علي حماده
مع انطلاق اعمال مؤتمر quot;جنيف ٢quot; في مدينة مونترو البعيدة مئة كيلومتر عن جنيف، يبدأ مسار يطول او يقصر، لكنه مسار جديد في عمر الثورة السورية، والتغيير مقبل في سوريا أياً تكن الاعتبارات، او المواقف الداخلية او الاقليمية. فحسب موازين القوى المتعادلة اليوم لا يمكن أي طرف ان يدّعي الانتصار، لكن المؤكد ان النظام الذي كانت سوريا كلها في جيبه صبيحة الخامس عشر من آذار ٢٠١١، لا يمكنه ادعاء الانتصار، وطبعا لا يمكنه التنطح للفوز بمرحلة السلام المقبلة متى حلت. صحيح ان النظام باع الغرب مسألة الأسلحة الكيميائية فربح وقتا اضافيا، وصحيح انه يحاول اليوم بيع الغرب ورقة quot;التطرف السنيquot; ليكسب مزيدا من الوقت، ولكن الحقيقة المُرة تقول ان الوقت المستقطع لا يعني الفوز، ولا يعني ان بشار الاسد سيكون مرة جديدة حاكما على سوريا التي ورثها، لكنه خسرها بجدارة منقطعة النظير.
فحصيلة المواجهة الكبيرة الجارية في سوريا لا نتيجة لها سوى خروج الأسد من دمشق عاجلا ام آجلا. بالقوة او بالدبلوماسية لا فرق. فكل العواصم الكبرى المعنية بالمعركة في سوريا تعرف تماما ان بشار الاسد صامد بدعم الايرانيين والروس، وليس بقوته الذاتية التي اضمحلت فتحولت قوات النظام ميليشيات تمتلك قوة نارية فائقة لكنها غير قادرة على القتال.
بشار صار من الماضي، وكل الجهد الديبلوماسي منصب الآن على صوغ مرحلة ما بعد بشار. فالحديث عن مرحلة انتقالية، والبحث عن شخصية يمكن الركون اليها لقيادة المرحلة الانتقالية مزودة صلاحيات واسعة معناه ان بشار مدعو الى المغادرة. وسوف يغادر عاجلا ام آجلا مهما طالت كلمات ممثليه في المحفل الدولي المعني كما حصل صباح البارحة مع وليد المعلم.
ليس في امكان النظام تحقيق الانتصار على الارض، وليس في امكانه اعادة تأهيل نفسه مع توالي التقارير الدولية المحايدة التي تلقي مزيدا من الاضواء على حجم المجازر التي ارتكبتها قواته خلال الاعوام الثلاثة المنصرمة، فضلا عن ان المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا نفسها، يدرك ان الحديث مع بشار حول مستقبل سوريا غير مجد.
في هذا الوقت تستمر المناورة الديبلوماسية على ضفاف quot;بحيرة ليمانquot; حول مفهوم المرحلة الانتقالية. فكيف يقود بشار كما يطالب هو مرحلة انتقالية مهمتها توليد نظام سوري جديد؟ هذا السؤال هو الموجه الاساسي لعمل العواصم الكبرى المعنية التي بيدها الحل والربط، ايا يكن موقف الايرانيين الذين الغيت دعوتهم الى المؤتمر نتيجة رفضهم الموافقة المسبقة على مضمون quot;جنيف -١quot; الواضح في بنده المتعلق بالمرحلة الانتقالية التي يفترض ان تشهد ولادة حكومة انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية واسعة في جميع المجالات، بما من شأنه ان يقوض سلطة بشار وبطانته القريبة، فيلغي من الناحية العملية النظام الحالي دونما حاجة الى اعلان ذلك.