حسام عبد البصير

بمرور الوقت تتحول مصر لسجن كبير لا مكان فيه لكل من يفكر في أن يقول لا، ولو بين جدران منزله، وكأن الشعب الذي قام بثورتين بهدف اللحاق بركب العالم المتقدم كُتب عليه أن يرتد على عقبيه لعصور سحيقة حينما كان الاستبداد والقهر عنواني الكثير من الأمم.. وفي ظل رغبة محمومة لتجميد الشارع وتكميم الأفواه وتجفيف منابع الحرية بأوامر عليا وبدعم واسع للأجهزة الأمنية، امتدت حملة البطش والإرهاب نحو جهات كانت تمثل رافعة النظام في بطشه بالإخوان قبل عام، ولعل ما تعرض له رئيس تحرير «المصري اليوم» وزميل له أحيلا للنيابة بتهمة سرقة وثائق أمنية، دليل على أن هناك من بوسعه تقديم قرابين للنظام كل صباح، حتى لو كان الضحايا من بين أنصاره.. أكاد اسمع الآن أنصار الإخوان يرددون قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود: «من أعان ظالماً سلط عليه.. فكيف الحال بمن اعان نظاماً كاملاً..».


ومن أبرز ما يكشف نية النظام الإمساك بيد من حديد كل من تسول له نفسه الخروج على قواعد اللعبة، عدم اهتمام الحكومة بقرار «مركز كارتر لدعم الديمقراطية»، الذي اعلن مؤخراً تجميد أنشطته في القاهرة بسبب المناخ الذي يسود البلاد والذي لا يشجع على التحول الديمقراطي، ولا يبشر بانتخابات ديمقراطية نزيهة.. غير أن ما يدهش المراقبين حقاً هو تلك التسريبات التي انطلقت قبيل بدء العام الدراسي، حينما أعلنت تقارير منسوبة لقيادات عدد من الجامعات بمباركة أمنية استخدام طلاب وصفوا بالوطنية في التجسس على زملائهم الرافضين للنظام الحالي، ورغم الرفض الواسع لهذا الأسلوب، حتى من قبل رموز مؤيدة للنظام، بسبب ما سيسفر عنه من بغضاء وعداوة بين الطلبة، إلا أن أي جهة لم تعلن تبرؤها منه، الأمر الذي يعيد الجامعات لعهود بائدة، ويكاد يحيلها لبؤر ملتهبة طيلة العام الدراسي، وقد شهدت الصحف الصادرة أمس مزيدا من المعارك الصحافية ضد كل من تسول له نفسه معارضة النظام في المقام الأول، كما تفاقمت حدة النقاش حول الانتخابات البرلمانية والغموض الذي يكتنفها وإلى التفاصيل:

أهم الصحف الداعمة
للسيسي تحت الملاحقة

البداية مع هذا الإعصار الذي تعرضت له إحدى أهم الصحف التي دعمت الرئيس السيسي في إنهاء حكم الإخوان المسلمين، وهي جريدة «المصري اليوم» التي عرفت أخيراً طعم الخوف، ولنترك افتتاحيتها تروي ما جرى: «تعرضت حرية الصحافة في مصر لانتكاسة خطيرة، أمس الأول، أثارت غضب الجماعة الصحافية وكل أنصار الحرية، بعد تقدم وزارة الداخلية ببلاغ ضد «المصري اليوم»، زعمت فيه أن الجريدة «سرقت» أوراق التحقيق في قضية مخالفات انتخابات الرئاسة عام 2012، في ممارسة تمثل عدواناً صريحاً على الحق في تداول المعلومات، والقانون الذي يكفل للصحافي حماية مصادر معلوماته، وتشكل عودة لعصور تكميم الأفواه، بعد ثورتين من أجل الحرية. ووفقاً للصحيفة التي نشرت ملفاً بعنوان عودة عصر تكميم الأفواه قررت نيابة أمن الدولة العليا، في وقت مبكر من صباح أمس الاول إخلاء سبيل علي السيد، رئيس تحرير «المصري اليوم»، وأحمد يوسف، الصحافي في الجريدة، بكفالة 2000 جنيه، على ذمة التحقيق في البلاغ، بعد أن وجهت لهما تهماً من بينها «تكدير السلم العام، وادعاء بيانات كاذبة، وسرقة أوراق من المحكمة». واستمرت التحقيقات مع الزميلين أكثر من 14 ساعة، في بلاغ مقدم من مساعد أول وزير الداخلية للشؤون القانونية، بشأن ما أعلنته الصحيفة عن اعتزامها نشر وثائق التحقيق في قضية مخالفات انتخابات الرئاسة عام 2012، قبل أن يصدر قرار من النائب العام بحظر النشر في القضية، التزمت به «المصري اليوم» احتراماً للقانون. وقال علي السيد، رئيس التحرير: «فوجئت في التحقيق بأن وزارة الداخلية هي من قدم البلاغ، مع أنها ليست جهة اختصاص، واعتمدت على مجرد إشارة في الصفحة الأولى، من دون التحقق من الأمر، وما أذهلني أكثر أن النيابة وجهت لي ولزميلي أحمد يوسف تهمة هي الأولى من نوعها، وهي اتهام الصحافي باختلاس معلومات من جهات لا تربطنا بها أي علاقة».

الاستعانة بالطلاب
في التجسس يفسد الجامعات

ومن القضايا التي لا يمكن غض الطرف عنها، ذلك القرار الذي تحدث عنه كثير من الكتاب والمراقبين بشأن عزم القيادات الجامعية والأمنية الاستعانة بالطلبة في التجسس على زملائهم المعارضين للنظام، وهو الأمر الذي دفع كتابا من بينهم وحيد عبد المجيد في «المصري اليوم» للتنديد بهذا السلوك: «لعل أخطر ما يهدد المستقبل الذي يمثله الطلاب، وليس فقط العملية التعليمية، هو ما صرح به مسؤولون في بعض الجامعات وأجهزة الأمن بشأن الاستعانة بمن يُطلق عليهم «الطلبة والأساتذة الوطنيون» للإبلاغ عن مثيري الشغب. ويحسب للسيد وزير التعليم العالي أنه حاول تخفيف أثر تصريحات مفجعة نسبت الى أحد رؤساء الجامعات، تفيد بأنه جند بالفعل «جواسيس» بين الطلاب، ولكن الوزير لم يكن مقنعا حين قال ما معناه إن رئيس الجامعة هذا لم يقصد ما نسب إليه حرفيا! ولذلك، ولخطورة هذا التوجه، لا بد أن نسأل عما إذا كان طالب أو عضو هيئة تدريس يمكن أن يجد نفسه مهدداً إذا رفض القيام بهذه المهمة المشينة، التي تعيد إلى الأذهان شخصية محجوب عبدالدايم بطل رواية «القاهرة 30»، بحسب عبد المجيد، وهذه الشخصية يعرفها كثير من المصريين من خلال العمل الدرامي الذي استند اليها، إن لم يكن عن طريق قراءتها؟ فقد صارت هذه الشخصية «نموذجاً» للسقوط الأخلاقي وبيع الضمير. فكم «محجوب عبدالدايم» يريد من لا يجدون حرجاً في الحديث عن سعيهم إلى تحويل طلاب وأساتذة الى «بصاصين»؟ وهل يدركون الكارثة العامة التي ستترتب على تشجيع طلاب وأساتذة للتخلي عن ضمائرهم، أو محاولة إرغامهم على ذلك؟ وهل هذا هو التحديث الذي نرجوه لجامعاتنا؟ وكيف يمكن أن نواصل التطلع إلى «مصر جديدة» تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي مرات، آخرها في كلمته في الأمم المتحدة، في الوقت الذى يُراد بطلاب وأساتذة في الجامعات أن تكون شخصية «محجوب عبدالدايم» هي قدوتهم؟ وما هو نوع البناء الذي يستطيع هؤلاء أن يبنوه على وجه التحديد؟».

عبد الناصر استعان بالحزن بعد النكسة

ونتحول نحو تلك الواقعة التي تشير إلى اهتمام النظام بعد نكسة 67 تجميل صورة عبد الناصر، التي تعرضت للانهيار بين الجماهير، يرويها المفكر جلال أمين في «المصري اليوم»، والتي تهدف لتجميل عبد الناصر بعد تردي شعبيته على إثر نكسة يونيو/حزيران: «في صباح يوم الجمعة 9 يونيو 1967، وكنت وقتها مدرساً صغيراً في كلية الحقوق بعين شمس، وكانت قد وصلتنا بعض الأخبار عن الهزيمة الفادحة في سيناء، من سماع الإذاعات الأجنبية، تلقيت مكالمة تليفونية غريبة، كان المتكلم موظفاً لا أعرفه، أخبرني أن جميع أعضاء هيئات التدريس من جميع الجامعات، مطلوب منهم التجمع في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة، للاستماع إلى بيان رسمي مهم. ذهبت ووجدتها بالفعل مكتظة عن آخرها، وجلسنا في رهبة شديدة متلهفين إلى سماع آخر أخبار الحرب، ولكن هذا لم يحدث على الفور، فبعد تلاوة بعض آيات القرآن الكريم، وقف أحد الأساتذة وهو يرتدي بدلة كاكي، وكأنه راجع لتوه من ميدان القتال، وقال لنا أشياء لا أذكرها بالضبط، ولكني أذكر بكاءه أثناء الحديث، كما أذكر تحذيره لنا من التقاط أي شىء قد نجده ملقى في الشارع، كقلم حبر مثلاً أو ولاعة سجائر، فهي على الأرجح متفجرات ألقاها الإسرائيليون، ثم أتى الجزء الأساسي من الاجتماع، وهو مشاهدة الرئيس عبدالناصر على شاشة كبيرة وهو في حالة حزن شديد، ينبئنا بخبر الهزيمة، ويبررها تبريراً غريباً، وهو أنهم كانوا يظنون أن الهجوم على مصر سيأتي من الغرب، فإذا به يأتي من الشرق، ثم يعلن في نهاية حديثه تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية. تركنا كلنا مقاعدنا ونحن في حالة غم شديد، ولكن قيل لنا إن أتوبيسات تنتظرنا خارج القاعة لحملنا إلى رئاسة الجمهورية للتوقيع في سجل التشريفات، عندها سأل الكاتب نفسه «لماذا يا ترى؟» ثم قرر عدم الذهاب: كان حزن عبدالناصر البادي على الشاشة مؤثراً بالطبع، ولكنه لم يكن كافياً بالمرة لوضع حد لغضبنا بسبب الهزيمة العسكرية، فلم نستطع أن نغفر له ما حدث».

تسويف وتأجيل انتخابات البرلمان
لصناعة فراغ تشريعي ورقابي

على إثر ما يتردد حول تأجيل الانتخابات البرلمانيه تزداد المخاوف من أن يتحول الرئيس لفرعون بكل معنى الكلمة، وهو الأمر الذي يحذر منه جمال سلطان رئيس تحرير «المصريون»: «اللعبة لم تعد تنطلي على أحد، لعبة التسويف والتلاعب والتأجيل لانتخابات البرلمان لصناعة فراغ تشريعي ورقابي، لكي يكون هناك «فرعون» يأمر وينهي ويشرع ويمنح ويمنع ويخطط ويولي ويعزل ويحاسب ويراقب، بدون حسيب ولا رقيب ولا شريك، وفي غيبة الشعب صاحب الشرعية ومانحها. الحقيقة أن ما لم يقله بيان مجلس الوزراء إن الانتخابات تأجلت بالفعل، لأن الدستور ألزم الدولة بجميع سلطاتها أن تجري الانتخابات في موعد أقصاه 18 يوليو/تموز الماضي، أي قبل ثلاثة أشهر، وبالتالي فالحديث عن أنه لا نية للتأجيل مثير للشفقة والسخرية، وكان يفترض اليوم أن يكون لدينا برلمان ينعقد ويمارس صلاحياته ويحمي الشعب من تغول السلطة والرئاسة، وهو ما لم يحدث، ولن يحدث في الأمد المنظور، ولعبة أن اللجنة تواصل اجتماعاتها وتتخذ إجراءاتها للوصول إلى مرحلة يمكنها فيها دعوة الناخبين، كلام مطاط وهلامي ويمكن لأي جهة تريد التلاعب استخدامه بسهولة لعدة سنوات مقبلة وليس عدة أشهر فقط، والاجتماعات والاجراءات لها عوائق ولها حوارات ولها مطالبات، وتقسيم الدوائر يحتاج لتقسيم المحافظات، و»موت يا حمار…»، اللعبة واضحة ومفضوحة، واللجنة لن تتحرك إلا بضوء أخضر من مالك السلطة الحقيقي ومالك القرار الحقيقي».

الفرق بين ثروة مبارك ومرسي

وإلى الساخرين نتحول وفي طليعتهم الإخواني محمد حلمي في جريدة «المصريون» متحدثاً عن فلوس مبارك التي ذهبت مع الريح وملاليم الرئيس المعزول محمد مرسي، التي تزعم الصحف الموالية للنظام أنها ضخمة، فيما هي لا تتجاوز قروشا معدودة على حد رأي الكاتب: «يتحدثون الآن عن ثروة مبارك المهربة، ثم يربطون بخبث شديد بينها وبين ثروة محمد مرسي.. إقرأ معي مثلاً عنواناً لخبر في إحدى الصحف يقول «الأموال المهربة وثروة مبارك ومرسي قضايا شائكة أمام الكسب غير المشروع».. على أي حال لا تقف كثيراً عند العنوان، لكن دعني أكشف لك الرقم الحقيقي لثروة مبارك ومرسي معاُ.. وهي 30 مليارا.. و(145 جنيها و33 قرشا). وبالطبع يلمح الكاتب إلى أن ثروة مرسي 145 جنيهاّ و33 قرشا.. ونبقى مع محمد حلمي وهذه المرة يفتح نيران مدفعيته الثقيلة ضد الصحافي ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة «التحرير»: «لاحظ المشاهدون أن ابراهيم عيسى نفذ برنامج ريجيم شديد القسوة لتخسيس الكرش بالذات.. البرنامج أسفر عن نتيجتين.. إحداهما مذهلة والأخرى عجيبة في الوقت نفسه.. النتيجة المذهلة هي أن الكرش اختفى بالفعل.. أما العجيبة فهي أن (المصلحة) تضخمت بحيث صارت أشبه بقِدْرَتَى فول.. التفسير الوحيد لما حدث لكرش ومصلحة عيسى.. هو حرصه على إخفاء دلائل ما هربه من ملايين طيلة الفترة السابقة، التي تفرغ فيها للتحريض وبث الكراهية ولم يشبع من دماء المصريين من أبناء الوطن من المواطنين والشرطة والجيش .. الرغبة في إخفاء الكرش وتضخم (المصلحة) جاءت انطلاقاً من مبدأ مصري قديم يقول: قيراط في اللية ولا فدان في الكرش!».

الآلة القمعية تحيل مصر لعصور التخلف

في هذا العام الدراسي المنحوس، يبدو من الشواهد المبكرة أن الجامعات ستشهد نقلة نوعية من القمع لم يسبق لها مثيل في مصر.. ولا في أي مكان بالعالم؛ اللهم إلا في الديكتاتوريات الدموية الكبرى وهو ما يؤكده محمد يوسف عدس في جريدة «الشعب»: «كما عرفناها في النظم الشمولية الشهيرة وأقصد بها، الشيوعية السوفييتية والنازية الألمانية والفاشية الإيطالية. وكما عاصرناها في دول شمولية أخرى متخلّفة في العالم الثالث لم تكن بحاجة إلى رايات أيديولوجية؛ مثل تشيلي في عهد السفاح بينوشية وإندونيسيا في عهد السفاح سوهارتو. هاتانِ الدولتان تمثلان النموذج الغليظ من القمع والبطش والتنكيل بالمعارضة السياسية، وهو النموذج الذي يستهوي حكومة عسكرية بوليسية كالتي ابْتُليت بها مصر.. هنا نقطة بالغة الأهمية أريد أن ألفت النظر إليها، وهي أنه ليس من الضروري أن تنجح التدابير والاحتياطات الأمنية المبالغ فيها أو تحقق أهدافها المرغوبة.. فقد تأتي النتائج عكس ما يتم التخطيط له تماما؛ فقد دلّت التجربة الإنسانية عبْر التاريخ الى أن التدابير والاحتياطات الأمنية إذا بلغت حدًّا معينًا من المغالاة والإفراط والمبالغة.. تنقلب على رأسها وتؤدي إلى مفاجآت ونتائج عكس ما يتوقعها المخططون. وفي الحكمة العربية القديمة مثل يقول: «من مأمنه يُؤتَى الحذِر».. وأعظم شاهد على هذا قصة موسى مع فرعون، فقد اتخذ فرعون كل الاحتياطات الممكنة لـتأمين مُلْكِه من خطرٍ تنبأ له المتنبئون، بأنه يأتي على يد طفل من عبيد مملكته؛ فقتل جميع أطفالهم باستثناء طفل واحد مجهول الأصل؛ التقطه من اليَمِّ وأنقذه من الغرق وربَّاه في قصره تحت رعايته؛ فكانت نهايته على يد هذا الطفل بالذات.. يتابع الكاتب: تلك من أسرار الحكمة الإلهية التي لا ترقى إليها عقول البشر».

المواجهة مع الإخوان
ينبغي أن تكون عسكرية

وإلى الحرب على الإخوان التي تتزايد وتيرتها بمرور الوقت، وها هو عبده مباشر في «الاهرام» يطالب بضرورة محوهم من الوجود: «لو كانت المواجهة شاملة، ما تمكن بعض مهندسي وموظفي وعمال شركات الكهرباء من تنفيذ أوامر التدمير والتخريب التي صدرت لهم، وما تمكن بعض المساجين والمقبوض عليهم من الفرار، وهذا الشمول لا يعني حرمان أعضاء المنظمة الإرهابية من وظائفهم أو أعمالهم، بل يعني إبعادهم عن مواقع التأثير، سواء في القضاء أو الشرطة أو التعليم، أو باقي الوزارات والمؤسسات والشركات. ومن المهم كما يقول الكاتب إلزام كل الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية عن الجرائم التي ارتكبوها بدفع تعويضات عن كل ما تم تخريبه من منشآت أو مرافق أو أقسام شرطة وكنائس وغيرها، بجانب مبالغ مجزية لأسر الشهداء والمصابين. يضيف مباشر، وبما أن الإخوان قد أعلنوا الحرب على مصر والمصريين فإن حالة الحرب تتطلب إحالة كل قضايا الإخوان الى القضاء العسكري، وبالنسبة لمن صدرت ضدهم أحكام نهائية بالإعدام، يتساءل عبده مباشر عن موعد تنفيذ هذه الأحكام، إن الإسراع في هذا الأمر يؤكد أن أي حديث عن المصالحة مجرد أوهام تدور في رؤوس البعض، وأن المواجهة ستمضي في طريقها الى أن تتم محاكمة كل من ارتكب جريمة في حق الوطن أو المواطنين، ومطاردة الإرهابيين الذين مازالوا يمارسون الهروب وارتكاب الجرائم كلما تمكنوا من ذلك. والأمر المؤكد أن القوى الإرهابية في الخارج، بما في ذلك التنظيم الدولي للإخوان، وبعض دول الشرق الأوسط والعالم العربي توفر كل الدعم والمساندة والتمويل للجماعة الإرهابية، ومثل هذه الحرب الشاملة التي يخوضها الإخوان بكل قواهم وأحقادهم وأوهامهم قد تتطلب في مرحلة من المراحل الإعلان عن فــــرض قانون الطوارئ، وإن كانت السلطة كما يبدو تخطط لاستمرار المواجهة من دون اللجوء لقانون الطوارئ».

حل الأحزاب الدينية مسؤولية القضاء

ونبقى مع «الاهرام» ومزيد من الهجوم، ولكن هذه المرة ليس على الإخوان بمفردهم وإنما على جميع الاحزاب ذات المرجعيات الدينية، ويتبناه عبد المعطي احمد: «في مصر 11 حزبا دينيا، مارست النشاط الديني خلف الستار السياسي، وهو ما يعد مخالفة صريحة للمادة (74) من دستور 2014، حيث تشير تلك المادة إلى أن: «للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز قيامها أو مباشرتها لأي نشاط على أساس ديني. ويتساءل الكاتب: لماذا نسكت على هذه الأحزاب، ولماذا لم يتم حلها حتى الآن، ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية؟ هناك إجراءات قضائية محددة وضوابط قانونية معينة للتحقق من صحة إجراءات على رأسها انه لا يجوز حل الأحزاب السياسية بقرار إداري.. ومعنى ذلك أنه لا يجوز لرئيس الدولة أو رئيس مجلس الوزراء إصدار قرار بحل هذه الأحزاب الدينية، كما يرى البعض، وإنما الحل يكون بحكم قضائي نهائي واجب النفاذ، ويحمل الكاتب لجنة شؤون الأحزاب مسؤولية استمرار وجود هذه الأحزاب، كما يطالب بإصدار بيان بالأحزاب القائمة على أساس دينؤ تمهيدا لإصدار أحكام قضائية بحظر أنشطتها، وحرمانها من مباشرة حقوقها السياسية، ومنعها من ممارسة نشاطها السياسي والحزبي، وتصفيتها استنادا إلى الدستور. ويؤكد حامد أنه ليس من حق أي حزب ديني أو ذي مرجعية دينية أن يخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، ويصف صمت لجنة شؤون الأحزاب عن ممارسة اختصاصاتها غير مفهوم، ويتسم بالغموض بل الريبة».

العصافير تلتهم مليار جنيه
من جيوب المصريين

ولأننا بلد العجائب والغرائب، فإن حكوماتنا توافق وللأسف على أن تقاسمنا العصافير والفئران والطيور، ما ننتجه ونستورده من هذا القمح الذي نعمل على تدبير ثمنه الذي يقدر بمليارات الدولارات بشق الأنفس. الكلام لجلال دويدار في «الاخبار» مستنداً لتقارير تقول إن هذا الشريك المفروض في غذائنا الرئيسي، يضيف إلى دولتنا المزيد من الأعباء المالية، التي تتمثل في فقدان قيمة تكلفة شراء ملايين الأطنان من القمح، الذي يتم استخدامه في صناعة رغيف العيش، نتيجة للإهمال في تخزينه لعدم وجود صوامع كافية.. يسمح لهذا الشريك الدخيل بالتهام ما بين 20٪ و 25٪ مما يتم استيراده أو مما يبيعه الفلاحون للحكومة. وبحسبة بسيطة يتبين لنا أن المفقود تصل قيمته إلى حوالي المليار دولار. السؤال الذي يفرض نفسه في مواجهة هذا القصور.. هل نحن أغنياء إلى الدرجة التي تجعلنا نضحي بهذا المبلغ الذي يساوي 7 مليارات جنيه؟ آخر ما سمعناه في مسلسل مزاعم التصدي لهذه الظاهرة اللجوء إلى إقامة مستودعات من البلاستيك لنضع فيها مخزوننا القمحي، الذي يتم تركه في العراء. ويطالب الكاتب بتوفيرالاعداد الكافية من هذه الصوامع لوقف عملية إهدار المال العام الذي هو مال الشعب. ويرى دويدار أن المفقود من القمح ليس كل ما نتعرض له، ولكن هذا الذي يحدث يتكرر في كثير من الجوانب التي تعكس الإهمال والتقصير وحالة عدم المبالاة التي نعيشها. كم أتمني أن تتوقف الحالة المرضية التي أصبحت تسيطر على تعاملنا مع مشاكلنا. وهو الأمر الذي يجعلنا نتكلم أكثر مما نعمل».

حرب على «داعش»
أم على العرب؟

هل القضاء على «داعش» يحتاج الى كل هذه الدول، أم أن الأمر أكبر من ذلك والمعلن غير الخفي في السيناريو؟ سؤال يفرض نفسه على ألسنة كتاب كثيرين من بينهم فريد ابراهيم في «الجمهورية»:»إذا افترضنا أن «داعش» يحتاج القضاء عليه هذا الحشد فعلا الذي ستدفع الدول العربية تكاليفه كلها.. فلماذا قال الرئيس الأمريكي إن الأمر يحتاج إلى سنوات..؟ رغم أن العراق صاحب الجيش القوي سقط في فترة وجيزة، و»داعش» بالنسبة له لا يساوي شيئا، مع الوضع في الاعتبار أن الدولة الكردية تشكلت حقيقة وسلحتها أمريكا بدعوى مقاومة «داعش» وتقيم علاقات قوية مع الكيان الإسرائيلي، والمتصور أن الاحداث ستسفر عن دولتين أخريين بالعراق، إحداهما شيعية والأخرى سنية؟ ويتابع الكاتب: إذا انتقلنا إلى سوريا حين قال الرئيس الأمريكي إن الحرب ستكون على داعش في العراق وسوريا، وفي أي مكان، فهل سيقضي التحالف على نظام بشار الأسد أم «داعش»؟ ويتساءل فريد:هل سيكون التحالف غطاء لجيش سوريا الحر الموالي لأمريكا وإسرائيل ويسمونه المعارضة المعتدلة؟ وماذا سيكون موقف إيران من هذه الحرب التي قد تجد نفسها في صراع حربي مع جيرانها العرب تجر إليه جرا، سواء بمحاولة الدفاع عن سوريا أو حزب الله، أو من خلال ضربات ينفذها عليها بعض المشاركين في التحالف قصدا لتشتعل المنطقة كلها؟ وهل استهداف «داعش» في سوريا سيكون غطاء لقتل القيادات الفلسطينية هناك، وماذا عن حزب الله الموجود في لبنان وسوريا العراق؟». هذه أسئلة مهمة يجب أن نتوقف عندها، كما يشير إبراهيم لنعرف ماذا يحاك لنا مع الوضع في الاعتبار أن الصهاينة هم الحاضر الغائب في هذا التحالف الذي لا ندري إلى ما يهدف على وجه الحقيقة، خاصة قولهم إنهم سيحاربون «داعش» في كل مكان؟

الرئيس لا يريد منتفعين حوله

لازال الكثير من الكتاب يتساءلون عن سبب رفض الرئيس إنشاء حزب باسمه، لكن ناصر شلش في «التحرير» يتوجس من الأمر:»هناك كثير من المنتفعين من فكرة حزب الرئيس، وربما من الذين يرون أن قوة رئيس الدولة تأتي من قوة حزبه في الشارع السياسي، وربما لأن النظم الديمقراطية في أمريكا وأوروبا تعمل فيها الأحزاب لكي تكون في صدارة السلطة، من خلال انتخاب رئيس جمهورية ممثلا لحزب معين أو رئيس وزراء ممثلا لحزب.. كما هي الحال في أمريكا وإنكلترا مثلا، وقد رفض الرئيس السيسي هذا الأمر، وأعتقد أن هذا الرفض كان سببه السمعة السيئة والأداء المتدني للحزب الوطني، سواء في عهد السادات أو بعد ذلك في أسوأ عهود مصر، وهو عهد مبارك. ويرى الكاتب أن الرئيس السيسي يؤمن بان حزبه سيكون رجل الشارع المطحون المصري البسيط، ولا يريد أن يكون له حزب حتى لا يقول الناس إنه أتى بحزب أو أن الأمر لا يفرق كثيرا عن الحزب الوطني. شيء آخر ربما دفع الرئيس إلى عدم الدخول في حزب أو تأسيس حزب، وهو أن تجربة الاختيار لرجال الأحزاب في مصر تعتمد على المصالح والقَبَلية والمنافع الشخصية، لا على مصلحة الدولة العليا وبالتالي مصلحة المواطن. ويقترح ناصر في السنوات الأولى أن يكون حزب الرئيس متمثلا في مجموعة من المحافظين يتم اختيارهم بعناية فائقة من ضباط الجيش والشرطة ذوي الثقافة والفهم، وكذا يكون الاختيار من مهندسين ذوي كفاءة عالية وقدرة على محاربة الفساد، وايضاً مجموعة من رؤساء الأحياء يتم اختيارهم بعناية فائقة، لديهم القدرة على محاربة الفساد وتحريك المياه الراكدة والأداء بمواصفات، فضلاً عن عدد من رؤساء الجامعات من جيل الوسط، لديهم قدرة على متابعة العملية التعليمية وخلق وعي سياسي ناضج لدى طلبة الجامعات».

الأمن وحده لن يعيد الهدوء للجامعة

ونتحول للتوتر والخوف الذي اصبح يسكن الجامعات والذي دفع ابراهيم عبد المجيد في «اليوم السابع» للتأكيد على أن الآلة الأمنية وحدها عاجزة عن إعادة الهدوء للجامعات متسائلاً: «هل المرحلة العمرية للطالب الجامعي تسمح له بأن يستجيب للخوف أو القمع؟ أظن أن هذا أمر واضح، لن تسمح له المرحلة العمرية إلا بأن يكون حراً. ويتذكر الكاتب كيف كانت الجامعة العام الماضي مكانا يتحرك فيه الإخوان المسلمون بقوة بعد فض رابعة وميدان النهضة.. هل كل من قبض عليهم كانوا من الإخوان؟ أي مراقب يدرك أن كثيرا جدا ممن قبض عليهم لم يكونوا من الإخوان، من متعاطفين مع حق الآخر في التعبير، ومن آخرين لا علاقة لهم بأي شيء غير أن سوء الحظ وضعهم قريبا من المظاهرة في الخارج أو الداخل. انتهى العام الماضي بكل سوءاته وكانت هناك إجازة طويلة قبل العام الجديد، فجأة امتلأت الفضائيات بضرورة عام بلا مظاهرات، وأن الجامعة مكان للعلم فقط. وينتقل الكاتب بالحديث عن شركة فالكون المكلفة بضبط الأمن باعتبارها شركة أمن جبارة ستضع كل شيء في مكانه وستنهي أي خروج عن النظام. وبدا للجميع كما يقول الكاتب أن فالكون هذه التي لم يسمع عنها أحد من قبل شرطة أسطورية جبارة يمكن أن تفتح بلدانا ودولا وتغزوها. بالفعل أحد التحقيقات عنها قال إنها تملك كل الأسلحة باستثناء الطائرات الحربية! حالة من التخويف كبيرة جدا مضحكة جدا لأنها في النهاية شركة مستأجرة للأمن ليس من حقها قانونيا ولا دستوريا القبض على أحد».

عبد الناصر لم يكن مستبداً

«اتحدى من يأتي لي بشخص واحد قال رأيه بحرية خلال فترة حكم جمال عبد الناصر» الكلام لفريد الديب محامي مبارك الذي يتولى الرد عليه في «فيتو» محمد رفعت: «بعيداً عن مدهشات الديب.. وهي كفيلة بعلاج أمراض كثيرة منها المرارة مثلا، إذ بإمكانها أن تتكفل بانفجارها وإراحة صاحبها منها ومن الديب معا.. ويستشهد رفعت بما يعتبره عنوانا على وجود حرية في زمن عبد الناصر فمن وقائع مجلس ثورة 52 وهي موجوده في المضابط وموجودة في مذكرات الكثيرين، وهي مذكرات كتبت بعد رحيل جمال عبد الناصر، أن عبد الناصر هو الزعيم الوحيد الذي استقال مرتين، الأولى عام 54 انحيازا للنظام الديمقراطي، ورفض مجلس قيادة الثورة واتهمه صلاح سالم بالجنون. والثانية عام 67 متحملا المسؤولية وحده محترما في إجلال شعب مصر العظيم، وقد رفض الشعب الاستقالة في تمسك بالغ الدلالة! يضيف رفعت في العهد الديكتاتوري كما يسمونه لم يُعتقل بعد عام 54 كاتب واحد لرأيه.. نكرر.. لم يعتقل كاتب واحد لرأيه، بل نؤكد أن كتابا مثل أنيس منصور ومصطفى وعلي أمين وصالح جودت وغيرهم وغيرهم بالغوا في مدح عبد الناصر والتقرب إليه إلى حد قرف عبد الناصر نفسه، وتفوق في المدح بالمناسبة مصطفى أمين.. أما أنيس منصور فمنع من الكتابة ليس لأنه انتقد ناصر.. وإنما لأنه أهان شعب مصر ووصف الشعب بما لا يليق، في مقال شهير بعنوان «حمار الشيخ العز»! ويؤكد الكاتب أنه في عهد عبد الناصر نشر توفيق الحكيم «بنك القلق» وفيه نقد بالغ للنظام أثار عبد الحكيم عامر وصلاح نصر وعباس رضوان وزير الداخلية.. وفي عهده كتب هيكل عن «زوار الفجر» وفي عهده عارضه الكاتب الإسلامي الكبير خالد محمد خالد في مناظرة علنية شهيرة، وكذلك العالم الجليل الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، وكتب ثروت أباظة «شيء من الخوف» وتحولت إلى فيلم وكتب نجيب محفوظ «ثرثرة فوق النيل» وتحولت إلى فيلم، وكتب «ميرامار» وتحولت إلى فيلم والأفلام الثلاثة رفضتها الرقابة وأجازها عبد الناصر بنفسه!».

&
&