مسلحة وسط صمت مريب من ادارة محافظة البصرة والهيئات الحكومية المركزية. واستهدفت التهجيرات القسرية عبر التهديد قضاء الزبير على نحو خاص ثم انتقلت الى مناطق اخرى في ابوالخصيب وسواها. حيث عثر امس على جثتي شقيقين يمتلكان متجرا لبيع الخضار قتلا تحت التعذيب بعد خطفهما امس الاول في البصرة في اطار عمليات القتل على الهوية الطائفية والتطهير الطائفي الذي تشهده البصرة ضد اهل السنة والذي تنفذه الملشيات أمام انظار ومسامع السلطات المحلية والحكومة المركزية في بغداد التي تتلقى تقارير منتظمة حول نزوح مئات الالاف من اهل السنة الى غرب العراق ودول الخليج تاركين بيوتهم وممتلكاتهم خشية الاغتيال.


وقرر الوقف السني اغلاق جميع المساجد في البصرة واختصار الشعائر على الاذان فيما تنظم اليوم الثلاثاء عشائر وأعيان البصرة تظاهرة احتجاج ضد التهجير الطائفي. وقالت مصادر سياسية لــ الزمان ان ملشيات تنفذ عمليات قتل ضد اهل السنة في البصرة على الهوية الطائفية خاصة في الاحياء المختلطة بهدف تطهيرها طائفيا. ولم تعلن السلطات عدد الذين طالهم الاغتيال لكن المصادر قالت لــ الزمان ان عمليات القتل الطائفي يوميا في البصرة واحيانا تنفذ ضد عائلة واحدة. وقالت المصادر الاسبوع الماضي عثر على عائلة من اهل السنة تتكون من الاب والزوجة وبناتهما الثلاث.


واوضحت ان عمليات القتل على الهوية والتطهير الطائفي في البصرة كانت مسبوقة بتوزيع منشورات جرى تعليقها على ابواب مساجد اهل السنه تطلب منهم الرحيل عن المدينة او مواجهة القتل خلال اسبوع واحد. واوضحت المصادر ان مدينة الزبير التاريخية التي يسكنها السنة من قرون خالية الان منهم فقد نزح سكانها جميعا تقريبا الى دول الخليج بفعل التهديدات التي تلقوها من الملشيات بالقتل.
واوضحت المصادر ان اكثر من مائة عائلة تنتمي الى عشيرة السعدون العربية المقيمة في جنوب العراق من قرون قد اضطرت الى النزوح من البصرة والناصرية الى محافظة تكريت نتيجة التهديدات التي تلقتها.
ويلوم وجهاء السعدون زعماء عشائر البصرة والناصرية على هذا الصمت وهم يشهدون جرائم التهجير تجري أمامهم. وكان الشيخ مزاحم الكنعان التميمي رئيس قبيلة بني تميم، والذي كان شغل منصب أول محافظ للبصرة بُعيد الاحتلال إثر سقوط النظام السابق، قال إن اغتيالات تستهدف أهل السنة في البصرة، وتتم بدفع من جماعات معروفة لدى مسؤولي أجهزة السلطة والأحزاب السياسية الحاكمة الذين يغضّون الطرف عنها، ولم تبدر منهم أية بادرة لوقف هذا الإجرام لأسباب سياسية أو بدافع الخوف من تلك الجماعات. وتسود أجواء من الخوف بين سكان منطقة حمدان ببلدة أبو الخصيب ذات الغالبية السنية جنوب البصرة والذين تم اغتيال عدد منهم. كما يسود الرعب منطقة بلد محزوم بالبصرة التي يروّج بعض المتطرفين أن الفكر السلفي منتشر فيها، ما يجعل سكانها مرشحين للاغتيال. ويعيش في مدينة البصرة خليط من السنة والشيعة العرب، وقد تعايشوا على مر عقود طويلة دون أن يعكر صفو تلك الحياة الاجتماعية الهادئة أي عنف أو بغضاء بين الطائفتين. وتجسد التعايش في الزيجات المشتركة والمشاركة بالأعمال التجارية، وقد أصبح اسم البصرة رمزا للتعايش السلمي بين أبناء الشعب العراقي. من جانبه قال خلف عبد الصمد رئيس مجلس المحافظة لــ الزمان انه لا علم له بعمليات قتل على الهوية الطائفية وتهجير طائفي من المدينة. واحال الزمان الى محافظ البصرة ماجد النصراوي ووصفه بانه مسؤول الخلية الامنية في محاولة للتهرب من السؤال لكن المحافظ لم يرد على هواتف الزمان وقال شخص اسمه احمد يحمل هاتف سكرتير المحافظ الذي اتصلت به الزمان ان المحافظ غير موجود وان سكرتيره يشارك في اجتماع. ويترأس عبد الصمد مجلس المحافظة الذي يضم المحافظ والمسؤولين الامنيين لكنه قال انه لاعلم له بعمليات قتل على الهوية الطائفية وحصول تهجير ونزوح بعد تهديدات طائفية. وشدد انه لا علم له بعدد القتلى على الهوية الطائفية وانه لا علم له بتصريحات رئيس الوقف السني باغتيال 12 من أئمة جوامع اهل السنة خلال ايام. واكد ان عمليات القتل تجري في جميع انحاء العراق لكن لا تصفيات طائفية وتهجير طائفي لاهل السنة في البصرة. وكان مجلس المحافظة قد أعفى قائد الشرطة من منصبه بسبب التدهور الأمني لكنه رفض تنفيذ الأوامر في إطار المحاصصة السياسية. ومن جهته أكد الشيخ عبد الكريم الخزرجي رئيس الوقف السني في المنطقة الجنوبية ومقره البصرة، أن الاغتيالات تصاعدت وراح ضحيتها 12 من أهل السنّة خلال أربعة أيام فقط بينهم مشرف تربوي وإمام خطيب. وقال إن هذه الاغتيالات التي تمت في أبي الخصيب والزبير ومنطقة البصرة تهدف إلى تهجير السنّة حيث يتلقى الأهالي رسائل ومكالمات هاتفية من مجهولين تهددهم بالقتل إذا لم يغادروا المنطقة.
وطالب أهل السنّة السلطات بتوفير الحماية للمساجد والكشف عن الجناة وإجراء تحقيق جدي في الاغتيالات التي كان آخر ضحاياها الشيخ عبد الكريم مصطفى إمام وخطيب جامع التقوى الذي اغتيل الثلاثاء على يد مسلحين مجهولين بعد خروجه من صلاة الظهر في منطقة المشراق القديم مركز محافظة البصرة.


وناشد الشيخ عبد الكريم الخزرجي رئيس الوزراء نوري المالكي بالتدخل كي تقوم السلطات المحلية في البصرة بدورها في تعزيز الأمن المفقود في المنطقة التي تزود العراق بأكثر من 85 بالمئة من ميزانيته الاتحادية.
ومن جانبه استنكر رئيس ديوان الوقف الشيعي محمد عبود المطوري، حملات استهداف رجال الدين السنة في البصرة ، مبينا أن lsquo;مجاميع خارجة عن الدين والقانون تستهدف هذه الشخصيات من أجل الضرب على الوتر الطائفي لعودة البصرة إلى مربع الحرب الأهلية . كذلك نددت شخصيات دينية وعشائرية في محافظة البصرة، باستهداف أئمة المساجد ورجال الدين من أهل السنة في المحافظة، وأكدت أن الهدف من ذلك هو إعادة أحداث العنف الطائفي، لافتة إلى أن ثماني أسر سنية في الزبير تركت منازلها بعد تلقيها تهديدات طائفية.


واستهداف السنة في البصرة ظاهرة لصيقة بالاحتلال تعود جذورها إلى 2006 حين اضطر عدد من أهل السنّة لوضع حراسات على أبواب المساجد في الزبير وأبو الخصيب وغيرها، لكن ذلك لم يمنع من تنفيذ عدد كبير من عمليات الاغتيال في البصرة حيث اغتيل في يونيو 2006 الشيخ يوسف يعقوب الحسان ممثل هيئة علماء المسلمين في المنطقة الجنوبية، وإمام وخطيب جامع البصرة الكبير الذي اغتاله مسلحون وهو متوجه من منزله إلى الجامع لإلقاء خطبة الجمعة.