علي سعد الموسى


سيقفل هذا المساء، وحده، على ما يزيد عن سبعين رحلة مجدولة وإضافية من مطاراتنا المختلفة إلى دبي وحدها، وهو رقم معلن، أما رقم التخمين الخفي، فيقول إن ما يقرب من مليون سعودي سيقضون إجازة نصف العام الدراسي في هذه المدينة. وكنت دائما أردد وأقول إن هذا النزوح الجماعي البيني ـ ما بين دولتين ـ وبهذه الكثافة الهائلة، يجب أن quot;يرشدquot; باستحداث البدائل، وتوفير مناخات محلية منافسة، حتى قرأت لكم بعض الحقائق. وقبل أن أسرد شيئا مما قرأته، يلزمني أن أقول واثقا، إن أيا من مدننا لن تكون لنا جميعا بديلا ـ على الإطلاق ـ عن دبي. وكذبة كبرى إن ضحكنا على أنفسنا أن quot;السعوديquot; يذهب إلى دبي بحثا عن المتنفس: على العكس، هو يغادر مربع الفوضى إلى دائرة القانون التي لا تسمح له حتى بتجاوز الخط الأصفر على الطريق. ولا تفهموا مفردة quot;المتنفسquot; التي قلتها في سياقها اللا أخلاقي؛ لأن القلة لا تعكس انضباط الأغلبية الكبرى، ولن نكذب على قواعدنا، فهذه القلة في مدنها السعودية تستطيع توفير كل ما توفره لهم دبي.
السعودي يذهب إلى دبي؛ من أجل أن يعيش تفاصيل يومه بشكل مجتمعي واجتماعي طبيعي افتقده ولم يعد يجده في مدنه، حين أصبحنا في مدننا مجرد استراحات مقفلة على أطراف المدن.
السعودي يذهب إلى دبي؛ كي يعيش طبيعيا في المقاهي والأسواق والشوارع والفنادق والمتنزهات والملاهي البريئة للعائلة؛ لأنه في مجتمعه تحول إلى كانتونات مغلقة مقفلة. السعودي لم يعد مع هذا النسق الثقافي الغريب يعرف أي مدلول للحي والحارة. لا يعرف أن المقهى المفتوح ـ كمثال ـ وسيلة تثقيف وتبادل حضاري يرفع الوعي حين انكفأ في دائرة quot;الاستراحةquot; المغلقة.
خذ بالمثال الشارد أن المرأة السعودية حولت الأسواق إلى أماكن نزهة وترفيه بدلا من الوظيفة الاقتصادية البحتة للسوق، بكل ما لهذا الخطأ من تأثير قاتل على ميزانية الأسرة.
يذهب السعودي إلى دبي؛ كي يعيش الطبيعة التي افتقدها في حياته العامة هنا، فلا تظنوا أنه ذاهب للخطأ، ولما كان خارج الفطرة السوية.