عبدالعزيز صباح الفضلي

دعت حكومة الانقلاب الشعب المصري إلى التصويت على الدستور الجديد، واليوم الأربعاء هو اليوم الأخير للمشاركة فيه، وأجزم بأن من شارك أو سيشارك فيه قد ارتكب جريمة في حق نفسه ووطنه وأمته.
فكيف لعاقل أن يشارك بدستور وضعته سلطة انقلابية قفزت على السلطة بعد مؤامرة عربية صهيونية صليبية، فهو وثيقة منعدمة شرعا وقانونا لأنها ناتجة عمن لا حق لهم في استصدارها.
كيف لمسلم أن يشارك في دستور يحارب الشريعة الإسلامية ومبادئها وعقيدتها، فالدستور الجديد يدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق، وفي شريعتنا هناك اختلاف في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة.
الدستور الجديد أعلن التزامه الكامل بالمواثيق الدولية، ولا يخفى على أحد أن بعض هذه المواثيق تتعارض مع الشريعة الاسلامية، يعطي الدستور الجديد الحرية المطلقة، ويدخل في ذلك حرية الاعتقاد مما يعني جواز الالحاد.
حُذف من الدستور مادة تحظر الإساءة أو التعرض للأنبياء والمرسلين، تم إلغاء المادة 219 والتي كان يدافع عنها حزب النور أيام الرئيس مرسي ثم تنازل عنها في عهد السيسي وهي التي تنص على أن يكون تفسير النصوص الشرعية عن طريق هيئة الأزهر ووفق فهم الصحابة وسلف الأمة، بينما ترك الأمر الآن إلى تفسير المحكمة الدستورية وعلى ألا تأخذ من النصوص إلا ما كان قطعي الثبوت والدلالة وهي التي لا تتعدى 5 في المئة من أحكام الشريعة، وزيادة في محاربة كل ما له علاقة بالإسلام تم حذف المادة التي تنص على أن مصر جزء من الأمة الإسلامية.
من عيوب دستور الانقلابيين، أنه لم يأت عبر توافق وطني وإنما أغلب أعضائه من التيار اليساري والعلماني، وليس هناك ممثل للتيار الإسلامي سوى عضو واحد من حزب laquo;النورraquo;، بينما يعلم الجميع بأن التيارات الاسلامية في الانتخابات السابقة حازت على أكثر من نصف المقاعد في البرلمان.
هذا الدستور تمت صياغته بعيدا عن الحوار المجتمعي، بينما الدستور في عهد مرسي تم نقل جلساته على الهواء مباشرة، أعضاء هذا الدستور خليط بين أناس عليهم شبهات مالية وأخلاقية، ومن غير أهل الاختصاص، بينما الدستور في عهد مرسي شارك في صياغته 100 شخص تم انتخابهم ويمثلون أغلب شرائح المجتمع من ذوي الاختصاص.
هذا الدستور هو دستور صليبي بدليل دعوة الكنيسة وحضها لمنتسبيها وأتباعها على المشاركة في التصويت، وصبغت تلك الدعوات بصبغة دينية كما قال تواضروس : صوت بالدستور بنعم لتدوم النِّعم، وقول بعضهم صوتوا للدستور لأنه سيعيد مصر إلى أحضان الأقباط.
بل إن ديباجة الدستور الجديد خلت من أي آية قرآنية أو حديث نبوي شريف بينما تضمنت كلمة للبابا شنودة : ( هذه مصر وطن نعيش فيه ويعيش فينا )!!؟
لقد دعا إلى مقاطعة دستور الانقلابيين الجديد جميع الأحزاب والتيارات الإسلامية في مصر بمختلف توجهاتها عدا حزب النور، كما دعا إلى المقاطعة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورابطة علماء المسلمين، وعدة منظمات وروابط إسلامية لاستشعارها خطورة المشاركة على الشعب المصري والأمة العربية والإسلامية.
إن المشاركة في الدستور هو إعانة لسلطة انقلابية، تحاول تثبيت حكمها عبر ارتكاب المجازر ومصادرة الحريات، ومحاكم صورية، وتهم معلبة لكل من يعارضها علانية، واعتقالات طالت الكبار والصغار، الرجال والنساء، لذا صار التصويت على الدستور هو من صور الإعانة على الإثم والعدوان.
حريٌ بالمواطن المصري أن يمتنع عن التصويت عندما يرى أن من أكثر الداعمين والمتحمسين له هم الراقصات، ولا يمدح السوق إلا من ربح فيه.
لقد جاءت نسبة التصويت على الدستور الجديد في الخارج مخيبة للانقلابيين، وإن كانوا سيعوضونها بـ laquo;التزويرraquo; في الداخل، لكن مهما كانت النتيجة، فإن الشعب المصري قد قال كلمة: لا للانقلاب ونعم للشرعية.