مطلق سعود المطيري

هل مؤتمر جنيف 2 سينعقد من أجل الشعب السوري أم من أجل طهران ؟

فجميع التحركات السياسية هذا الاسبوع تصب بخيار طهران وتعطيها خاصية نجاح المؤتمر فالحوار من أجل طهران، وليس معها، بات قناعة راسخة في الحوارات التي تعقدها واشنطن مع اطراف الازمة، فمناقشات الدبلوماسية الامريكية مع الدبلوماسية الروسية بعيدة كل البعد عن حقوق الشعب السوري وشديدة القرب من المصالح الايرانية، فواشنطن تريد من هذا المؤتمر ان يحقق امرا واحدا فقط وهو صناعة التقبل الدولي للحضور الايراني، أما سوى ذلك فتلك خيارات غير مطروحة..

فسبيل حل الازمة السورية عند الادارة الامريكية ان تبقى أزمة ليتم استخدامها في التهديدات والتحذيرات من الارهاب وبناء تحالفات سياسية جديدة وإعطاء اسرائيل الوقت الكافي لكي تختبر الحقائق على الارض، وتفحص التوجه الايراني الناعم نحوها، فواشنطن قدمت طهران لتل ابيب بوجه واحد فقط الوجه الذي يمكن الاعتماد عليه في حماية الامن الاسرائيلي ليس على المدى القريب ولكن على المدى البعيد، فهل اقتنعت اسرائيل بذلك، أم أن الطريق للوصول الى قناعة تقبل طهران مازال بعيدا؟

الوقت ليس عنيدا على من يعرف كيف يحسب ساعاته بتخطيط وانجاز وليس بدم وحرائق، الحاضر لصالحهما أي اسرائيل وايران والمستقبل ايضا لصالحهما بمساعدة امريكية وروسية، اليوم هناك قناعة كبيرة في بيوت الخبرات السياسة الدولية بأن حماية التفوق الايراني بالمنطقة هو الضمان الحقيقي لأمن اسرائيل، فالتعامل معها كحضارة انسانية موجود، ومازالت لديها اشياء تقدمها لجميع بلاد الارض هو ما سوف يجعلها حليفا استراتيجيا ليس في بناء المستقبل وحسب بل حتى بكتابة التاريخ، فهوية الدولة اليهودية لن يكون لها تاريخ الا بمساعدة حضارة تاريخية تعطيها الشرعية والاستمرارية، وهنا سوف نشهد كيف يكتب تاريخ المنطقة من جديد وبلغة فارسية وعبرية.

الذي يحصل الآن من حوارات بين الفرس والدولة العبرية وواشنطن سواء أكانت معلنة أم غير معلنة جميعها تهدف لطمس التاريخ العربي في المنطقة وأفضل طريقة لذلك هي إشعال حرب المذاهب، فالهجوم الدولي والاقليمي على السنة سوف يعقبه ايضا هجوم على الشيعة العرب، فإسرائيلياً مطلوب ان لا يكون للعرب تاريخ ولن تستطيع ان تلغي تاريخ العرب الا بإبراز التاريخ الفارسي، فقريبا سوف نشهد إعادة تقديم العلماء المسلمين الاوائل للعالم بنسخة فارسية مع تقديم العرب بصورة الجهل الذي يهدد انتاج الحضارات وانسانيتها.

في بداية الازمة السورية قالوا في اسرائيل ان ضرب طهران عسكرياً سوف يمر من خلال سورية، واليوم الذي نشهده ان طهران وبمساعدة واشنطن وموسكو هي من تضرب العرب من خلال الازمة السورية.. فمؤتمر جنيف الذي دعت له الامم المتحدة في نهاية يناير لن يكون اطلاقا لصالح الشعب السوري بل سيكون بداية لتشكيل محاور سياسية جديدة في المنطقة بدون ان يكون احد اطراف هذه المحاور عربيا، حتى بشار الاسد سيكون مستبعدا من هذه التحالفات فوجود بشار في الشام اليوم يشبه الى حد كبير وجود داعش، لهما مهمة محددة تعرف طهران نهايتها، فلا نهاية للازمة السورية الا مع وجود التقارب الايراني - الاسرائيلي المعلن.