طاهر العدوان

قرار مجلس الامن الذي صدر بموافقة جميع الأعضاء لم يقتصر على تفكيك أسلحة الأسد الكيماوية انما تضمن اتفاقا آخر على فتح الباب امام الحل السياسي لقد تحدث عن حكومة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة وبتطبيق اتفاق جنيف ١ والعمل لعقد جنيف ٢ حيث توقع وزير خارجية فرنسا عقده بمنتصف تشرين الثاني المقبل .
يمثل هذا القرار تطورا مهما على صعيد الموقف الدولي من الأزمة السورية لانه ينقل الموقفين الأمريكي والروسي حولها من أرضية المواجهة الى أرضية التعاون المشترك ، دوافع مثل هذا التطور لا تقتصر فقط على ازمة المجزرة الكيماوية في الغوطة التي هددت بمواجهات خطيرة بين موسكو وواشنطن ، انما لأسباب أخرى لا تقل أهمية عنها مثل قناعة العاصمتين بان طرفي الصراع في سوريا ( النظام والجيش الحر ) يكشفان عن عجز متزايد في حسم المعركة عسكريا.
بالمقابل تزداد قوة ونفوذ مسلحي القاعدة على الارض وهو ما يوحد أهداف اوباما وبوتين في سوريا تجاه هذا الخطر ، خاصة الخوف من إمكانية حصول القاعدة على أسلحة كيماوية وهو ما بدأ واضحا بين سطور قرار مجلس الامن .
الإجماع على القرار يخفي حدوث صفقات دولية وإقليمية ، صفقات غاب عنها العرب وحضرت فيها اسرائيل وإيران . اما الأطراف السورية فلقد وضع مصيرها بيد الكبار وهو ما عبرت عنه خيبة الأمل الواضحة على وجه ممثل الائتلاف احمد الجربا في مؤتمره الصحفي بنيويورك ، الذي لم يخرج من اجتماعات الجمعية العامة الا بتصريح صحفي صادر عن اجتماع كيري مع وزراء مجلس التعاون يتعهد بدعم المعارضة .
لقد نجح اوباما في تخطي حملة اصدقاء اسرائيل في الكونغرس الذين تجاوبوا مع دعوات نتنياهو برفض التقارب مع ايران والعمل على فرض عقوبات جديدة على طهران ، فالرئيس الايراني روحاني عاد الى بلاده من نيويورك وهو يحمل أجندة للانفراج في العلاقات مع أمريكا وأوروبا حول الملف النووي و حول سوريا أيضاً حيث يتم تداول أنباء عن موافقة واشنطن على حضور ايران لمؤتمر جنيف ٢ .
يبقى انه عند البحث في خريطة المتغيرات والمستجدات الدولية والإقليمية حول ملفات الشرق الأوسط نرى غيابا لأي دور عربي فاعل ، والسبب يعود الى ان السياسات العربية صدى للموقف الأمريكي حول هذه الملفات وليست ذات طابع مستقل يعبر عن المصالح العربية وقادر على التأثير في القرارات الدولية ذات الصلة .
لقد أعادت السياسات العربية في نيويورك تبني المواقف التي تجعلها تتلاقى مع هدف اسرائيل بتفكيك برنامج ايران النووي بينما يفترض ان تقر بحق ومشروعية ايران ببرنامج نووي للأغراض السلمية مع عدم الملل من المطالبة بنزع سلاح اسرائيل وقنابلها النووية .
الحملة السياسية ضد ايران كان يجب ان تتمحور حول تدخلها السافر بالشؤون العربية خاصة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وكشف مشاريع نفوذها في هذه البلدان ودورها الخطير في إثارة الفتن الطائفية ، اما برنامجها النووي فلا مصلحة للعرب بالعمل ضده ما دام سلميا ، واذا كان من عمل عربي لمواجهة المشروع الايراني فهو بناء برامج نووية سلمية عربية بدل الانزلاق الى سياسات الكيل بمكيالين التي ينتهجها الغرب عندما يتعلق الأمر بإسرائيل النووية .