عدنان حسين

سعيتُ أمس الى الاستعانة بالأخ الكبير "غوغل" لمعرفة عدد المرات التي أعلنت فيها هيئة النزاهة انها ستكشف عن أسماء فاسدين مالياً وإدارياً من "علية القوم"، وزراء ووكلاء وزارات ومدراء عامين ومن هم في درجتهم وسواهم من كبار المسؤولين في الدولة، وما آلت اليه تلك الإعلانات التي لم تتحقق.


كانت قائمة الموضوعات المحفوظة في أرشيف "الأخ الأكبر" في هذا الخصوص طويلة جداً، وقد يستدعي الأمر نصف نهار لمراجعتها، لكنني لم أجد في ما اطلعت عليه ما يشير الى ان الهيئة قد برّت بوعدها وكشفت عن أسماء الفاسدين الصادرة في حقهم أحكام قضائية من "الرؤوس الكبيرة". بل ان ما وجدته يشير الى ان مسؤولين في الهيئة يختلقون شتى الذرائع لعدم الإفصاح عن الأسماء، والذريعة الأكثر شيوعاً ان هؤلاء لديهم عائلات ولابدّ من الحرص على سمعة هذه العائلات.


واحدة من الطرق الناجعة لمكافحة الجريمة إعلان أسماء المجرمين والأحكام الصادرة في حقهم كيما يعتبر الآخرون ويرتدعون عن ارتكاب الجرائم، وهذا مما كان في أساس فتح أبواب المحاكم أمام الجمهور وجعل المحاكمات علنية.
القاعدة العامة المعروفة هي ان أحكام القضاء شخصية، فلا يؤخذ أحد بجريرة أحد حتى لو كان ابنه أو أباه أو أخاه، وهذا ما يتعين أن يجري ترسيخه في أذهان الناس، وهذا الترسيخ لا يتحقق بالاحتفاظ بأسماء الفاسدين الكبار المحكومين سرية.


الموظف العام الفاسد هو مَنْ كان عليه قبل غيره أن يفكّر بسمعته الشخصية وسمعة عائلته والحرص عليها، فضلاً عن المصلحة العامة ومصالح الناس المؤتمن على ثرواتهم، وإذا هو لم يراع هذا كله لماذا يتعيّن على هيئة النزاهة أو سواها أن تكترث عوضاً عنه لسمعته ومصلحة عائلته؟.. عدم الكشف عن أسماء حرامية المال العام فيه تجاوز على حق الناس في معرفة من يسرق أموالهم ويتلاعب بقوتهم اليومي، وهو تشجيع للحرامية الآخرين على الاستمرار في سلوكهم المشين مادامت هيئة النزاهة تهتم نيابة عنهم بسمعتهم وسمعة عائلاتهم.


على هامش أعمال الاسبوع الوطني للنزاهة الذي تنظمه الهيئة هذه الأيام أعلن رئيس الهيئة القاضي علاء جواد حميد ان التقرير نصف السنوي للهيئة المفترض نشره الآن، سيتضمن أسماء موظفين فاسدين بدرجة وزير ووكيل وزارة ومدير عام. نأمل هذه المرة أن تبرّ الهيئة بوعدها هذا فتعلن أسماء المحكوم عليهم جميعاً والا يقتصر الأمر على الفارين من وجه العدالة الى الخارج أو في الداخل بحماية أحزاب وميليشيات نافذة في السلطة.
ننتظر، عساها أن تكون عند قولها هذه المرة وفي المرات القادمة، بخلاف ما مرّ وفات.