حسن عبدالله عباس

مقالة صالح القلاب في الشرق الاوسط اللندنية يوم الخميس بعنوان : « تركيا مستهدفة واردوغان يصر على اسقاط الاسد» تبدو متناقضة لحد كبير، وكنت أتوقع آداء افضل للكاتب الشهير من سقطة كهذه!

أظن العنوان معبر عن نفسه ولا حاجة للإكثار في الشرح. فالقلاب يتكلم عن استهداف تكتل تحالف المقاومة وروسيا (ومعها الصين بعض الشيء) للجمهورية التركية «الاردوغانية». فالاتراك يتعرضون الى ضربة قوية، لكنهم لغاية الآن قادرون على الصمود ومواجهة التحدي بل والاصرار على إسقاط الأسد!

يتحدث الكاتب عن الوضع الصعب الذي تعيشه تركيا بالنسبة لما يجري في سورية، كما انه استعرض الوضع المتوتر جدا بين حزب «العدالة والتنمية» الحاكم والاسلامية الايرانية. ولكي يشرح لنا لماذا هو مقتنع بأن الاوضاع متوترة بين الطرفين لهذا الحد، انتقى بعض التصريحات الصادرة عن المسؤولين الاتراك والتي تبين شدة امتعاضهم من السلوك الايراني.

قبل الاسترسال في الرد، بودي ان اذكر من جديد اننا نشرح الواقع المرئي امامنا، بغض النظر ان كنا نميل لهذا الطرف او ذاك، وبغض النظر ان كان الحق هنا والباطل هناك او العكس. فنحن غير معنيين فيه بتاتا، وعلى هذا الاساس سأناقش كلام صالح القلاب.

بداية لو قارنا معسكر المقاومة مع معسكر السلام لوجدنا ان الاول يسير بخطى واضحة ويعلم ما يريده. فقد ظل باقيا على طريقه منذ البداية عارفا أهدافه ويسعى لتحقيقها بشتى السبل. أما معسكر السلام فهو المشكلة. ففي البداية وقف مع التطرف الاسلامي في سورية، وشن الحرب عليه في العراق، ثم عاد فانقلب عليه بعد ذلك من جديد في سورية. وتراه فاجر في الخصومة لحد قطع جميع خطوط الرجعة مطمئنا ان ما يريده سيتحقق لا محالة، فسحب السفراء وطرد ممثل النظام السوري الحالي واستبدله باعتراف رسمي للمعارضة، ثم انقلب كعادته على نفسه فصار يطلب ممثلا عن السلطة (التي طردها قبل قليل) ليجلس ليتباحث على اتفاق ينهي الصراع بعنوان جنيف ون وتو الخ.

والمضحك ان هذا التكتل الاجنبي الخارجي بكل جوانبه من حكومات ومقاتلين وخطط، يأتي هو اليوم ليساعد السلطة ولينسق معها كيفية معالجة المشكلة داخليا!

مشكلة الاتراك (والتحالف) الاساسية انهم وكما قال القلاب خيّروا المنطقة بين اثنتين: اما ذهاب الاسد او الحرب، اما معنا او علينا، الثنائية التقليدية. لذلك وجدوا انفسهم في مطب ومشكلة عويصة، فبعد ثلاث سنوات من المليارات والدمار الهائل والاستنزاف بالمال والجهد والوقت والبشر، اكتشفوا اخيرا ان الطريق مسدود. بل حالهم اسوأ من الخيارين، فلا العنب ولا الناطور! واضح ان القلاب يراهن على فريق خسران سياسيا وعسكريا!
&