جميل الذيابي

لا حديث يعلو هذه الأيام على جرائم laquo;داعش وما أدراك ما داعشraquo;! وتلك محاولات تكاد تنجح من الاستخبارات الإيرانية - العراقية - السورية في فك الحصار عن نظام بشار الأسد وتشويه الثورة السورية. والحقيقة أن laquo;داعشraquo; ليست وليدة الأيام الراهنة، وأفعالها الإجرامية ليست جديدة، بل منذ العام 2004 وعناصرها تمارس الترهيب والتفجير، وهي في البداية من صنيعة الاستخبارات الأميركية في العراق، ثم باعت نفسها للاستخبارات الإيرانية والعراقية وأخيراً السورية.
حاولت الأيام الماضية قراءة الكثير مما كُتب ويُكتب عن laquo;داعشraquo; في الصحافة الأجنبية لا العربية. فمثلاً، تعتقد صحيفة laquo;آسيا تايمزraquo; أن laquo;داعشraquo; وحلفاءها يريدون إقامة laquo;سورياستانraquo; على نمط طالباني، ويتلقى مقاتلوها وحلفاؤهم من التنظيمات المتطرفة الأخرى مثل laquo;جبهة النصرةraquo; رواتبهم بانتظام من الاستخبارات الإيرانية والعراقية، ويصفهم بيب إسكوبار مؤلف كتاب laquo;غلوبالستان.. كيف ذاب العالم المعولم في حرب سائلة؟raquo; بمرتزقة جاهزين للشراء من أي طرف يدفع أكثر.

والحقيقة أن مقاتلي laquo;داعشraquo; وحلفاءهم من المخابرات الإيرانية والسورية وأيضاً العراقية يحاولون سرقة الثورة السورية التي لا تريد شيئاً سوى الحرية والإنصاف، وبناء سورية جديدة من دون استبداد نظام بشار الأسد، لدرجة أن مجلة laquo;تايمraquo; نقلت عن بعض الثوار قولهم إنهم لو خُيّروا بين laquo;سورياستانraquo; التي يسعى مقاتلو laquo;داعشraquo; لبنائها وسورية في قبضة الأسد، فإنهم سيكونون مجبرين على الخيار الثاني، لأنهم لا يريدون أن يحكمهم تنظيم laquo;القاعدةraquo;، وفي الحقيقة أن غالب السوريين يرى استحالة القبول بأي دور لنظام الأسد في سورية ما بعد laquo;جنيف 2raquo;، لأنه لا يمكن معالجة الظلم بظلم من جنسه، وهو ما يعني أن على الثوار السوريين - خصوصاً الجيش الحر - خوض معركة حاسمة مع laquo;داعشraquo; وحلفائها، حتى يمكن بناء سورية الحرة التي يحلم بها السوريون، في ظل تضعضع قوات الأسد وارتباك laquo;حزب اللهraquo;.

كما أن أستاذ العلوم السياسية التركي عارف كسكن يرى - بحسب موقع laquo;لايف ليكraquo; - أن إيران تستخدم laquo;داعشraquo; وlaquo;جبهة النصرةraquo;، وهي تدرك جيداً علاقتهما بتنظيم laquo;القاعدةraquo;، ويشير بوضوح إلى أن إيران تدعم الجماعات المنتمية إلى laquo;القاعدةraquo;، لأنها تريد تشويه المعارضة السورية لدى الغرب لمصلحة نظام بشار الأسد، وأزيد على ذلك أن إيران بحسب اعترافاتها تستضيف رموزاً من laquo;القاعدةraquo; وعائلاتهم، إضافة إلى أنها تسهل عبور عناصر laquo;القاعدةraquo; من باكستان وأفغانستان والشيشان إلى سورية والعراق.

كما لا يخفى على كل متابع وبحسب وسائل إعلام عدة، أن زعيم laquo;داعشraquo; أبوبكر البغدادي عميل للاستخبارات العراقية والإيرانية، وهي من طلب منه الانضمام إلى laquo;القاعدةraquo;، وسبق أن أشارت صحيفة laquo;التايمزraquo; البريطانية إلى أن البغدادي بدأ ارتزاقه عميلاً للولايات المتحدة، ثم باع نفسه للاستخبارات العراقية والإيرانية، كما أن بعض قادة laquo;داعشraquo; جنّدتهم الاستخبارات الأميركية في العراق لاختراق التنظيمات الموالية لـlaquo;القاعدةraquo;، لكنَّها باعت نفسها لاستخبارات طهران وبغداد، لأنها تدفع أكثر.

وتشير التقارير إلى أن تنظيمات laquo;داعشraquo; وlaquo;جيش المختارraquo; وlaquo;أبو الفضل العباسraquo; وlaquo;عصائب أهل الحقraquo; كلها من صناعة وتدبير الاستخبارات الإيرانية، بهدف تحقيق مخطط الفتنة الطائفية في المنطقة لتسهيل الهيمنة عليها، وتلك الأذرع الإرهابية الإيرانية من (سنة وشيعة) كما أحزابها لها ارتباطات بعضها سياسية ومادية، وبعضها طائفية بالنظام الإيراني عبر فيلق القدس الذي يوزّع المهمات عليها، ويمدها بالأموال لخدمة استراتيجية طهران.

ولاحظ خبراء في الشأن السوري والحركات الإرهابية، أن مقاتلي laquo;داعشraquo; وحلفاءهم قلّما خاضوا معارك ضد الجيش السوري، ما يعزز ما يشاع عن أنهم خرجوا أساساً من سجون بشار الأسد، وكلفوا بدورهم الحالي، فهم يسعون للسيطرة الميدانية، ويهاجمون معارضي الأسد من عناصر الجيش الحر والكتائب الإسلامية الموصوفة بالاعتدال، والتحليل الأرجح أن laquo;داعشraquo; إنتاج سوري - إيراني مشترك لاختراق المعارضة وتشويهها.

والتساؤل الذي يطرح نفسه: لماذا تستبسل laquo;داعشraquo; في التمسك بمعاقلها في محافظتي الأنبار ونينوى في العراق؟ والإجابة الأقرب إلى الحقيقة هي التي وردت في بيان وزارة الخارجية الأميركية الصادر في 23 كانون الأول (ديسمبر) 2013، والذي وصف laquo;داعشraquo; بأنها laquo;عدد مشتركraquo;، وهو متمسك بالأنبار ونينوى، لأن معسكرات التدريب الخاصة بمقاتليها توجد هناك، خصوصاً من يدربون لتنفيذ عمليات انتحارية، ولأنها تحلم بإمارة إسلامية في مناطق غرب وشمال غربي العراق، وهي في الحقيقة معاقل لـlaquo;القاعدةraquo; منذ الغزو الأميركي عام 2003.

والملاحظ أن خروج معظم قادة laquo;داعشraquo; وlaquo;جبهة النصرةraquo; من سجون الأسد والمالكي يؤكد أنهما من أدوات المحور السوري - الإيراني وتواطؤ المالكي.

الأكيد أن معرفة مصدر أموال laquo;داعشraquo; وكيفية وصول المال والسلاح إليه هما السبيل لفك ألغاز من يقفون وراءها، وبالتالي تفكيك الخطر الذي يوشك أن يغرق المنطقة جراء نشاط هذا التنظيم الإجرامي - الإرهابي، علماً بأن الشبه الشديد بين وسائل التعذيب وحفلات القتل الجماعي التي ترتكبها قوات بشار الأسد وعصابات laquo;داعشraquo; وحلفاؤها يمثل دليلاً دامغاً على الصلة العضوية بين الأسد وlaquo;داعشraquo; وإيران وسياسات نوري المالكي الذي كلما تذكرت ممارساته الطائفية البغيضة في العراق، تذكرت رواية laquo;اخرج منها يا ملعونraquo; (لكاتبها) الذي قيل انه صدام حسين!