بسام البدارين

&إبلاغ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لنخبة من نواب برلمان بلاده أول أمس الإثنين بأن خيارات الإشتباك الأردني ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية لا تشمل المساهمة في «قوات برية» تزامن مع نشاط على الجبهة السلفية المحلية باتجاه التأكيد على أن «الساحة الأردنية» ليست هدفا ضمن مخططات دولة «داعش».
الرأي العام الأردني ومعه النخبة السياسية مشغولان في متابعة مستجدات التحالف الدولي وإحتمالات التأثير على المصالح الأردنية الحيوية ومن هذا المنطق أصدرت أحزاب المعارضة بيانا طالبت فيه بالإنسحاب من التحالف الأمريكي على أساس عدم وجود جودة أو إنتاجية.


لوحظ بأن بعض الأحزاب التي وقعت على البيان تنتمي للمدرسة اليسارية والقومية التي تخاصم الإسلاميين بصورة عامة في الوقت الذي كان فيه حزب جبهة العمل الإسلامي الممثل للأخوان المسلمين في المملكة قد أعلن عن رفضه العمل ضمن التحالف مع الإدارة الأمريكية.


كلام ملك الأردن بخصوص الإبتعاد عن اي عمل عسكري «بري» محتمل له أهداف سياسية تخاطب الرأي العام المحلي لطمأنته بخصوص حسابات أمنية وإستراتيجية لن تنتهي بالتورط في المعركة المباشرة خصوصا وان عمليات القصف بالطائرات التي يشارك بها الأردن علنا ثبت عدم جدواها وضعف تأثيرها العملياتي والميداني على قوات تنظيم الدولة التي تنمو وتتزايد وتتوسع في العديد من الإتجاهات.
بدا لافتا أن الأردن يبعث برسالة «ود» تجاه النظام السوري عندما إعتبر الملك أن الإشتباك البري مسألة تخص العراق وسوريا، يحصل ذلك فيما لا يوجد تبادل رسائل حقيقية بين عمان ودمشق وفي الوقت الذي إقتربت فيه المعارضة السورية من السيطرة التامة على المركز الحدودي المحاذي للأردن والذي غادرته القوات السورية منذ أكثر من عامين ورفضت عدة مرات العودة إليه.
إجرائيا لا زال إيقاع التحالف و«داعش» يفرض بصماته على كل الحيثيات العامة في الأردن فالنيابة العسكرية تحركت في إتجاه الطعن لدى محكمة التمييز بقرار الإفراج عن الشيخ عمر عثمان أبو قتادة المنظر السلفي الشهير، فمن الواضح أن هدفها ضبط إيقاع اللقاءات العامة والتصريحات التي تصدر عن الشيخ الذي أصبح محطة بالنسبة لغالبية وسائل الإعلام العربية والعالمية.
محامي أبو قتادة حسين مبيضين إعتبر طعن النيابة إجراء قانوني مشيرا إلى أنه لم يتسلم نسخة من هذا الطعن وإن كانت القراءة السياسية للطعن توحي بمطالبة أبو قتادة بالصمت أو الميل للهدوء والتوقف عن اللقاءات العامة.
أبو قتادة نفسه أبلغ «القدس العربي» مباشرة مرتين على الأقل بأنه «لا يريد التحدث في مسألتي التحالف وتنظيم الدولة» في هذه المرحلة ومساحة الصمت الإجباري شملت فيما يبدو المنظر السلفي البارز الشيخ أبو محمد المقدسي الذي تم إستدعاؤه ومطالبته بالتزام الهدوء والتوقف عن إصدار الفتاوي.


الجو العام في غرف القرار المغلقة أردنيا يؤشر إلى أن السلطات تسعى لتقليص مساحات الجدل داخليا في القضايا الجهادية والسلفية خصوصا بعد تحويل نحو 20 موقوفا من التيار السلفي الجهادي إلى المحكمة باتهامات أمنية بعد ثبوت تأييدهم ل «داعش» أو تواصلهم وتعاطفهم معها حسب الحيثيات.


إدارة العلاقة مع الكتلة السلفية الجهادية لا تبدو مسألة سهلة امام الأردنيين في ظرف بغاية التعقيد والمخاوف العامة متواصلة من البقاء في مستوى الإرتباط بالتحالف العسكري الأمريكي ما دام بعيدا عن الإنتاجية العملياتية وما دامت قوات تنظيم الدولة الإسلامية قادرة على الصمود والمناجزة في العراق وسوريا وتعزز نفوذها خصوصا في ظل الإصرار التركي على «أجندة» متباينة نسبيا مع أجندة التحالف والنظام الرسمي العربي.


&