غسان حجار

يتفاءل كثيرون، ليس ببذور مبادرة انفتاح يقودها الرئيس الايراني حسن روحاني، وانما بالتغطية التي منحها مرشد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي لهذا الحراك، ما يوحي بأن القيادة الفعلية في الجمهورية الاسلامية الايرانية ادركت حقيقة ارتدادات سياسة التشدد التي اتبعها الرئيس السابق احمدي نجاد، ما حدا بروحاني الى رسم معالم جديدة لمرحلة مقبلة تخرج ايران من عزلتها وتفك عنها قيود العقوبات.
الانفتاح الايراني على الغرب، وعلى المحيط العربي، لا سيما دول الخليج، سينعكس حتما على كل الملفات العالقة في المنطقة والتي تحركها ايران مباشرة من خلال المواطنين الشيعة في غير بلد عربي، من السعودية، الى الامارات، والبحرين والعراق، ولبنان، او غير مباشرة كما في سوريا او فلسطين او مصر عبر تحالفات مع انظمة او احزاب محلية.
في دائرة الانتظار هذه، والى حين ان تتبلور مبادرات وخطوات ما زالت في مرحلة تبادل الرسائل غير المباشرة، تبقى كل المبادرات الحوارية مضيعة للوقت، ولا امكان لتأليف حكومة وحدة وطنية، ولا حكومة اللون الواحد، ولا الانطلاق مجددا في مؤتمر الحوار الوطني. وكل ما يقال ويتردد في الهنا والهناك، عن الجولات والاتصالات، والوفود، لا يعدو كونه حركة تفيد في عدم انقطاع التواصل، وتطلق اشارات متفائلة، تريح الاجواء العامة، لكنها لا تحقق تقدما. وقد صدق الرئيس ميشال سليمان عندما قال قبل اسبوع انه عندما تتوافر الظروف المناسبة، فان عملية تأليف الحكومة لن تستغرق اكثر من خمس الى ست ساعات.
في هذه الاثناء سيستمر فريق 8 آذار باتهام قوى 14 آذار بأنها لا تريد تأليف حكومة، وانها كانت تنتظر نتائج الضربة على سوريا لتقلب موازين القوى، وانها بعد إرجاء الضربة او إلغائها، لم تعد تريد اي حكومة، لان ميزان القوة لم يصبّ في مصلحتها، وبالتالي باتت غير قادرة على فرض رؤيتها للحكومة العتيدة.
في المقابل، سيستمر فريق 14 آذار في اتهام quot;حزب اللهquot; تحديدا بعرقلة الولادة الحكومية لانه يريد ان يهيمن على قرار الدولة، وانه يفضل حكومة تصريف اعمال عاجزة عن اتخاذ القرارات، وعاجزة عن الحسم، وهي اصلا حكومة اللون الواحد، او كما ترغب هذه القوى بتسميتها quot;حكومة حزب اللهquot;.
وحده الرئيس تمام سلام متضرر من هذه المرحلة، لأن اوراقه تكاد تحرق في المدة الفاصلة ما بين تكليفه والتأليف المنتظر.
وهكذا سيستمر التراشق الاعلامي، الذي يتلاعب بأعصاب الناس، وبعقولهم، في انتظار توافق اقليمي ما يوزع كلمات السر على الجميع. عندها، لن تحتاج الحكومة الى ست ساعات، وعندها، لن يكون سؤال عن الحوار والحكومة، فلا اهمية لما قبل وما بعد، لان الجميع سيتسابقون الى اعلان حسن النيات، وسيكون حوار وستكون حكومة، وعندها فقط سيكون انتخاب لرئيس جديد... في لبنان، وفي سوريا ايضا.