علي حماده

يقال ان الدولة دخلت الضاحية الجنوبية لبيروت في اطار خطة امنية نسق لها quot;حزب اللهquot; بعدما اوصله تسلمه ليوميات الحفاظ على الامن والتعامل مع المواطنين مباشرة الى مأزق، كاد ان يغرقه في سلبيات التماس الدائم مع الناس، فكان ان جرى تفصيل quot;خطة امنيةquot; على قياس الحزب ينفذها الجيش وقوى الامن الداخلي، ينسحب بموجبها الحزب من الطرق لتتقدم البذلة الرسمية واجهة لأمن حزبي في الضاحية.

لقد جرى التهليل لما يسمى quot;عودة الدولة الى الضاحيةquot; وذهب البعض الى اللجوء الى quot;كليشياتquot; مبالغ فيها من نوع quot;عودة الضاحية الى الدولةquot; او quot;فشل الامن الذاتيquot; لمنح هذه quot;الخطةquot; شيئاً من الصدقية افتقدته سابقاتها في الاعوام الاخيرة، حيث لم تدم الدولة في الضاحية او في اي بقعة من مناطق نفوذ الحزب سوى ايام معدودة وبشكل سطحي. ولم يتغير شيء. والسؤال المنطقي، بعيدا عن تهليل المهللين اما محاباة وإما هلعا: ماذا تغير اليوم؟ هل من جديد تحت الشمس؟
نطرح السؤالين مقدمة طبيعية لمحاولة تقويم quot;الخطة الامنية quot; في الضاحية. فالحديث عن عودة الدولة الى الضاحية يبدو لنا مبالغة في ظل واقع يعرفه البنانيون وهو ان السلاح غير الشرعي باق حتى اشعار آخر، وان الميليشيات المسلحة لم تسلم سلاحها، ولم تعد الى حظيرة الدولة ولا تحت سلطة القانون. اكثر من ذلك ان quot;حزب اللهquot; مستمر في تورطه بدماء السوريين، وفي الانتشار المسلح في كل مكان يمكنه بلوغه من الجنوب الى الضاحية والبقاعين، وصولا الى جبل لبنان من قلب غرب عاليه وساحل الشوف، وصولا الى اعالي السلسلة الغربية، انتهاء بجديدة المتن وجوارها. والانتشار هنا للسلاح والمسلّحين ولمواقع امنية، ولشبكة اتصالات، ولجملة من الاختراقات العقارية المنهجية في كل مكان.
لم يتغير شيء في الواقع اللبناني، وجلّ ما في الامر ان quot;حزب اللهquot; يضع الدولة في خدمته متى شاء، مبقياً مرجعيته كاملة غير منقوصة. من هنا الاستنتاج البسيط ان الدولة لم تعد الى الضاحية، بل انها، بنحو ألف جندي ودركي دخلت اكثر فأكثر في خدمة quot;حزب اللهquot; الذي يريح نفسه من اعباء مالية وعسكرية وامنية يومية في مناطقه، ليعود فيركز اكثر على استكمال مشروعه على مستوى ابتلاع البلد شيئا فشيئا، وسط تهليل المهللين وسكوت الخائفين من كل الاطراف.
سيقال اننا ضد عودة الدولة الى الضاحية من منطلق الخصومة مع quot;حزب اللهquot;، وردنا اننا كنا تمنينا لو ان الدولة عادت الى كل مكان على قاعدة انها المرجعية لا ان تعود لتكون في خدمة مرجعية الدويلة، فيصح القول فيها ان الدويلة ابتعلت الدولة وليس العكس. ما دام quot;حزب اللهquot; متورطا في قتل السوريين وقمع بقية اللبنانيين، فإنه لن يجد الامن والامان، فلا دولة ولا غيرها يحميان ما دام اساس الازمة قائما. فليتسلّ ابناء دويلة لبنان ببعض الاستعراضات في ظل دولة quot;حزب اللهquot;.