الياس الديري

على طريقة quot;اشتدّي أزمة تنفرجيquot;، نام العالم على قعقعة الصواريخ ليستيقظ على قعقعة الاتفاق بين واشنطن وموسكو الناجز والتام، والقاضي بتدمير الترسانة الكيميائيّة... وجَعلِها كأنها لم تكن. بهذه السرعة، بهذه البساطة؟

بل أكثر بكثير. فالرئيس باراك أوباما شاء أن يطمئن الكونغرس الأميركي والرأي العام، وبضحكة ملأت وجهه والفضائيّات إلى إنه يتبادل الرسائل مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، وبفرح وارتياح. كما لو أن جبلاً من صواريخ أنزل عن ظهره: أجل، لقد تواصلنا، ومباشرة.
من المبكر الخوض في احتمالات لا تستبعد الصفقات، وبالجملة، لا بالمفرّق.
والأيام المقبلة هي التي ستقول الحقيقة للمتسائلين، والمنتظرين، والحائرين، والخائفين من أن يدفعوا ثمن الحرب السوريّة مرتين.
لكن الأجواء الدولية والعربيّة تعكس ارتياحاً واضحاً إلى مجريات التفاهمات بين quot;الجبارينquot; القديمين الجديدين. والأنباء والتحليلات مقتنعة أن لا عودة عن وضع اليد الدولية على quot;الكيميائي السوريquot; كاملاً، ولآخر حبة. وبدون أي تسريب في اتجاه إيران أو quot;حزب اللهquot;.
هذا ما يتصل باتفاق quot;الترسانةquot;، والذي قد يشقّ طريقاً ما، مدخلاً ما، ممراً ما، إلى معالجة لوضع سوريّ مشقّف، ومفسّخ، وممزّق، إلى عشرات ومئات الرُقع، والمربعات، والحواجز...
هنا، عند هذا الجبل من التعقيدات التي يبلغ بعضها حدود رابع المستحيلات، نجد مَن لا يستبعد اعتماد النموذج المصري في الثورة الثانية، وquot;النهج الذكيquot; الذي اتبعه المشير عبدالفتاح السيسي في إسقاط quot;نظام الإخوانquot; وخلع quot;الرئيس الإخوانيquot; محمد مرسي عن عرش مصر. بل تعميم هذه quot;الوصفةquot;.
لا موجب للاستغراب والتخوّف من عودة حكم العسكر و... الرجل الواحد. والسقوط مجدّداً في حفرة quot;الديكتاتور المستبدquot;، إنما باسم آخر، وشعار آخر، ونتيجة واحدة.
سوريا ليست وحدها في حاجة ملحّة إلى إنقاذ سريع من حرب إبادية ماحقة ساحقة.
فها هو العراق ينزف يوميّاً عشرات القتلى ومئات الجرحى. وأمامنا تونس الغارقة في مخاض قد يؤدّي إلى الاستعانة بـquot;دواء السيسيquot;. وهل ننسى ليبيا واليمن؟
صحيح أن سوريا فوق مرجل يغلي بالضحايا والدماء والدمار منذ ما يقارب الثلاث سنوات، إلا أن quot;العلّةquot; تكاد تكون واحدة.
محدّثنا الواثق من نفسه وquot;تصوّراتهquot; يعتقد أن المنطقة العربية مُقبلة على متغيّرات، تشمل الأنظمة، كما العلاقات بين دول المنطقة، خصوصاً من زاوية إيران والسعودية... ودورهما في المرحلة الجديدة. وبمباركة من واشنطن وموسكو.
دعونا نجرِّب. إن غداً لناظره قريب.