علي سعد الموسى


يقول لي صاحبي بالأمس وهو يقابلني خارجا من مكتبة للقرطاسيات والأدوات المدرسية

يقول لي صاحبي بالأمس وهو يقابلني خارجا من مكتبة للقرطاسيات والأدوات المدرسية: ألا تعرف أن هذه السلسلة من المحلات ملك حصري لجماعة الإخوان المسلمين (الفرع المصري) تحت ستار كفيل محلي مستتر؟
وبالطبع هو يهديني معلومة يعرفها بكل تأكيد كل من يقرأ بنية هذه الجماعة التركيبية وبناءها الإداري. لا يمكن لجماعة عولمية مثل جماعة الإخوان المسلمين أن تكون لها أذرعها السياسية والثقافية والتربوية ثم تهمل بكل غباء أن يكون لها ذراع تمويلي مالي في سوق جبار مثل السوق السعودي الذي يتربع في المركز الرابع من بين مجتمعات الأرض الاستهلاكية في سوق بحجم تريليون ريال في العام الواحد.
أعرف مسبقا ومنذ نشأتي الفكرية أن السوق الخليجي هو الكعكة الذهبية الصفراء في عيون هذه الجماعة مثلما أعرف أن لحزب الله اللبناني ملايينه الاستثمارية وأن في أجندته الاقتصادية معادلة: ريال واحد في اليوم من كل عائلة خليجية.
لكن قصتي مع صاحبي ليست بدهية ما يعرف وما أعرف، المبدأ الذي أنا مؤمن به أنني ضد التجريم وضد كبح حرية اعتناق الأفكار وضد تكميم حرية الانتماء الفردي لمنظومة أو جماعة. لي أصدقاء خلص لا يتحرجون أمامي من إبداء التعاطف مع حركة الإخوان، وربما أيضا يدخل بيتي بعد كل ظهر مدرس أولادي الخصوصي الذي يتعاطف، أو هو ينتمي لهذه الحركة.
قد يكون (الإخواني) حركيا مستترا أو ظاهرا معك في المنزل أو الشارع أو العمل، وقد يكون أخا أو نسيبا أو صديقا، وحرية انتماءاته ليست محل تجريم. قد يكون صاحب البقالة التي تدفع لها مصروفك المنزلي الشهري أو قد يكون -كما قال صاحبي- صاحب المكتبة التي تحشو بها حقائب أطفالك المدرسية.
للإخواني، أو لغيره حرية اعتناقه للآراء مثلما له حرية انتماءاته. لكن الذي ليس له ولا لغيره أن يفرض توجهاته على المجتمع، وله أن يعترف بكل أريحية وهدوء أنه يقف على النقيض من غالبية المجتمع. أن يؤمن أن تجربته السياسية الأخيرة قد كشفته، وأنه في بلده الأصل ومنبع جماعته لا يتمتع إلا بتأييد ضعيف يتناقص كل يوم لهشاشة التجربة. له أن يعلم أنه في بلدي، ومدينتي فصيل حي، ولكنه شارد لا يمثل سوى نسبته المئوية المتواضعة.