محمد صالح المسفر


أقامت سفارة المملكة العربية السعودية حفل استقبال بمناسبة اليوم الوطني للبلاد وحضر الحفل لفيف من أصحاب السعادة الشيوخ وكبار رجال الدولة القطرية والأعيان وكبار رجال الأعمال وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والدولي، وبهذه المناسبة نتقدم للقيادة السياسية في المملكة بأحر التهاني بالعيد الوطني للبلاد وكذلك للشعب السعودي متمنين له الرفاه والأمن والسلام والاستقرار.

وكعادة هذه الاحتفالات تجري بين معظم الحاضرين نقاشات وحوارات لفترات قصيرة لكنها معبرة وعادة ما يتبادل أعضاء السلك الدبلوماسي الأحاديث عن مجريات السياسة العربية والدولية مع رهط من الحضور كل في حقل اختصاصاته واهتماماته، وكان نصيبي في هذه الأمسية في رحاب ضيافة السفارة السعودية في الدوحة حديث بيني وبين بعض الدبلوماسيين الإيرانيين العاملين في السفارة الإيرانية استوقفني اثنان منهم، كان سؤالهم لي مباشرة بعد تبادل التحية ، ما رأيك في الرئيس الجديد لجمهورية إيران الإسلامية السيد حسن روحاني؟

كان جوابي أخشى أن يكون نسخة طبق الأصل للرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي. قالوا كيف؟ قلت الرئيس خاتمي استطاع أن يستقطب حوله المجتمع الدولي بمعسول القول، فهو يتحدث عن الديمقراطية، والمرأة، وحقوق الإنسان وأمعن في الحديث عن حوار الحضارات، واستطاع أن يستقطب الكثير من القادة العرب وأخص هنا قادة دول مجلس التعاون الخليجي وقام بزيارات لبعض عواصم العالم العربي و لكل دول مجلس التعاون واستقبل استقبالا باهرا في المنطقة واستبشرنا خيرا بتصريحاته وبياناته، وزار إيران في عهده بعض حكام الخليج ووقعت اتفاقيات مختلفة مع زواره، والنتيجة لم تحدث نقلة نوعية في هذه العلاقات.البحرين في عهده وعهد من خلفه من الرؤساء الإيرانيين ما برحت مهددة بالاضطرابات الطائفية التي تغذيها إيران، والجزر الإماراتية ما انفكت محتلة رغم تعهده بإيجاد حلول لتلك المشكلة، والعراق تحت النفوذ الإيراني وسورية حرب متقدة بين النظام السوري والشعب بدعم إيراني كبير، قلت نحن في الخليج العربي لن نستعجل في الحكم على دبلوماسية الرئيس روحاني. لم يوافقني الدبلوماسيان الإيرانيان على ما قلت.

( 2 )

في جانب آخر من الحفل جمعتني مائدة العشاء الدائرية مع عدد من الدبلوماسيين من دول مختلفة، ودار الحديث عما يجري في سورية ومواقف الدول الغربية من ذلك الصراع بين النظام الحاكم في دمشق والشعب السوري الثائر على النظام مطالبا بحريته وحقه في اختيار نظام الحكم الذي يريده، كان رأيي أن الدول الغربية الطامحة لتغيير النظام في دمشق مسايرة لمطالب الشعب السوري عبر ثورته القائمة اليوم لم تقدم أي دعم للثوار رغم إعلاناتهم ومؤتمراتهم المستمرة لنصرة المطالب المشروعة للشعب السوري. قلت لا نريد من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية التدخل عسكريا بجيوشها في سورية ، لكن ذلك لا يمنع من تزويد الثوار الذين يمثلهم الجيش الحر و الائتلاف الوطني السوري بالسلاح المتطور الذي يقدر على إلحاق الهزيمة بقوات النظام وأنصاره من إيران والعراق الطائفي ولبنان وأماكن أخرى من أوروبا الشرقية.

نحن نسمع أن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا تقدم الدعم الكامل للجيش الحر والفصائل المعتدلة بالأسلحة النوعية، ولكننا لا نرى أثرا لذلك، ويؤكد على هذا القول القيادات الميدانية للجيش الحر وإذا حدث دعم فإنه لا يتناسب والظروف وأنه بكميات لا تكفي عملا مسلحا ليوم واحد. فجأة نسمع من قيادات تلك الدول الغربية أنها تخشى أن يقع السلاح المتطور في يد المتطرفين، وعلى ذلك لا يقدمون ما يجب تقديمه ، هذه ذرائع سياسية غير مبررة.

إن تقاعس الغرب والولايات المتحدة الأمريكية عن دعم الثوار في سورية يزيد من حالة التطرف ليس في سورية وحدها بل في المنطقة عامة.

قلت لضيوف السفارة السعودية وهم من العرب وأوربا الغربية وشرق أوروبا الذين شاركتهم الجلوس على طاولة العشاء الدسم : روسيا تقدم كامل الدعم للنظام السوري سياسيا وعسكريا وإعلاميا واقتصاديا، وإيران تقدم السلاح أيضا والمال والرجال وكذلك الحكم الطائفي المتطرف في العراق. أما أنتم الأوربيون فنسمع منكم كلاما ولا نرى فعلا، وتابعت القول إن التطرف الذي تشهدونه اليوم في بعض أقطار الوطن العربي أو ما تسمونه الإرهاب تعود أسبابه إلى عدم إنصافنا نحن العرب في المعاملات، إسرائيل تحظى بالأولوية لديكم ومصالحكم تأتي في المقدمة، أما الشعب العربي فمن السهل التضحية به من أجل تحقيق مصالحكم ومصالح إسرائيل وغدا مصالح إيران، أنتم تراهنون على بعض الحكام خاصة حكام دمشق وبغداد اليوم وكذلك إيران من أجل تحقيق مصالحكم لكني أؤكد لكم أن المراهنة على الشعوب أجدى وأكثر نفعا وسلاما وأمنا واستقرارا لنا ولكم.

قارب الوقت على الانتهاء ومغادرة الضيوف وتفرقنا وعلق أحد الدبلوماسيين الجالس معنا على تلك الطاولة المستديرة سنلتقي قريبا لإكمال الحديث.