شملان يوسف العيسى

نشرت وكالات الأنباء العالمية أخبار الانشقاقات والحروب الطاحنة بين فصائل المعارضة السورية، فقد أعلنت عدة فصائل ومجموعات إسلامية عدم اعترافها بالائتلاف السوري المعارض، داعية في المقابل إلى تشكيل إطار إسلامي يقوم على أساس تحكيم الشريعة، حيث أعلنت 13 مجموعة إسلامية، أبرزها laquo;جبهة النصرةraquo; الموالية لتنظيم laquo;القاعدةraquo;، وlaquo;لواء التوحيدraquo; المقرب من جماعة laquo;الإخوان المسلمينraquo;، أن كل ما يتم من قرارات في الخارج دون الرجوع إلى الداخل laquo;لا يمثلنا ولا نعترف به، وبالتالي فإن الائتلاف والحكومة المفترضة لا يمثلاننا ولا نعترف بهماraquo;.

هذه التصريحات غير المسؤولة تضع دول التحالف الغربي ودول مجلس التعاون الخليجي ودول الاعتدال والوسطية العربية، في موقف حرج خصوصاً وأن كل هذه الدول تسعى عن طريق مجلس الأمن إلى تجريد النظام السوري من أسلحة الدمار الكيماوية التي يملكها، وبعد ذلك إرغامه على حضور مؤتمر laquo;جنيف 2raquo; لفرض حكومة سورية ديمقراطية تمثل كل الطوائف والقوميات والديانات. لكن يبدو أن جماعات الإسلام السياسي لا تريد استقرار سوريا وتحقيق الأمن فيها، بل تطمح للسلطة والاستحواذ عليها وتحويل البلاد لدولة الخلافة، حيث تنشب الخلافات والحروب بين الفصائل وتتحول إلى أفغانستان أو صومال جديدة.

والسؤال هو: كيف يمكن التعامل مع هذه المتغيرات الجديدة، خصوصاً وأن الحرب بين الأحزاب والفصائل الإسلامية قد بدأت، وأنها جميعاً تحارب laquo;الجيش الحرraquo;، والذي يواجه بدوره تحديات جديدة بسبب خفض التمويل... مما دفع بقادة الكتائب التي تقاتل على الأرض إلى تبديل ولاءاتهم وفق الجهة التي تدعمهم بالمال والسلاح.

وأمام نفوذ الإسلاميين المتزايد، علينا أن نعرف مظاهر القوة والضعف للقوى الإسلامية المتصارعة، لكي نرسم خارطة طريق لكيفية التعامل معها، خصوصاً وأنها تشكل 30 بالمئة من مقاتلي المعارضة. وأهم مصادر القوة بالنسبة للتنظيمات الإسلامية هو تأثيرها على الشارع السوري، وتحديداً في الريف الذي أهملته الحكومات المختلفة وهمّشته وأذلّته، لذلك نشطت هذه الجماعات في الريف لتقديمها بعض الخدمات للناس البسطاء. ومما ساعد على انتشار هذه الجماعات هو التمويل القوي المتوفر لها من بعض الدول العربية والتنظيمات الإسلامية فيها.

أما مصادر الضعف الرئيسية لهذه الجماعات الجهادية، فتتمثل في تعددها وكثرة تنظيماتها واختلاف توجهاتها السياسية والفكرية. ففيها القوى السلفية وlaquo;الإخوانraquo; والقوى الجهادية الرافضة لكل شيء. ونقطة الخلاف الرئيسية بين الجماعات الإسلامية تنحصر في الحصول على القوة والنفوذ، فالبعض يريد دولة الخلافة الإسلامية، والبعض الآخر يريد دولة إسلامية وطنية معتدلة.

وأخيراً، كيف يمكن للقوى الكبرى ودول مجلس التعاون الخليجي التعامل مع اشتداد التطرف والحرب الأهلية ورفض كل المحاولات لإقامة دولة ديمقراطية تعددية تشمل جميع الشعب السوري؟! ثمة خطوتان مهمتان برأيي؛ إحداهما تجفيف منابع الفكر الجهادي، وهي موجودة في الجامعات والجمعيات الدينية والأحزاب المتطرفة، والأخرى تجفيف منابع التمويل، حيث توجد حكومات ودول وتنظيمات إسلامية تمول العمليات العسكرية في سوريا. ومن المفارقات الغريبة أن تمول حكومات الخليج laquo;الجيش الحرraquo;، بينما تمول جماعات الإسلام السياسي الأهلية والشعبية في الخليج الجماعات الجهادية السورية، مما يعني أن المشكلة بدأت من دولنا.