أشرف عـبد المنعم

(rlm;ليست هناك مشكلة بالمرة مع المسلمين إذا عاشوا فراديrlm;,rlm; ولكن المشكلة تبدأ دائما حين يعيش المسلمون في جماعاتrlm;)!rlm;

كانت تلك العبارة من أغرب التصريحات الصادمة التي استمعت إليها عبر الشاشات الإخبارية علي لسان أحد الرهبان البوذيين في دولة ميانمار, ممن شاركوا في رفع السيف ضد المسلمين هناك; يحرقونهم ويحرقون منازلهم ويكيلون لهم صنوف العذاب! استوقفني هذا التصريح بحق وأنا أتأمل حال المسلمين المعاصرين, ولا أخفيك سرا أنني استدعيت من الذاكرة جاهدا كل ما من شأنه ان ينفي هذا التصور عنا, ولكني للأسف و بعد طول تأمل و استدعاء وصلت إلي نفس النتيجة تقريبا ــ نعم,لقد تولدت علاقة شبه شرطية بالفعل بين ارتفاع مستوي التدين وسط جماعة من المسلمين و بين جنوحهم الشديد إلي العنف وليس السلم, سواء بالفعل الجسدي أو بمجرد النية إلي ذلك, في الوقت الذي يتنافي ذلك كلية مع تعاليم هذا الدين;وتلك مسالة أصبحت من فرط تكرارها لا تحتاج إلي دلائل أوبراهين, من بعد أن تجاوزت آفاق النمط السائد إلي مستوي القاعدة! ثم أسال نفسي: ما الذي( شقلب) حال المسلمين إلي الحد الذي يدفعهم دفعا إلي التربع علي قمة دعاة العنف بينما ألسنتا و ألسنة دعاتنا لا تفارق ابدا كلمة التسامح؟ يقع الفعل العنيف, فيخرج الدعاة إلي العالم يشجبون ويدينون ويؤكدون تسامح جوهر الديانة وتنافيها مع ما حدث من عنف!! فمن تري الغرباء يصدقون: الأفعال الدالة علي سلوكيات أتباع الإسلام المعاصرين أم الأقوال؟ وهل ثمة خلل في الخطاب الديني يؤدي بنا إلي تلك النتيجة دون أن نشعر؟ وفي هذا أسألك سؤالا محددا,ألا تلحظ معي أن المسلم المعاصر قد سقط في براثن طرفي معادلة عنف لا ينتبه إليها أحد: الطرف الأول, يمثل خطابا دينيا لايري الماضي إلا من خلال روايات متكررة منتقاة تنطوي علي( أحداث عنيفة) نلبسها رداء( البطولة الدعوية) عنوة, والطرف الآخر, لايري في المستقبل البعيد سوي منظومة من عنف مفرط ينتظر الناس منذ لحظة الموت إلي ما شاء الله؟
فإذا كانت الروايات عن المسلمين الأوائل تفوح منها دائما رائحة الدماء سواء كانت دماء المسلمين أنفسهم أو دماء أعدائهم; وإذا كانت بداية الانتقال إلي العالم الآخر تفوح منها رائحة التنكيل بالمتوفي, فكيف إذن لا يتحول واقعنا إلي معزوفة عنف شاملة تحاول قدر جهدها أن تتسق مع إيقاع الأولين في بطولاتهم العنيفة تلك( تفاديا) لصنوف العذاب( المتشوقة للقائنا) في الآخرة; تلك الآخرة التي يروج الدعاة لها بأن الأصل فيها هو فرط العذاب; وأن الرحمة فيها وضع استثنائي نادر الحدوث؟ علما بأن العكس تماما هو الصحيح; نحكي للناس عن إمرأة يهودية هجت الرسول(,) أي ذمته بقصيدة شعر, فيأتي صحابي في اليوم التالي ليخبر النبي(,) بأنه قتلها ليلا بأن غمد السيف في أحشائها وهي نائمة!! و لانحكي للناس عن الرسول(,) حين خاطب جنوده:( لا تقتلوا( امرأة) ولا وليدا ولا شيخا ولا تحرقوا نخيلا ولا زرعا)!
نحكي للناس عن الإله المتوعد بصنوف العذاب في الآخرة, ولا نحكي لهم عن النبي(,) حين رأي أما تضم طفلها إلي صدرها في حنان بالغ, فيلتفت النبي(,) إلي أصحابه متسائلا: أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ فيقول الصحابة: لا والله يارسول الله, فيقول(,): لله أرحم بعبده المؤمن من هذه بولدها!
ولا نحكي للناس( أبدا) ما جاء علي لسان النبي(,):( يدني المؤمن من ربه حتي يضع عليه كتفه فيقرره بذنوبه, فيقول سبحانه: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول العبد: رب أعرف, فيقول الله له: قد سترتها عليك في الدنيا, وأنا أغفرها لك اليوم!
أي رحمة وأي حميمية وأي علاقة دافئة هادئة سمحة تنتظر الناس يوم التلاقي و أي غفران؟ فأين هذه الرحمة المفرطة من إناس يكبرون باسم الله وهم يقتلون, وأين تلك الرحمة من أناس يختبئون في الجحور كالذئاب النهمة الجائعة المتعطشة للدماء, يخرجون فرادي وفي جماعات لتنفيذ عمليات غدر رخيصة يروعون بها الآمنين, يخولون لأنفسهم حق قتل الناس جميعا لإعلاء اسم الله, بينما يقول رسوله(,): أذنب عبد ذنبا, فقال:اللهم اغفر لي ذنبي, فقال الله تعالي: علم عبدي أن له ربا يغفر ذنبه..قد غفرت له! يا إلهي, إن الله يري في مجرد طلب المغفرة من الذنب إقرار ضمنيا بالإيمان يستحق المغفرة! يفعلون هذا مرضاة للإسلام, بينما رسول الإسلام يقول: من أشار إلي أخيه بحديدة, فإن الملائكة تلعنه حتي ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه! من( أشار)( بحديدة)؟ فما بالك بالمولوتوف والخرطوش والفرد والآلي والسيارات المفخخة؟ لكن متطوع تونسي في المعارك الدائرة علي الأراضي السورية لخص المشكلة بإيجاز شديد; وذلك حين سمعته علي إحدي الشاشات يقول بشوق غريب مبررا جرائمه:نحن هدفنا الفردوس الأعلي..(الحور العين)!