السيسي يطالب الإعلام بالتوقف عن مهاجمة الدول العربية… وازدياد الغضب الشعبي من استمرار أعمال الإرهاب


حسنين كروم

حملت الصحف الصادرة أمس الاثنين 20 أكتوبر/تشرين الاول أخبارا وتقارير زادت من حدة القلق والغضب المتزايد ضد الحكومة، واتهامها بالعجز عن مواجهة فوضى مظاهرات طلاب الإخوان في الجامعات، لدرجة خروجهم من كلية الطب إلى الشوارع في المنيل وتعطيل المرور وتحطيم بوابات كلية العلوم بجامعة المنصورة والاشتباك في جامعات أخرى..


كما زاد الغضب بعد استشهاد سبعة ضباط وجنود من الجيش في شمال سيناء في انفجار ألغام في مدرعتين، بالإضافة إلى هذا القلق والغضب المتزايدين فإن الاهتمام الأكبر لا يزال موجها نحو بعض المشاكل الداخلية مثل، توزيع الدفعة الأولى من عقار سوفالدي لمعالجة فيروس الكبد الوبائي، وكذلك تعرض عدد من التلاميذ في المدارس إلى إصابات بسبب إهمال الصيانة، وعودة الباعة الجائلين إلى شوارع وسط القاهرة، وتصريح مساعد وزير الداخلية للأمن العام اللواء سيد شفيق بأن مصر سوف تتسلم بواسطة الانتربول مزيدا من الإخوان وأعضاء الجماعات الصادرة ضدهم أحكام قضائية بعد تسليمها محمد القابوطي من الكويت وأكرم الشعر من السعودية وهما من الإخوان. وأبرزت الصحف المؤتمر الذي عقده الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر البشير بعد انتهاء زيارة البشير لمصر، وأعلنا أنه سيتم تحويل اللجنة الوزارية المشتركة بينهما إلى رئاسية، بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
وكان لافتا ما طلبه السيسي من الإعلام المصري بقوله فـي انتقاد غير مباشر منه للحملات التي شنتها بعض الصحف ضد البشير قبل حضوره لمصر، ردا على ما نسب إليه عن حلايب، إذ قال السيسي «محتاجين نخللي بالنا مش كل كلمة نقولها لنتحد وتستمر العلاقات».
وكان السيسي، خلال حضوره اجتماعا مع الصحافيين المصريين في نيويورك، أثناء حضوره اجتماعات الأمم المتحدة، قد أبدى غضبه من الهجمات الشخصية ضد أمير قطر وأسرته. أما البشير فقد أظهر غضبه مما تعرض له من هجمات بأن قال «الرئيس السيسي أشار إلى نقطة الإعلام، وأنا أحب أن أقول إن الناس كانوا في السابق على دين ملوكهم، أما الآن فأصبحوا على دين إعلامهم، والإعلام له دور خطير جدا ويمكن أن يكون بناء أو هداما في علاقات الدول، وأن ما اتفق عليه والرئيس السيسي لن تؤثر عليه أجهزة الإعلام. إن الدور البناء للإعلام مهم جدا».
ومن العلاقات مع السودان إلى العلاقات مع حماس، في الحديث الذي نشرته أمس «الشروق» مع نائب رئيس المكتب السياسي للحركة والمقيم الدائم في القاهرة موسى أبو مرزوق، أجراه معه زميلنا وصديقنا العزيز عماد الدين حسين رئيس التحرير التنفيذي، وزميلنا محمد خيال، ونفى مرزوق فيه تورط حماس في أي عمل عدائي داخل مصر رغم أنهم إخوان مسلمون، وأن ملف علاقاتهم مع المخابرات العامة وقال بالنص: «حديثنا مع قيادات المخابرات العامة المصرية أكثر موضوعية، فهم لم يطرحوا خلال اللقاءات كثيرا من القضايا التي تتحدث عنها الصحافة المصرية». ونفى أبو مرزوق تماما أن تكون مصر أيدت طلب إسرائيل نزع سلاح المقاومة وقال بالنص: «بالعكس فرئيس المخابرات قال للجانب الإسرائيلي هل استطاعت أمريكا أن تنزع سلاح طالبان حتى تطالبوا أنتم بنزع سلاح حماس».
أيضا نشرت صحيفتا «الأهرام» و»الأخبار» نص رسالة محمد حسنين هيكل إلى نقابة الصحافيين يعتذر فيها عن حضور حفل تكريمه في اجتماع اتحاد الصحافيين العرب في القاهرة، لأن هناك ما هو أجدى بالنسبة للصحافة من التكريم، بالإضافة إلى أنه سيكون خارج مصر في جولة في عدد من الدول لمتابعة المستجدات الجديدة في العالم، متع الله أستاذنا الكبير بالصحة والعافية والمزيد من العطاء.
وإلى بعض مما عندنا…

مبارك: «هي مصر عزبة عشان أورثها لابني؟»

ونبدأ بالحديث الذي نشرته «الوطن» اليومية المستقلة والمملوكة لرجل الأعمال وصاحب قنوات «سي. بي. سي» محمد الأمين مع الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث يقيم في مستشفى المعادي العسكري، أجراه معه زميلنا وصديقنا رئيس التحرير مجدي الجلاد وزميلنا محمد الشيخ، ونشر على حلقتين، الأولى يوم الأربعاء والثانية يوم الأحد، ولكن لوحظ أنه لم تنشر صور عن اللقاء، ولا نعلم إن كان ذلك بسبب التعليمات وأن اللقاء تم تسجيله من دون معرفة الأمن، وأدى كلام مبارك الذي نفى فيه أنه خطط لتوريث الحكم لابنه جمال، إلى ردود أفعال مختلفة، وكان السؤال الأخير في حلقة الأربعاء هو:
- بصراحة هل كانت مسألة توريث الحكم لنجلك جمال حقيقية؟
فرد قائلا: والله العظيم ما كان فيه حاجة من دي خالص، إزاي حد يفكر أني كنت ناوي أورث الرئاسة لابني ده أنا كنت ناوي ما أرشحش نفسي للرئاسة بعد كده، كنت تعبت خلاص وعايز أرتاح، ثم أن جمال ابني كان له دور محدد في الحزب الوطني، يعني لا رئاسة ولا دياوله، وأنا نفيت الكلام ده كتير وما حدش صدق. وكمان هي مصر عزبة عشان أورثها لابني؟ ومين كان يقبل التخريف ده وأنا نفسي ما أقبلش، وقلت ده أكتر من مرة لكل القيادات في الدولة، ومنهم اللواء عمر سليمان يرحمه الله والمشير طنطاوي وصفوت الشريف، كنت أضحك عندما تأتيني تقارير عن الكلام حول التوريث، وأقول لهم أنتم تعرفونني جيدا أنا راجل عسكري وجد مش بتاع لف ولا دوران، إزاي أفكر أحط ابني في مشكلة كبيرة وازاي أختم حياتي ومشواري الطويل في خدمة البلد بمصيبة وكارثة، أيوه كارثة أني أكـــون رئيـــس جمهـــورية في دولة كبيرة وأعملها ملكية بالتوريث، طيب التاريخ هيقول عليّ أيه بعد كده، والشعب المصري إزاي هيتقبل ده؟ وأنا قلت كتير أن مصر مش سوريا وإن ده مستحيل يحصل».

السلطة القضائية رمانة الميزان وعمود خيمة الوطن

وفي اليوم التالي الخميس نشرت «الوطن» ردودا عليه منها تحقيق لزملائنا أحمد ربيع وصهيب ياسين وسلمى بدر جاء فيه: «قال المستشار خيري فخري رئيس محكمة جنايات الجيزة السابق، إن من المفترض ألا يتم التعليق على أحكام القضاء أو انتقادها أو التعليق على سير إجراءات المحاكمة، ما دام أن الدعوى ما زالت منظورة أمام القضاء، إن عدم تعليق الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على محاكمته أو القرارات التي أصدرها القاضي يعكس احترامه للسلطة القضائية.
من جانبه قال المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إنه مما لا شك فيه أن الرئيس الأسبق، ورغم الاختلاف على أسلوبه في إدارة مؤسسة الرئاسة، فإنه يحترم هيبة القضاء، وهذا يرجع إلى تربيته في المؤسسة العسكرية ووصوله إلى أعلى الوظائف كقائد عام للقوات الجوية، ثم نائب لرئيس الجمهورية لـ6 سنوات، حيث كان قريبا من الرئيس الراحل أنور السادات صاحب الشخصية القوية والمحنكة سياسيا مما أكسبه صفة رجل الدولة.
إن مبارك يعرف دور السلطة القضائية وأنها رمانة الميزان وعمود خيمة الوطن، وظل طوال فترة حكمه يحترم القضاء، كما شهدت الهيئات القضائية في عهده تطويرا وتحديثا، فضلا عن دعمه لاستقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه. إن الفترة الأخيرة لحكم مبارك شهدت فسادا وتغليبا للمصالح الخاصة على مصلحة الدولة والشعب، حيث تمكن أصحاب المصالح الخاصة من السيطرة على مقدرات البلاد، وهو ما أدى إلى خروج الشعب لإسقاط هذا النظام في 25 يناير/كانون الثاني 2011 والقضاء على الفساد، ولكننا يجب أن نعترف بأن مبارك طوال فترة حكمه ظل محترما للقضاء حتى وهو ماثل أمامه كمتهم».

استمرار رئيس في الحكم ثلاثين عاما كارثة لا تغتفر

وفي تحقيق آخر في «الوطن» لزميلتنا الجميلة هبة أمين قال زميلنا وصديقنا العزيز في «الأهرام» وحيد عبد المجيد ساخرا من مبارك: «مبارك مستمر في خداع الناس واستغفالهم بالطريقة التي اعتادها لفترة طويلة، وهو ما اتضح في عدد من الجوانب منها مسألة «التوريث» التي زعم أنه لم يكن هناك اتجاه للتوريث، في الوقت الذي توجد فيه شواهد وحقائق تؤكده لا يمكن إنكارها بساطة. ودعا قيادات المجلس العسكري السابق، الذي تولى إدارة شؤون البلاد خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني للإدلاء بشهاداتهم التي تحدثوا عنها في جلسات مغلقة عن التوريث، وكذلك بعض المسؤولين في عهد مبارك ومنهم السفير نبيل فهمي وشهادته عما رآه عندما كان سفيرا لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وكشف التحركات التي كانت تحدث لإقناع الأمريكيين بتولي جمال مبارك الرئاسة.
حديث مبارك مسل ومضحك فهو يقول إنه لم يشأ أن يدمر مستقبل شاب صحافي نسب إليه كلام لم يقله، بينما هو الرئيس نفسه الذي دمر مستقبل ملايين الشباب الذين عانوا من البطالة والظلم والأمراض بسبب سياساته، التي هي أقرب لسياسة الدمار الشامل، ويكفي أنه جلس في الحكم ثلاثين عاما، فهذا الأمر في حد ذاته كارثة لا تغتفر.

مبارك يستجدي الرأي العام
للتعاطف معه قبيل الحكم المنتظر

وفي «الوطن» أيضا قال الدكتور يسري العزباوي الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن حوار مبارك حمل بعض الحقائق والمغالطات، إلا أن التاريخ هو الذي سيحكم في النهاية بما له وما عليه، لكن من الواضح أن الرئيس الأسبق يحاول استجداء الرأي العام للتعاطف معه قبيل الحكم المنتظر. كان موفقا في تجنب الحديث عن القضاء في محاكمته، كلام مبارك عن أنه لم يكن ينوي توريث جمال غير صحيح وتزييف للحقائق، فحتى لو كان الأمر غير موجود في ذهن مبارك فقد كان موجودا في ذهن جمال ووالدته، وكان الابن مسيطرا بالفعل على الحياة السياسية، والنظام وقتها تعامل مع جمال على أنه البديل لمبارك».

حسن الغندور: لا يستطيع أن يحكم مصر إلا رجل عسكري

أيضا في العدد ذاته من جريدة «الوطن» قال حسن الغندور منسق ائتلاف رابطة أبناء مبارك في حديث أجراه معه زميلنا حسين العمدة: «ما قاله مبارك بأن التوريث تخريف صحيح، لأن الرئيس الأسبق لم يكن يرغب في تفعيل سيناريو توريث نجله جمال الحكم، خوفا على مصلحة مصر وشعبها، وسبق له القول إن مصر مش عزبة، لأنه كان يعي جيدا أن ترشح جمال لمنصب الرئاسة بمثابة توريط له، ويمثل خطورة على مستقبل البلاد، خصوصا أن هناك دولا تتربص بمصر وتحيك لها المؤامرات كإسرائيل وأمريكا. كما أن جمال ليس لديه خلفية عسكرية والتجربة أثبتت أنه لا يستطيع أن يحكم مصر إلا رجل عسكري، لأن رجال القوات المسلحة لديهم قدرة هائلة على تحمل المسؤولية، كما هو الحال الآن في شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي».

«جمال مبارك ما كانش وريث بل الحاكم الفعلي لمصر»

هذا من «الوطن» يوم الخميس، ويوم السبت قال زميلنا في «أخبار اليوم» خفيف الظل محمد عمر في عموده تحت عنوان «يعملوها ويخيلوا» ساخرا من كلام مبارك: «قال لي زميل «غلس» أنت مش كتبت قبل كده عن التوريث.. آه.. طب أهو مبارك شتمك من يومين على الكلام ده وقال إنك «بتخرف». أنا.. قال كده محمد عمر «بيخرف»؟ لا قال كل اللي اتكلموا عن التوريث «بيخرفوا». واضح أن اللي بيهزر سيادة الرئيس.. يا أخي طول عمره ودمه خفيف وابن نكتة وقال بالنص كده «هي مصر عزبة عشان يتورث الحكم فيها» مصر ما كنتش «عزبة» لا والله!.. أمال كانت إيه ولا كانوا شايفنها إيه «وسية».. «تكية»، كانت إيه ما تقول جاموسة بتتحلب ولا شيك على بياض وجمال «بيه» ما كانش «متورث» أمال اللي كان بيعمله في البلد ده كان إيه، وأيديه المطلوقة في كل صغيرة وكبيرة ومن شرقها لغربها، والصلاحيات اللي كان واخدها كانت إيه.. الكاميرا الخفية ولا كانت تهيئوات بتحصلنا؟
صحيح يا أخي على رأي اللي قال يعملوها ويخيلوا، ولا اللي اختشوا ماتوا.. أمال كان ليه بتتفضى السكة وبيتشال أي حد قدامه بتقال إنه ينفع «ريس».. الرئيس عنده حق جمال ما كانش «وريث» لأنه كان الحاكم الفعلي لمصر كلها والـ «المضبع فيها» بالطول والعرض وبالبيع والشراء، وكل اللي حوالين مبارك عارفين الكلام ده وأكثر منه، ومنهم اللي كان شغال «توضيب» لجلوسه على العرش وبيع البلد شغال على عينك يا تاجر وشلة «جيمي» بتعمل مليارات والناس بتنتحر من الفقر».

مصر كانت جمهورية يحكمها الأب والابن

وفي اليوم التالي الأحد كاد زميلنا في «اليوم السابع» سعيد الشحات أن يجن من كلام مبارك فقال عنه وهو ينظر إلى صورته شررا ومذكرا إياه بالذي كان منه وهو في الحكم: «هذه الوصلة من الدفاع تتنافى كلية مع ما كان واقعا على الأرض قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وتتناقض مع كلام طرحه مبارك نفسه، إذ قال في خطاب له إنه سيحكم طالما في صدره نفس للحياة، قالها هكذا بوضوح أدى بالبعض إلى القول إنها رسالة إلى الابن وفريقه الذي كان في الحزب الوطني والحكومة ومؤسسات أخرى من الدولة. وحين يتحدث الآن عن أنه كان ينوي عدم ترشيح نفسه فهذا هو الكذب بعينه، لأنه هو نفسه تحدث عن أنه سيحكم طوال عمره. وفي عام 2010 تحدث صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني عن أن مبارك هو مرشح الحزب الوطني في انتخابات الرئاسة المقبلة. لم يكن إعلان صفوت الشريف عن ترشح مبارك بمثابة تكذيب لمسألة التوريث، وإنما كانت تعبيرا عن صراع أجنحة داخل الحزب الوطني ومؤسسات الحكم، صراع بين فريق يريد ترشح جمال مبارك للرئاسة، وفريق يتمسك بمبارك نفسه، ليس رفضا للتوريث من منظور وطني، وإنما خوف من ذهاب النفوذ والخروج من المشهد كله، وكان صفوت الشريف من هؤلاء، مقابل تصاعد كبير في نفوذ المهندس أحمد عز الذي كان يقود فريق التوريث.
يتحدث مبارك عن أن ابنه جمال كان له دور في الحزب الوطني «يعني لا رئاسة ولا دياولة» وهو في ذلك يحتاج من المصريين أن ينزعوا عقولهم من رؤوسهم حتى يصدقوا أن وجود جمال في الحزب كان لوجه الله والوطن، وأنه لم يكن يهندس الحزب على مقاسه الخاص ومقاس المرحلة المقبلة، التي كان يتم تفصيلها على أنه سيكون رئيسا لمصر. ويكفي أن عضوا في الحزب الوطني كان يتعامل مع جمال مبارك بوصفه الرئيس القادم ووصل الأمر ببعضهم إلى تعليق صوره الشخصية إلى جانب صور مبارك، وكان ذلك تعبيرا عن أننا كنا في جمهورية يحكمها الأب والابن.
فليتحدث مبارك كما يريد في نفي التوريث وليتحدث كما يريد في أنه كان قد بلغ به التعب حدا يدفعه إلى طلب الراحة، فهذا كله لا ينفي جريمته هو وابنه من الكثير والكثير، لا ينفي جريمة تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2010 بإشراف جمال وأحمد عز وحبيب العادلي، لتهيئة المسرح لجمال الذي ظن أن امتلاكه للبرلمان سيعني حكمه لمصر في ما بعد».

مبارك: الفساد لم يكن برعاية الدولة

هذه كانت ردود الأفعال على ما جاء في حلقة الأربعاء، وفي حلقة الأحد قال مبارك ردا على سؤال عن الفساد في عهده: «ده موضوع كبير لأن الفساد والرشوة وخلافه ليست اتهامات بالقول أو العبارات المرسلة، والكل خضع للتحقيق والمحاكمات، والكثير من القضايا التي انتهى نظرها أمام القضاء الموقر انتهت بالبراءة، وده يعني أن الفترة التي أعقبت تخلي عن الحكم شهدت بلاغات بالجملة، معظمها من دون سند أو دليل قانوني، والدولة حققت فيها وهذا أمر جيد، وكمان لازم نعرف أن الفساد موجود في العالم كله، أيوه أحنا كافحنا الفساد كتير، ربما كان علينا أن نتخذ إجراءات أكثر قوة، بس المهم أنه لم يكن برعاية الدولة كما يزعم البعض».
وباقي الحلقة على صفحة كاملة كانت إشادة من مبارك بالجيش والسيسي، ومرة أخرى أؤكد أن السيسي عندما قال يوم الخميس وهو يفتتح المرحلة الثالثة من المجمع الطبي العسكري في منطقة كوبري القبة، إن مصر تمت سرقتها ولا يوجد فيها الآن ما يمكن سرقته، كان يستبق محو أي آثار ضده قد يتركها مديح مبارك له، والتأكيد على أنه لا عودة لنظامه وأن إشادته بثورة يناير/كانون الثاني لا تأتي من فراغ، فنحن أمام رجل مخابرات وثعلب حقيقي لا تنفع معه مثل هذه المراوغات واختار من البداية وبتصريحات علنية أن ترتبط صورته في أذهان الناس بصورة خالد الذكر.

بين مبارك وطنطاوي
كلام وعتاب

ومن مبارك والسيسي إلى مبارك والمشير محمد حسين طنطاوي حيث قامت «اليوم السابع» يوم الأحد بضربة صحافية حتى لا تترك «الوطن» تنفرد بضربة حديث مبارك، فنشرت جانبا من كتاب سيصدر قريبا لزميلنا دندراوي الهواري عنوانه «المشير من الجيش إلى السياسة» عن المشير طنطاوي، الذي قال في حلقة الأحد أن المشير طنطاوي طلب زيارة مبارك عن طريق زوجته التي لها علاقات قوية مع السيدة سوزان مبارك ووافق مبارك وقال دندراوي واصفا اللقاء: «كان مؤثرا سيطرت عليه عبارات ونظرات العتاب واللوم الشـــديد من مبارك لوزير دفاعه الأسبق، ورغم أن بداية اللقاء غلب عليه المشهد التمثيلي الواضح وأجمع عليه كل من حضر اللقاء، فإنه بدأ بعبارات الترحيب التي بدأها مبارك عندما قال: «أزيك يا طنطاوي أخبار صحتك والله واضح عليك كبر السن أنت مش بتاكل كويس ولا أيه؟» وهو ما ابتسم له المشير ولم يرد إلا بعبارة: «الحمد لله.. طمنا على صحتك أنت يا ريس» قال مبارك لطنطاوي: «أيه أخبار القوات المسلحة.. دلوقتي والتهديدات.. حواليها من كل حتة؟»، وإجابة طنطاوي بأن الجيش قوي ومتماسك رغم التهديدات الداخلية والخارجية.
وسرعان ما انتقل الحوار إلى العتاب الشديد واللوم الأشد عندما قال مبارك نصا لطنطاوي «الحمد لله أن ربنا أنقذ البلد دي من شلة الثعابين اللي سكتوا عليهم لغاية ما انقضوا على الحكم وقرصوكم، وأنا لم شفتك أنت وعنان قاعدين مع الإخوان استغربت رغم أن دول ثعابين سامة، لكن واضح أنكم طمعتم في السلطة وحبيتوا تضحكوا عليهم فضحكوا على البلد كلها، لكن الحمد لله الشعب كشفهم بسرعة». ورغم تحفز المحيطين من الأسرتين وأصدقاء الطرفين الذين حضروا اللقاء لتلطيف الأجواء.. انفجر مبارك غضبا في وجه طنطاوي عندما قال له نصا «على فكرة أنا مش زعلان إنك انقلبت عليّ أنا زعلان أنك قدمتني للمحاكمة وأنت متأكد أني بريء.. وزعلان أوي أنكم ظلمتوا أولادي وأنت عارف كويس أن علاء كان بعيد عن كل حاجة وحطتوهم معايا في القفص وحبيتوا تعيدوا معايا مشهد صدام حسين وهو بيتحاكم أمام شعبه.. ما يهمنيش أنا أتحاكم أو حتى أموت، فأنا عشت كتير عمري 87 سنة، لكن أولادي ذنبهم إيه ليه تنتقموا منهم بالشكل ده مع أنهم مظلومين وضيعتوا منهم أجمل 4 سنين عمرهم وحرمتوهم من أولادهم وزوجاتهم. عاجبك أن جمال كمل عمره الخمسين وهو موجود في السجن ومحروم من بنته، وعلاء عمره ما كان ليه دعوة بالسياسة ولا بالحكم وكان كاره السلطة وكره حتى الفلوس بعد ما المرحوم ابنه توفي.
أنا تخليت عن الحكم برغبتي وأنت وعنان وباقي أعضاء المجلس العسكري فوجئتوا بالقرار وما كنتوش متوقعين أن أتخلى برغبتي وكامل إرادتي عن الحكم، لكن أنا إيمانا مني كرجل عسكري أفنى عمره في خدمة بلده كان عليّ أن أحافظ على دماء المصريين ولا أكون سببا في أن تسيل نقطة دم واحدة من أي مواطن بسببي، وكمان أنا مؤمن بسلامة موقفي علشان كده أخذت قرار التخلي عن الحكم.
طنطاوي رد بشكل مقتضب وقال: «إحنا كنا في ظروف صعبة جدا والإخوان كانوا بيلعبوا بالشارع والشباب اللي في الميدان مصدقهم وقادرين يحركوهم زي ما هم عايزين، والوضع كله مشوش ومش مفهوم وسيطروا على الإعلام، والضغوط كانت أكبر من تصوراتنا وخيالنا، سواء كانت من الداخل أو الخارج، وكنا خايفين على البلد من مصير دول تانية ولازم نعبر بها بر الأمان.
الرئيس الأسبق قاطع طنطاوي غاضبا: «أنتم كنتم خايفين ومش عارفين تتعاملوا مع الوضع كله في الداخل أو الخارج، وأنا سلمت لكم السلطة بالمخالفة للدستور وكنت واثق من أن القوات المسلحة ستحافظ على البلد وتقدر تسيطر على الفوضى، وأول ما استلمتم السلطة انقلبتوا عليّ واذيتموني وحاولتوا تطمسوا تاريخي وزي ما قلت مش مهم أنا، لكن أولادي ذنبهم أيه تضيعوهم وتبهدلوهم ظلما وبهتانا.
طنطاوي كانت كل إجاباته وتبريراته بأن الظروف كانت غاية في الصعوبة والموج عاليا والضغوط أكبر من طاقتنا وقدراتنا وأمريكا مارست كل الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية، واحنا كان هدفنا الحفاظ على تماسك الجيـــــش اللي حاول الكثيرون اللعب وتدمير معنوياته وتشويه قادته بالشائعات في الإعلام والانترنت، والإعلام لعب دورا كبيرا في تفجير وشحن الشارع ضد الجيش، وفوجئنا ولأول مرة في تاريخنا بمظـــاهرات نظمها الإخوان وبعض الحركات التي تدعي الثورية يهتف «يسقط.. يســــقط .. حكم العســـكر»، وهو ما أدى إلى جـــرح عميق في نفــــوس أولادنا في الجيش، وكنا لازم نقف ضد كل هذا الموج العــاتي والمدمر ونحافظ على الــــروح الوطنـــية والمعنوية للجنود والضباط وصف الضباط، عالية ولا ينال منها أحد مع استمرار حملة الاهانات الكبيرة الممنهجة لتشويه صورة العسكرية المصرية.
فعاجله الرئيس الأسبق بسؤال آخر: «من إذن وراء تحريك هذه القضايا الوهمية؟» وكان رد المشير بأن النائب العام السابق عبد المجيد محمود هو الذي حرك القضايا وأصدر قرارا بفتح باب التحقيق في البلاغات المقدمة ضد مبارك.. مبارك أكد لطنطاوي احترامه للقضاء وأنه طوال فترة حكمه لم يسئ للسلطة القضائية.

محمود مسلم: كان هدف
طنطاوي العبور بالبلاد من النفق المظلم

هذا ما ذكره دندراوي عن الحوار بين الاثنين وما قاله طنطاوي عن أن النائب العام وقتها المستشار عبد المجيد محمود هو الذي حرك القضايا، صحيح تماما وأنا أعلم ذلك وكانت الشرارة الحديث الذي سجله مبارك وأرسله إلى قناة العربية وأذاعته، وكان لا يزال يقيم في فيلته في شرم الشيخ، ولم يكن قد تم اتخاذ أي إجراءات ضده وتسبب في إحراج شديد للمجلس العسكري، لأنه مارس عملا سياسيا وأحرجت المستشار عبد المجيد البلاغات ضده وتم نقله من فيلته إلى مستشفى شرم الشيخ وأرسل إليه المستشار مصطفى سليمان واثنين آخرين للتحقيق معه في المستشفى.
ونظل مع المشير طنطاوي في يوم الأحد نفسه ولكن في «الوطن» وقول زميلنا محمود مسلم عنه ضد هجمة تعرض لها في الانترنت: «تحمل طنطاوي الذي ظُلم أحيانا وظلم نفسه في أحيان أخرى، ما لا يتحمله بشر في فترة صعبة ومفاجئة ومرتبكة وصلت إلى حد تغاضيه عن إهانة شخصية وجهها له أحد مراهقي ثورة يناير/كانون الثاني رغم ما هو معروف عن المشير من التزام انضباط وعسكرية خشنة ويبدو أن الرجل «انكب» على ما لديه من معلومات حول المؤامرات والاختراقات، جعلت هدفه الاسمى والوحيد هو العبور بالبلاد من النفق المظلم، في ظل وضع داخلي مضطرب ومنطقة ملبدة بالغيوم ودول أجنبية تخطط وتمول وتنفذ لتقسيم الدول العربية.
كل من أخطأ في الفترة الانتقالية «الثوار والإعلام والأحزاب» حمل طنطاوي المسؤولية لدرجة أن الرجل أصبح مدانا من الجميع «أنصار مبارك ـ الإخوان ـ الثوار»، رغم ما قدمه الرجل من تضحيات، ومع الاعتراف بأن هناك أخطاء فادحة قد جرت، لكن لا يمكن أن ينتزع بعض الصبية الذين فرضوا أنفسهم على المشهد السياسي من قائد الجيش صفة «الوطنية»، ويتهمونه بأنه تواطأ مع هذه الجماعة الإرهابية الخائنة، رغم أن أسيادهم الأمريكان اعترفوا بوطنية الرجل.
لقد نسي من يعترضون على تسمية مسجد باسم «المشير طنطاوي» أن هذا الرجل له موقف من الخصخصة وأوضاع أخرى قبل ثورة يناير، وأن الرجل ومجلسه أداروا ثلاثة استحقاقات انتخابية لم تعرفها مصر من قبل، شهد العالم بنزاهتها وأنه جعل من الجيش قوة اقتصادية تمت الاستفادة منها لصالح الشعب، سواء قبل يناير أو بعده كما قرر التبرع بمبلغ كبير لصندوق شهداء الثورة، بينما الإخوان والثوار اكتفوا بالمتاجرة لتحقيق مكاسب سياسية».
ومسلم يقصد زياد العليمي الذي قال في كلمة له في مدينة بورسعيد عندما كان عضوا في مجلس الشعب بعد ثورة يناير «ما قدروش على الحمار يقصد المشير قدروا على البردعة».
&