عبدالهادي الخلاقي

للنظام الإيراني حلم بتجذير نفوذه داخل الجسد العربي ليمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي هذا الحلم لا يتغير بتغير الرئاسة الإيرانية أو تبدل قادتها ومما حققه النظام الإيراني أن خلق له نفوذا وأوجد لمنتجاته سوقا في الدول العربية الإفريقية ومنها السودان التي تحدثنا عنها سابقاً والجزائر.

لعبت الجزائر دوراً محورياً في المفاوضات بين العراق وإيران إبان الخلافات التي نشبت بين البلدين فقد رعت الجزائر الاتفاقية التي وقعت بين العراق وإيران في 6 مارس عام 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي وبإشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين.

منذ الحرب العراقية الإيرانية التي كانت تقف معظم الدول العربية مع صدام في هذه الحرب كانت الجزائر تلعب دور المقرب لوجهات النظر بين البلدين لإنهاء هذه الحرب وكانت الجزائر ملتزمة بالحياد دون باقي الدول العربية، وكانت الجزائر لا تخفي مساندتها للثورة الإيرانية، منذ أن كان الخميني مقيماً في باريس، فقد كان أحد الضباط الجزائريين والذراع اليمنى لرئيس جهاز المخابرات الجزائري مرافقاً شخصياً للخميني من باريس إلى طهران على متن طائرته، بالإضافة إلى عدد من الحراس الجزائريين، هذه العلاقة لم تتراجع وظلّت العلاقة بين الجزائر وإيران نقيضه لعلاقة أغلب الدول العربية وحليف طبيعي للنظام الإيراني منذ قيام الثورة، ولكن هذه العلاقة مرت بأزمة بعد اغتيال الرئيس محمد بوضياف في 19يونيو1992م الذي ترئس الجزائر بعد انقلاب الجنرالات على الخيار الشعبي في1992م على يد ضابط في الأمن الرئاسي، في الوقت نفسه أصدرت إيران بيان يؤيد قتل بوضياف فأثار هذا البيان غضب الدولة الجزائرية لدرجة أنها دفعت المجلس الأعلى للدولة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران كما ثبت ضلوع إيران بتقديم دعم للجبهة الإسلامية للإنقاذ سنة 1993م.

عادت العلاقات الجزائرية الإيرانية إلى طبيعتها في سبتمبر 2000م وتم تبادل السفراء سنة 2001م، نوفمبر 2008م قام النائب الأول للرئيس الإيراني السيد برفيز داودي بزيارة للجزائر تم خلالها مناقشة عدد من القضايا تتعلق بالتبادل الاقتصادي والأمني ثم بلغت هذه العلاقات ذروتها بعد زيارة الوزير الأول رئيس الحكومة أحمد أويجي لإيران في نوفمبر2010 وتم توقيع عدد من اتفاقيات شراكة في مختلف المجالات وأهمها المجال الاقتصادي كالصناعات الثقيلة والصناعات التحويلي وفي المجال الزراعي وفي مجال التعليم العالي وخرج أويجي بخارطة طريق تؤطر العمل بين البلدين.

وخلال زيارة وزير الطاقة الجزائري لطهران في 2006م صرح الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأن إيران مستعدة لوضع خبراتها في مجال الطاقة النووية تحت تصرف الجزائر، هذا التعاون الإيراني الجزائري يؤكد ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين إلى مستوى متقدم وهذا ما بات يشعر به المواطن الجزائري في حياته اليومية حيث إن السلع الإيرانية باتت تغزو جميع الأسواق من معدات مدنية كالآليات الثقيلة والسيارات وسلع منزلية حتى الموسيقى والفن ناهيك عن الغزو الثقافي حيث سُمح للكتب الإيرانية بالانتشار في المكتبات ومنها الدينية والتاريخية المحرفة التي تتعمد تزييف وتغيير الحقائق التاريخية لدى الإنسان العربي. من ناحية أخرى التقى وزير الصناعة والتجارة الجزائري محمود خودري في سبتمبر 2006م برجال أعمال وأعضاء في اللجنة الإيرانية الجزائرية الاقتصادية المشتركة في إيران لتشجيع الاستثمار في الجزائر وتكررت الزيارات في هذا الجانب بشكل مستمر بين البلدين تمخض عنها أنشاء الجزائر صندوق مشترك للاستثمار الذي خصص له غلاف مالي بـ100 مليون دولار والذي أنشئ خلال الدورة الأولى للجنة العليا المختلطة الجزائرية-الإيرانية التي عقدت سنة 2010 بطهران لمرافقة المستثمرين الإيرانيين في مشاريعهم بالجزائر، وذكر رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة أنه تم التوقيع أيضاً على اتفاق تفاهم بين البلدين لتوأمة ميناء quot;بجايةquot; الجزائري وميناء quot;الخمينيquot; الإيراني.

ودعماً لمساعي إيران في الحصول على الطاقة النووية أكد بوتفليقه حق إيران بامتلاك الطاقة النووية مما يعني وقوف الجزائر مع إيران في هذا الملف الذي يشكل خطر على دول المنطقة بأسرها ولكن الجزائر تقدم مصالحها على المصلحة العامة للمنطقة العربية وتدعم النظام الإيراني كما فعلت مع الخميني في ثورته على الشاه، مع الأسف انطوت على النظام الجزائري الكذبة التي يروّج لها نظام ملالي إيران بأن امتلاك طهران للسلاح النووي سيصبح رصيداً استراتيجياً للدول العربية، فتوجهات إيران تاريخياً بأن تكون إمبراطورية والتطلع إلى دور إقليمي وعالمي فاعل وتسعى بكل السبل لأن تجد لها نفوذ في أي دولة عربية.