محمد يوسف


يحاول الإخوان تجميع قواهم من جديد ، فالضربة التي تلقوها في مصر كانت قاسية وموجعة ، وكانت صادمة ، فهذا حلم القرن يتبخر ، وهذه التجربة الأولى في الحكم تقتلع من جذورها ،

ويعود القادة إلى مكانهم الطبيعي ، في السجون أو الجحور المظلمة ، ومن بقى في الخارج أصابته لوثة عقلية ، وفقد اتزانه ، وخرج عن آداب الحوار ، وتجاوز كل المبادئ الأخلاقية ، حتى كبيرهم يوسف القرضاوي ، ضاعت بوصلته ، واختلطت عليه الأمور ، فأصبح أسيراً لأهوائه ، تتجاذبه انتماءاته الحزبية ، ينهى عن الحق ، ويأمر بالباطل ، ويزين المنكر والمستنكر ، ولا يعرف للمعروف سبيلا.

ظن القرضاوي ، ومعه السويدان والعوضي ، ومن خلفهم quot;اساطينquot; التنظيم الدولي السري ، أقول لكم ، ظنوا ان الورقة الخليجية هي ملاذهم ، مستغلين المساحات الرحبة التي تركت لهم في بعض الدول الخليجية ، ولعبوا بورقة الاختلاف في قراءة الأمور لدى البعض الأخر من الدول ، واعتقدوا بانهم يملكون ورقة رابحة يمكنهم أن يلعبوا بها حتى يرصوا صفوفهم من جديد ، واعتمدوا على التنظيمات الإخوانية المحلية ، وهي التي لعبت دوراً مسانداً للتنظيم الدولي خلال العامين الماضيين ، سواء المساندة المالية أو المساندة الإعلامية أو بإدارة الحملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، والقرضاوي بالذات يحاول أن يستثمر وجوده في دولة خليجية يحمل جنسيتها وجوازها الدبلوماسي ، وقد جرب quot;أهل الخليجquot; في حركة لجس النبض الاسبوع الماضي ، وأدبه أبناء الكويت أيما تأديب ، ما اضطره إلى الهرب بعد ساعات قليلة من وصوله ، وكأنه يفر من مصير محتوم ، وعاد من حيث أتى وهو يجر اسبال الخيبة ، ولن يكون بعيداً ذلك اليوم الذي سيغادر فيه هذا quot;القارضquot; أرض الخليج إلى غير رجعة .

وستبقى التنظيمات المحلية للإخوان في بعض دول الخليج ، وهي تتبع التنظيم الدولي ، أي انها مزدوجة الولاء ، بل هي موالية للتنظيم أولاً وأخيراً ، تأتمر بأمره ، وتقوم بدور الممول الرئيسي لخزائنه ، وquot;ترفس النعمةquot; التي أنعم الله بها عليها من خير واستقرار وأمان في هذه المنطقة ، بل انها تعض اليد التي امتدت إليها ، وهي ndash; أي التنظيمات المحلية ndash; مخيرة اليوم في الخليج كله ، مخيرة ما بين الولاء للوطن أو الولاء للمرشد ، ومخيرة ما بين الاندماج في مجتمعاتها والمساهمة في بناء أوطانها ، وما بين التبعية والسير ضمن quot;قطعانquot; الإخوان ، وأساس اختيارها الإعلان الرسمي عن حل تنظيماتها ، وعودة أعضائها إلى دورهم الطبيعي كأفراد في المجتمع ، ونزع فكر quot;قطبquot; وغيره بانهم quot;فئة مميزة ومقدر لهم قيادة هذه الأمةquot; ، فتلك خدعة انطلت عليهم ، وصدقوها ، بل زرعها أصحاب أفكار شيطانية في رؤوسهم حتى آمنوا بها ، وانحرفوا معها إلى خارج المنظومة الكونية التي وضع ميزانها رب العزة والجلال .

ليس لدى الإخوان اليوم خيار آخر ، فالسنة الماضية كانت سنة خير على هذه الأمة ، فقد كشفتهم على حقيقتهم ، وعندما نسترجع ذكرياتنا مع من مر علينا منهم نتذكر جيداً انهم أقل فئات المجتمع عطاء ، وأقلهم منفعة ، وأكثرهم حقداً على الآخرين ، وأشدهم قسوة مع الذين لا ينتمون إلى فكرهم ، وأنهم لا يتورعون عن ارتكاب الجرائم بأسم الدين ، وقد لفظتهم الأمة ، فإما أن يعودوا إلى حضن الأمة دون تحزب أو تكتل أو quot;كهنوتquot; ، وإما أن يتحملوا الدخول في مرحلة ستكون هي الأقسى عليهم .