فاتح عبدالسلام

جاء في الأخبار إنّ رئيس البرلمان العراقي وعلي لاريجاني رئيس البرلمان الايراني ناقشا المبادرة العراقية أزاء سوريا، وكأنَّ الخبر آت من بقعة في الأرض معزولة لا يدري من فيها ماذا يحصل في سوريا وملفها الداخلي أو الدولي، وكيف إن العالم لا يزال واقفاً على قدم واحدة منذ أن أعلنت موسكو مبادرتها المرتبة مسبقاً مع واشنطن ودمشق لنزع السلاح الكيمياوي من النظام السوري. ما الذي تملكه الحكومة العراقية لكي تكون طرفاً ضامناً لأطراف الصراع في عرض مبادرة، يجمع معظم المراقبين على إنها صدى لمقولات ومواقف المحور المقاتل إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد؟
أصحاب المبادرات يجب أن تتوافر فيهم شروط أهمها القوة والحيادية، قوة للتأثير وهي لا صلة لها بالحكم في العراق وحيادية تشهد عليها المليشيات التي تغادر من مطار بغداد للقتال في سوريا.
لولا كون روسيا عضواً في مجلس الأمن ولها حق الفيتو وهناك تفاهمات روسية أمريكية حول عدد من ملفات الصراع الدولي، ثم تبع ذلك استجابة الطرف السوري المعني بالكيمياوي بقبول المبادرة، لما كان لهذه المبادرة أي معنى ولكانت بياناً صحافياً ليس أكثر كما يحصل مع ما يسمى مبادرة للحكومة العراقية.
في العراق اليوم مشكلات أمنية تفوق في بعض جوانبها ما موجود في سوريا برغم التعتيم واللامبالاة والتواطؤ محلياً ودولياً، فضلاً عن هذا النزيف العراقي المستمر الذي يبدو انه يحدث في بلد آخر لا تربطه أية حدود مع المنطقة الخضراء والحكومة الماكثة فيها.
كنت أتابع الأخبار، ورأيت فيها أن رئيس الحكومة العراقية يعرض مبادرة سياسية وذهب الظن بي في اللحظة الأولى إلى إنها مبادرة تخص الوضع العراقي المزري، وكنت مستغرباً لهذه الصحوة وضربت أخماساً في أسداس لفهم أسبابها، كلّ ذلك تمَّ في ثوانٍ، قبل أنْ يكتمل الخبر المذاع، ويظهر أنها مبادرة تخص الوضع السوري.
معادلة غريبة، هناك شخص يغرق ولا يجيد السباحة وفي وسط البحر يفكر أنّ هناك شخصاً آخر في بحر مجاور يغرق كذلك ويرغب في إنقاذه.
ثمّة ما يضحك دائماً في وسط المآسي والويلات. ثمّة ما يُضحك.