ماهر أبوطير
&


عليك ان تفكر طويلا في قصة صراع الميليشيات المذهبية في المنطقة، داعش تختطف تمثيل السنة، وتجتاح الجيوش، والحوثيون يرفعون راية التشيع، ويجتاحون الجيوش ايضا في ذات التوقيت.

كل تنظيم مقابله تنظيم، وكل مذهب مقابله مذهب، وكل شعار في وجهه شعار، والكل يقول لك ان بوابة الجنة عنده حصرياً، وكلما اجتاحت داعش مدينة اجتاح الحوثيون معهم مدينة اخرى في موقع آخر، مدن تلو مدن، تسقط سريعا، وكأننا على وجه حرب مذهبية شاملة لا تبقي ولا تذر في المنطقة بدرجة أعلى.

يقول السؤال: كيف تسقط كل هذه الجيوش بلمحة عين، أين تدريبها، وأين سلاحها، وأين مخصصاتها، وكيف يمكن لميلشيات أن تدمر جيوشا بأكملها؟.

السر واضح، فالجيوش التي سقطت في المنطقة، تم تأسيسها وتحشيدها خدمة لشخص، أو مقابل راتب شهري، فلا عنوان عقائدي، ولا ايمان بوطن، ولا حتى ادراك لفكرة الدفاع عن الحياة وامن الناس، فلماذا لا يهرب الجندي اذن ويرمي سلاحه؟.

لم يكن القذافي ولا المالكي ولا غيرهما، يستحقان ان يموت لأجلهما احد. هذه هي الفكرة، بكل بساطة، لأننا في المشرق العربي، نقدس الرمز حد الافراط، فاذا ادركنا سقوطه الكلي او الجزئي، بعناه او أكلناه، مثل صنم القبيلة، في سابق العهد والاوان حين كان الصنم من تمر، فيتم أكله ذات جوع.

لا جيوش وسط صياغات المشهد، والجمهور منهك ومتعب، والميليشيات بأسلحتها الاقل تطورا من الجيوش غزت شعوبا ومدنا، هناك يقولون انهم خدمة المذهب السني، وهناك يناصرون مذهب الشيعة، وبينهما امة يتم ذبحها من الوريد الى الوريد، وشعوب تنهار وتنتحر مثل الحيتان على الشاطئ.

هي فرصة اليوم، لدعوة الجيوش في العالم العربي لمراجعة عقيدتها القتالية، فلا يعقل ان ينهار الجيش تلو الجيش، لان الزعيم لا يستحق الموت لأجله، ولا يمكن ان تتفوق ميليشيا على جيش، لولا ان الجيش ضعيف أو تأسس على رابط المصلحة او الشعار الفارغ، من العنوان المقدس.

الدفاع عن أعراض الناس وأمنهم عقيدة، والواضح ان كل الجيوش التي هوت اعترفت في عز سقوطها، انها كانت تدافع عن فلان، وحين تهاوت، خلعوا ملابسهم وفروا من ميدان المعركة. ليس احسن من تلك الدولة التي تفهم الرسالة، لا تسمحوا ببذرة أي ميليشيا منذ البداية حتى لا تتعبون بخلع الشجرة لاحقا.
&