يوسف الكويليت


لا يزال وزير خارجية سورية quot;المعلمquot; يعيش ثقافة المذياع في الخمسينيات من القرن الماضي وخطب التهييج والصراخ، فقد ظهر متوتراً مخاصماً الحضور عدا روسيا بأنهم إما متخلفون مثل بدو الجزيرة العربية، والذي ينطق بمفرداتهم اللغوية!! أو الآخرون الذين رسم لهم خطوطاً حمراً بأن سلطة حكومة الأسد ستفجر المنطقة كلها، فكان مسخرة الرأي العام العالمي الذي انتظر مشروعاً للحل واعترافاً أدبياً وأخلاقياً بالجرائم التي قامت بها تلك السلطة، ولم ينقصه إلا أن يعيد ذكريات الزعيم السوفيتي laquo;خروتشوفraquo; عندما ضرب على منصة الأمم المتحدة بحذائه؟!

الغريب أن من تناولوا الحدث السوري لم يستعملوا هذا الهياج وحتى لافروف وزير خارجية روسيا لم يذكر الأسد أو يدافع عن النظام لقناعته أن الواقع المشاهد في الجرائم أكبر من منطق التبرير، لكن وليد المعلم حاول قلب الطاولة بمشهد كوميدي لأن بند تغيير السلطة لا يعني إعفاءها من جرائمها التي ستلاحقها، والمعلم أحد من ستطالهم المحاكمات، وقد جاءت كلماته متجاوزة الوقت، وهذا دلالة أن الذي يستهين بنظام جلسة دولية، لا يهمه ماذا يحدث في بلده، إذا كان بقاء الرئيس وسلامته، المقايضة الثابتة في الموقف كله..

سبق الحديث والتساؤل عمّن جلب الإرهاب لسورية، ومن كرسه في العراق ولبنان، ومن قتل ثلاثين ألف بريء في حماة، ومن باع الجولان ومن، ومن، إلى آخر الذكريات المؤلمة بما فعله نظام أسرة الأسد، وفي ذات التوقيت جاءت محاكمات الضالعين بقتل الحريري لتضع حزب الله ونظام الأسد في نفس التهمة وهناك من الوثائق والصور ما يجعل تلك السلطة أمام ملاحقات قانونية وقضائية سوف لن تستثني أحداً..

جنيف (2) هي بداية محاكمة للنظام قبل المصالحة، وهو انتصار لسورية الشعب والوطن وممثليه، ومع أن الأدوار ستتقاسمها أمريكا وروسيا، إلا أنهما، فيما يبدو، على وفاق بأن لا مكان للأسد أو من استعان بهم بحربه ضد السوريين لأنهم المشكلة والعقبة، ويستحيل مكافأة مجرم بإعطائه أي شرعية أو ضمانات لسلامته وهناك مصلحة مشتركة ألا تدخل سورية وضع الصومال أو أفغانستان طالما الأمور يمكن التوفيق فيها بين من يديرون المعركة الدبلوماسية بثقلهم السياسي والعسكري..

الحضور المكثف لمؤتمر المصالحة، لا يظهر التفاؤل بنجاح جنيف (2) لأن الهوة التي تفصل الطرفين كبيرة ومعقدة، ونظام تعوّد الاستئثار بالسلطة لا يمكنه قبول التخلي عنها إلا بقوة دولية تفرض الأمر الواقع، والمعارضة ذهبت بشروط أقرتها اجتماعات جنيف (1)، وهنا تبدأ الأزمة ولا تنتهي، لأن مبعوثي النظام يعتقدون أنهم جاءوا لبحث بند واحد فقط وهو مكافحة الإرهاب، وهذا قبل أن يحرجهم، قد لا يقبل به المندوبون الروس الذين يعدون أنفسهم شركاء ثابتين في حلحلة هذه المشكلة وموقّعون على الاشتراطات التي بموجبها تم صياغة بنود جنيف (2). وعموماً فمجريات الأحداث قد تطول وتأخذ سنوات طالما قد ينتهي الشوط الأول منها بالتعادل، ويصبح الإبراهيمي حكم ساحة لشوط آخر قد لا ينتهي بأي نصر لأي من الطرفين..