فاتح عبدالسلام


المجالس العسكرية يجري الإعلان عنها تباعاً في مدن وأقضية ونواح عراقية مختلفة . لا أحد يعلم أعدادها أو الجهات التي تقف خلفها الآن بشكل نهائي ، وكل فريق يزعم أنه وحده في الميدان ، لكنها في إزدياد واضح وبفعل الدعاية أحياناً. وعملياً أصبحت الرمادي والفلوجة قطعة من الميدان العسكري في كل المواصفات
وبات عدد النازحين من هاتين المدينتين يفوق أعداد النازحين الذين خرجها من بيوتهم في أيام القتال الطائفي الواسع عام 2006 إذا تم قياس الأعداد على وفق فترة أسبوع واحد ،وتقوم مناطق أخرى تعاني التعب أصلاً باستضافة النازحين وإيوائهم ضمن النخوة العراقية المعروفة ، ومن المتوقع أن تقيم الأمم المتحدة مخيمات للنازحين من مناطق العمليات العسكرية .
لكنه أمر محير، فأي مكان يصلح لإقامة مخيمات؟ وكل مكان بات هدفاً للتحول الى منطقة مشابهة في قلقها الإجتماعي ووضعها الأمني مثل الفلوجة والأنبار، باستثناء جنوب العراق الذي لايتوقع أحد في ظل ظروف الشحن بناء مخيمات فيه لنازحي الفلوجة أو تكريت أو الرمادي.


إن ما يجري باختصار يشبه السيناريو السوري على نحو كامل. ولا تبدو هناك علامات واضحة لدى كل طرف لقراءة الدرس الكارثي السوري جيداً ، حيث ثلاث سنوات من القتال الأهلي من دون نتيجة وقد تمزق المجتمع تمزيقاً حقيقياً ، وأصبحت سوريا مشكلة دولية عويصة لا يكفيها مؤتمر جنيف واحد ولا جنيف إثنان ولا جنيف عشرة.
ولعلنا في العراق نسابق ما يجري في سوريا سباق الريح ، ونخشى أن يكون الحديث عن حلول سياسية أصبح في الخلف مبكراً، كما في سوريا التي صحا المتصارعون فيها مؤخراً. حتى موضوع الانتخابات صار في الخلف في ظل القتال الذي يمنع اجراء انتخابات في محافظة كاملة وربما أكثر بعد أسابيع.


الى أين الإتجاه ؟ نحو تقسيم العراق مادامت الفيدرالية المقرة دستورياً أمراً مذموماً مكروهاً.أم نحو الانهيار والمجهول وسط دولة فاشلة جديدة ناشئة.
ثمة مَن نسمعه يقول همساً أو بشكل مغلف أو عبر مواقف على الأرض ليكن التقسيم وقد دفعنا إليه دفعاً. لكننا لا نسمع أحداً يتحدث عن الثمن الدموي لذلك الإتجاه، ربما لنقص في الوعي وانسياقاً وراء موجة لا ضابط لها أو ربما لدور مرسوم من آخرين داخل البلد أو خارجه ، لم يعد هناك فرق كبير.