&تميزت بتقاريرها من لبنان في حربه ضد إسرائيل ومن غزة

&سليمان حاج إبراهيم

أعلنت مراسلة قناة «الجزيرة» التي ألفها الجمهور بإطلالتها المميزة على الشاشة من أكثر مناطق العالم سخونة، استقالتها من مهامها من المحطة التي قضت فيها سنوات طويلة لتنهي بذلك مشوارا مهنيا حافلا بالإنجازات.
وكشفت المراسلة اللبنانية التي غطت العديد من الحروب والأزمات في تصريح لـ»القدس العربي» أنها قررت الاستقالة من المحطة بسبب ظروف عائلية،ولتتفرغ لأسرتها، وأنها ستظل في الدوحة حيث تقيم منذ سنوات. وقالت «كاتيوشا» مثلما يلقبها زملاؤها في الجزيرة إنها مفارقة أن تستقبل هذا الشهر تزامنا مع التاريخ الذي التحقت فيه قبل 11 سنة، أي في 11 تشرين الأوّل/ اكتوبر 2003 بالمحطة القطرية. وعبرت المراسلة الحربية عن سعادتها بكل الفترة التي عملت فيها مع أناس كثر تكن لهم كل الاحترام والتقدير. وودعت كاتيا زملاءها في المحطة برسالة شكر لهم جميعا ولكل من عمل معها، وعبرت لهم عن الامتنان لكل الأيام التي قضتها في العمل طيلة هذا المشوار الحافل بالذكريات.


وكتبت المراسلة الحربية لمعجبيها وأصدقائها في العالم الافتراضي تخبرهم أيضا عن استقالتها من قناة الجزيرة. أعلنت للجميع: «قرّرت التفرّغ لرعاية أسرتي الغالية، ابنتاي جود (سنة) وتليد (4 سنوات)، ينتظرهما عالم مرعب، سأعلّمهما أنّ الحياة أقصر من أن نضيّعها في الأحقاد، وأنّ الإسلام أرقى من أن نقسّمه إلى سنّة وشيعة، وأنّ الحقّ أكبر من أن نمسخه في طائفة أو مذهب، وأنّ الروح أغلى من أن نهدرها في القتل والاقتتال، الأهمّ أنّني سأعلّمهما الثبات على الحقّ وإن تركه أصحابه، وأنّ فلسطين لنا وهي القضية الأولى والأخيرة ولن تعود إلا إن فعلنا شيئاً مهما كان ضئيلاً».


وتقول لـ»لقدس العربي: «شغفي الصحافي والشخصي هو القضية الفلسطينية، وقد كتبت الكثير من التقارير في هذا المجال، وقد أطلق عليّ الكثيرون لقب كاتيوشا لما يصفونها بروح الثورة والمقاومة لدي». وتضيف: «بعد القضية الفلسطينية تعنيني بشكل رئيسي القضايا الإنسانية ومعاناة الناس ويعنيني أيضاً التعاطي الإعلامي من هذه المنطلقات بعيداً عن التصنيفات لا سيّما الطائفية منها، الإنسان هو القيمة العليا». وتشير إلى أنه: «انطلاقا من هذه القناعة، انتقلت للعمل في إدارة الحريات العامة وحقوق الإنسان في قناة الجزيرة، وهي أول إدارة من نوعها في مجال الإعلام».
وترك الخبر الذي نزل كالصاعقة على معجبيها في صفحة «الفايسبوك» أثره عليه، حيث رحب بعضهم بذلك وتفهموا دوافعه خصوصا ما تعلق بالاهتمام بالأسرة، فيما تمنى آخرون لو أنها تتراجع عن الاستقالة، فهم اعتادوا تقاريرها التي تنجزها بروح مختلفة. واعتبرت كاتيا ناصر أن الجزيرة اقترنت في العديد من الأوقات بحياتها بالرغم من اللحظات الصعبة الكثيرة التي تمر عليها، لكن مع تزايد مسؤوليتها الأسرية اتخذت القرار بعد تفكير عميق.
وكانت مراسلة الجزيرة من الوجوه النسائية التي تميزت بنقل أحداث المعارك على الهواء مباشرة، مشهد لم يكن مألوفا من قبل، لكنه أصبح واقعا بعد أن فرضت مع زميلات لها أنفسهن في الميدان، وتوجهت بكل ثقة إلى خطوط النار لنقل تفاعلات الأحداث بكل أمانة، وبأدق التفاصيل، مع كل المخاطر التي تهدد حياتها.


كاتيا تقول عن نفسها: «أنا نصفي من الجنوب ونصفي الآخر من البقاع الغربي وهذا ما أحبّ أن أسميه المجد بطرفيه، لأن المنطقتين كانتا نموذجاً للمقاومة زمن الاحتلال الإسرائيلي». ظهرت على شاشة الجزيرة أكثر من مرة تحاول جاهدة إخفاء مشاعرها تجاه القرويين الذين وقعوا ضحية القصف الإسرائيلي العشوائي في حرب اسرائيل الأخيرة على لبنان سنة 2006، وكانت تعبر عن هواجسهم وعن المجازر التي ارتكبت في حقهم من دون خوف أو وجل. وكانت المراسلة الحربية قبل استقالتها تقضي أياما من العمل المتواصل متنقلة بين المناطق الأكثر سخونة وبؤسا تصور لملايين المشاهدين عبر العالم مشاهد مزرية صنعها الإنسان بالمستضعفين من أقرانه، أو كانت بغضب الطبيعة حيث حلت على بعض المناطق. وتتذكر كاتيا حتى الآن المخاطر التي مرت بها في أكثر من حرب أو نزاع غطته، حيث لا تزال صورة السيارة المقلة لوفد من الإعلاميين والتي تعرضت للقصف من قبل الجيش الإسرائيلي ماثلة أمام عينيها وذكرى لم تنساها. وأنجزت كاتيا ناصر خلال عملها في قناة الجزيرة مئات القصص الإنسانية، وأبرز تغطياتها حرب تموز وزيارة غزة 2008 على متن أوّل قارب عربي يكسر الحصار على القطاع. ولها العديد من التقارير المميزة التي لا يزال بعضها يدرس في مركز تدريب الشبكة كأحد الأمثلة النموذجية للتقارير التي أنجزها صحافيو المحطة عبر تاريخ القناة. وتختم كاتيا ناصر حديثها بالتأكيد على أنها تعتبر نفسها في استراحة محارب لجهة العمل، لكن في حياتها العادية تبقى «كاتيوشا» وأفكارها هي ذاتها أينما كانت.
&