علي الجحلي

&


تابع المجتمع السعودي حالات اختفاء عدد من المبتعثين والمبتعثات بقلق كبير، بل إن مواضيع الاختفاء تتصدر أحاديث المجالس، خصوصا تلك التي ترتبط بشبهة جنائية أو الالتحاق بجماعات إرهابية أو المشاركة في أعمال لا تتعلق بالتزامات الطالب في الدولة المضيفة.

فات كثيرون أن يتذكروا أن السعوديين هم من أكثر الشعوب اهتماما بالعلاقات الاجتماعية، وأن المبتعث يستطيع أن يصنع الكثير لتحسين سمعة بلده وتقريب مفاهيمنا للعالم الذي يعيش حسب معايير أخرى، ويحدد أولوياته واهتماماته بطرق مختلفة.

تسبب هذا في توقع السوء من المبتعث الذي يختفي عن الأنظار، وهو ما ثبت أنه غير دقيق، فهناك من اختفوا بسبب وقوعهم ضحايا لجرائم جنائية. كما حدث مع اثنين من ألمع المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة وبريطانيا.

إن النظر للموضوع بعقلانية يجعلنا نعيد التفكير ونغير نظرتنا لأبنائنا وبناتنا في الخارج. ذلك أن الحادث الذي تعرض له أحد أبنائنا لم يكتشف إلا بعد وقوع الجريمة بفترة غير قصيرة، وهو يدل على قصور في كفاءة أجهزة هذه الدول الأمنية، وعدم اهتمامها ببلاغات الاختفاء التي تصلها، بينما نجد العكس تماما لدينا. لكن الأهم من ذلك هو أن بعضا منهم اتجهوا نحو تجريم أحد الطلبة السعوديين وتفسير اختفائه بأنه التحق بإحدى الجماعات التي تمارس أعمالا إرهابية. هذه النظرة يجب أن تنتهي لأنها تؤثر في بقية الطلبة وقد تدفع بعضهم إلى الالتحاق فعلاً بهذه الجماعات من مبدأ "تبني التوقعات"، وهو مبدأ نفسي يدفع الشخص للتصرف حسب ما يتوقعه المجتمع منه. هذا المبدأ هو الذي يجعل التحفيز والتشجيع عنصرين مهمين لتحقيق الأهداف، وهو الذي يدفع الطلبة الذين في آخر الصف لارتكاب المخالفات التي يتوقعها منهم المعلمون وزملاؤهم من الطلبة، بل يبدعون في ذلك.

مهم أيضا أن نتعلم من حالات الاختفاء هذه كيف نحافظ على التواصل مع المبتعثين الذين تتجاوز أعدادهم 200 ألف من خيرة أبناء الوطن. يأتي من ضمن ذلك وضع قواعد عامة تشمل الإلزام بالتواصل المستمر مع زميل أو زميلة من المبتعثين كل 48 ساعة على الأكثر، والإبلاغ عند التوجه لممارسة أنشطة جديدة أو الوجود في أماكن غير معروفة، وخط ساخن للتواصل مع الملحقية.
&