محمد الباهلي

لقد ابتليت الأمة العربية والإسلامية بتنظيمات وجماعات خطفت الدين ووضعته شعاراً لها، حتى توهم الآخرين بأن هدف أعمالها التخريبية والإرهابية هو نصرة الدين وإعلاء شأنه، والحقيقة أن هذا ليس هو الهدف بل الهدف هو تشويه الدين ونشر الإرهاب، وذلك لتحقيق عدة أغراض منها:

1- خدمة القوى الخارجية التي تتربص بهذه الأمة، والتي عملت طويلاً لتمكين الجماعات الإرهابية من ممارسة نشاطها حتى يسهل عليها تنفيذ أجنداتها السرية.


2- إظهار الإسلام، دين السماحة والسلام والعدالة، كما لو أنه دين إرهاب، وتصوير أطراف رئيسية في المنطقة على أنها هي من يحتضن مثل هذا الإرهاب ويعمل على تصديره!

3- تأييد التوقعات التهويلية والافتراضية التي أطلقها بعض الكتاب الغربيين حول «الغزو الإسلامي» للغرب، والعمل على إقامة «أوروبا إسلامية» معادية للقيم الغربية.

لقد شهد العالم موجات عديدة من مثل هذه الحركات والتنظيمات الإرهابية التي استخدمت شعارات عديدة لإشعال الحروب، وارتكاب المجازر وإثارة الفوضى في الدول التي تواجدت فيها. وشهد التاريخ الإسلامي في مراحل مختلفة منه ظهور مثل هذه النماذج التي تستهدف تشويه الإسلام ونشر الاضطرابات والفوضى خدمة لأعداء الإسلام، بل وأحدثت حالة من الصراع الطائفي والمذهبي داخل الإسلام نفسه، كما فعل الخوارج الذين كفّروا جميع من اختلف معهم في الفكر والرؤية وفرقوا المسلمين إلى طوائف وتحزبات. هذا الفكر التدميري الذي يتعامل مع الأمور بلغة الإرهاب والترويع والتفجير والقتل، هو الخطر الحقيقي على الإسلام والمسلمين، وقد ألحق أبشع الضرر بالأمة. فهو فكر إرهابي مدمر للسلام والعدالة والحوار والتنمية، أي لكل ما يدعو له الإسلام الحنيف، لذلك فهو الأساس في تخلف المسلمين عن ركب الحضارة.

إن خطورة مثل هذه الجماعات والتنظيمات أنها أصبحت تركز على الشباب، وهم قوة الأمة وعماد مستقبلها، لتحقيق أهدافها الملغومة، وذلك بتجنيدهم والزج بهم في جحيم هذه التنظيمات لتعطيل طاقات الشباب وخنقها وتقليص فاعليتها.

إن الأمر الجوهري والمقلق حقاً في هذا الخصوص هو دور القوى التي تدعم مثل تلك الجماعات وتمولها سراً لخدمة أجنداتها السرية في المنطقة، حيث كشف الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز «يافا» للدراسات السياسية (مقره القاهرة) في حواره مع صحيفة «الأخبار» الصادرة في التاسع من أكتوبر الجاري عن أن «الموساد» يخترق الجماعات الإسلامية، لأن هدف إسرائيل الأول والأخير هو خلق فتن طائفية ومذهبية داخل المجتمعات العربية، بتمويل جماعات متطرفة تتستر خلف الدين الإسلامي وتتخذ منه ذريعة لتحقيق أهدافها السياسية. فما يحدث في الدول العربية من عنف وقتل وحرق وتدمير هو طبعة إسرائيلية بوجه إسلامي، وهذا هو هدف إسرائيل. والذي يؤكد هذه العلاقة أن مستشفيات إسرائيل ومعسكراتها بها عناصر من تنظيم «داعش».

لابد إذن ونحن نخوض هذه المعركة التي نواجه فيها الإرهاب، أن نفهم طبيعة المعركة وخطورتها وأبعادها وتأثيراتها على المديين البعيد والقريب، وأن نعرف طبيعة الأيادي الخفية التي تحركها من خلف الستار.
&