عبدالله بن بخيت


لماذا لم يتدخل الغرب في سورية؟

الجواب باللهجة الشعبية البسيطة: وش عليه منهم (مسلمون يقتلون مسلمين). عندما جرت مذبحة الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا سأل الصحفيون مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل آنذاك عن سبب عدم تدخل القوات الإسرائيلية لمنع المذبحة فقال: قوييم يقتلون قوييم ما دخلنا في الموضوع.

وللذي لا يعرف ما تعني قوييم، نشير إلى أن كلمة قوييم تعني الأغيار أي كل من ليس يهودياً. كان القتلة في تلك المذبحة حزب الكتائب (مسيحيون) والضحايا كانوا فلسطينيين. تجادلنا حينها وأدنا كلمته العنصرية واللانسانية إلى آخر مقدرتنا على إنتاج الاتهام. كانت صورة الجريمة مثالية لمن يريد أن يتهم الآخرين. القتلة مسيحيون وبإشراف يهود والضحية مسلمون.

لا يوجد مجال للخروج من اسر التفكير النمطي الذي يقود إلى المؤامرة. أقنعنا أنفسنا بما قاله دعاتنا الأفاضل (العروبيون هذه المرة) أن ما جرى مؤامرة صليبية صهيونية. بعد سنوات فكرنا هل كان بيغن على حق.

قبل ثلاث سنوات ثار الشعب السوري على النظام الفاشي في دمشق. لم يكن الأسد يملك من شرعية لحكم البلاد سوى قوة مخابراته وحرسه الخاص والأكاذيب القديمة التي يرددها إعلامه. كان الصراع السوري نقياً. شعب يناضل من اجل حريته التي سلبت منه أربعين عاما. لكن خلال السنوات الثلاث استطاع هذا الحكم الفاشي أن يُدخل على اللعبة بعدا جديدا. وضع خبرته في صناعة الاضطرابات موضع التنفيذ. ولأنه يعرف كل الأحقاد التي تستوطن المنطقة وجد في الاحتقان الطائفي ضالته. كما نعرف رائحة الفطائس تجتذب الضباع. في اللحظة التي اندلعت فيها رائحة الطائفية اندفع الطائفيون والمليؤون بالأحقاد التاريخية إلى ساحة الوغى. هكذا اندلعت حرب بين المسلمين والمسلمين ثم تطورت إلى الهدف الأسدي الاسمى ان اندلعت في داخل الطوائف نفسها. صارت تمر أيام لا نسمع بالأسد أو جيشه. صارت المسألة داعش والنصرة والتجمع الإسلامي وحتى الجيش الحر استُدرج للمعركة الجانبية. نعود مرة أخرى إلى سؤالنا: لماذا لم يتدخل الغرب؟ هل القضية مصالح؟

لا أحد يستطيع أن يقول إن في سورية مصالح للغرب غير أمن إسرائيل وهذه انتهى أمرها بعد نزع السلاح الكيماوي، وإذا كانت القضية إنسانية أين يجب أن يقف الغرب، في صف من،

داعش أم النصرة ام حزب الله؟ كل منهم يدعي الإسلام. وكل منهم يجاهد. والأكثر محنة أن هؤلاء يؤمنون أن عدوهم الأكبر هو الغرب وأمريكا تحديدا. يؤمنون أنهم في الجنة والغرب في النار.

يقتلون بعضهم البعض ليذهب جميعهم إلى الجنة. إذا إحجام الغرب عن التدخل هو المساعدة الحقيقة التي يمكن أن يقدمها للأطراف المحاربة أو أن تعاد كلمة مناحيم بيغن الشهيرة (أغيار يقتلون أغيار فلماذا نتدخل؟)