علي الخبتي

نحن بوصفنا مسلمين، لا نقبل العنف الذي نراه من بعضنا، وفي الوقت نفسه نطالب بالحزم والعدل والوقوف ضد الظلم الذي نراه عيانا بيانا في التعامل مع قضايانا

&


هناك في الغرب صورة نمطية سلبية عن الإسلام تم تكوينها عبر عقود بطرق مختلفة، من أهم تلك الطرق التعليم والإعلام والسينما.. والصورة النمطية التي تؤخذ عن أي مجتمع من المجتمعات أو دولة من الدول لها تأثير كبير في تشكيل الرأي العام عن تلك المجتمعات أو الدول وعن الجمهور الذي تستهدفه تلك الصورة والقائمون عليها.. والصورة النمطية لها أشكال متعددة وطرق مختلفة، بعضها يتم بتخطيط محكم، وبعضها يتم بصورة تعميمية قائمة على تجربة واحدة أو تجارب قليلة يتم تعميمها، والبعض الثالث يتم توارثه وتناقله من القدم.. وبعض تلك الصور جيد وبعضها سيئ..

&

وتعرف الصورة النمطية بأنها مجموعة من الأحكام والانطباعات والتصورات القديمة المتوارثة والجديدة المستحدثة التي يأخذها شخص أو جماعة أو مجتمع عن آخر، ويستخدمها منطلقاً وأساساً لتقييمه لهذا الشخص أو ذلك المجتمع وتحديد موقفه وسلوكه إزاءه.. وكما قلت فالصورة النمطية عن العرب والمسلمين اليوم للأسف سلبية.. وللأسف أيضا يتم اليوم بما نراه من ممارسات على أرض الواقع من أبناء المسلمين ما يعزز تلك الصورة النمطية عن الإسلام، ذلك الدين القويم، دين التسامح ودين المحبة ودين السلام.. أصبح هذا الدين العظيم بفعل بعض أبنائه يصور تشويها على أنه دين التقتيل والكراهية والتطرف والإرهاب.. حاشا أن يكون هذا منهج الإسلام.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..

&

والغريب أن هذا يتم من فئة قليلة من أبناء الإسلام والفئة الكثيرة الغالبة ساكنة مستسلمة ودينها تشوه صورته وتبدل قيمه ويغير منهجه.. معظم الذين انتموا للإسلام كان بفعل ما رأوا فيه وفي أهله من السماحة والصدق والمحبة.. وهو دين العلم ودين الحكمة ودين العقل، فأين هذا مما نراه الآن على أرض الواقع؟ قليل من العقل وقليل من التدبر الذي أمرنا به القرآن لنصل بديننا وبمجتمعنا إلى ما أراده لنا ربنا عز وجل.. كثيرة هي الآيات في القرآن الكريم التي تدعو إلى التدبر والتفكر وإعمال العقل والثناء على أصحاب الألباب.. نحن كمسلمين لا نعتز فقط بأن ديننا أول من دعا إلى إعمال العقل لكن أيضاً تفعيل هذه الدعوة لكي تكون الأمة في مقدمة الأمم..

&

والحقيقة أن سبب تفوق الغرب علينا هو أنه انتهج هذا المنهج وطبقه، بل ونجح في تطبيقه ..ونحن الأولى بهذا التطبيق لأنه جزء من معتقدنا.. ولن تكون هناك أمة من الأمم يمكن أن تسود دون أن تعمل العقل.. والغرب آمن بهذا التوجه وطبقه.. وفي هذا السياق قال ونستون تشرشل ذات مرة "إن امبراطورية المستقبل الحقيقية هي امبراطورية العقل" بهذا المفهوم انطلق الغرب وبنى حضارته..الأمة الإسلامية الآن تعيش في أسوأ حالاتها والسبب أبناؤها.. الذين دمروا مثل وقيم وأخلاق ومنهج هذا الدين القويم ..الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين أن يأخذوا على يد الفئة الظالمة الباغية.. وقبلها الصلح، فإذا تعذر فالأخذ على اليد هو العلاج.. لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي وديننا يشوه.. والمشكلة الكبيرة هنا أن ما تعمله فئة قليلة يفهم من أعداء الإسلام على أنه منهج لكل الإسلام ولكل المسلمين.. وهنا الخطورة.. فلماذا يسمح لفئة قليلة تصرفاتها غير مقبولة أن تمثل الإسلام وتتحدث باسمه ويُفهم على أن ما تفعله تلك الفئة يمثل المسلمين كلهم؟


الغرب يرفع في كل الأحايين رغبته في بث المثل والقيم العالمية وبسطها بين الأمم حتى ولو بالقوة.. تلك المثل وتلك القيم هي قيم إسلامية وهي لب ما يدعو إليه ديننا الإسلامي الحنيف.. إن العنف والقتل أمران مرفوضان جملة وتفصيلا لأي سبب..وبالمقابل ما يقوم به الغرب من بث الأحداث التي تتم على أنها تنطلق من المسلمين أمر مرفوض، وكذلك إعطاء الحجة لمثل هؤلاء بعدم التعامل بعدل مع قضايا المسلمين يحمل الغرب المسؤوولية في بعض ما يجري من أحداث.


نحن بوصفنا مسلمين لا نقبل العنف الذي نراه من بعض أبناء المسلمين، وفي الوقت نفسه نطالب بالحزم والعدل والوقوف ضد الظلم الذي نراه عيانا بيانا في التعامل مع قضايانا.. عالمنا اليوم لم يعد يحتمل التقاتل والتناحر والخلاف.. ونسأل أين رشاد القول والعمل والتعامل؟ أليس هناك رشد؟


وخلاصة القول أننا نعيش في عصر القرية الكونية ولا بد أن نعرف نحن المسلمين ويعرف الغرب أن ما يتم من أحداث تؤثر على الجميع وليس على فئة بعينها ولهذا لا بد أن نعمل جميعا على استقرار وتقدم كوننا الذي نعيش فيه.. ونقول للغرب إن الإسلام هو ليس كما يدعي أعداؤه.. إن الإسلام هو دين السلام ودين المحبة ودين التسامح ودين التعاون.. وهذه حقيقة.. وما يجري من بعض أبنائه من تصرفات لا تمثل الإسلام.. ونقول للغرب أيضا إنه يتحمل جزءا من مسؤولية ما يحدث الآن بفعل عدم تصرفه بعدل وحزم نحو قضايانا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تتطلب أن تُوقف إسرائيل عند حدها، وتُمنع من التصرف بعنجهية مدعومة من الغرب عسكريا وسياسيا في المحافل الدولية.. لا بد من وضع النقاط على الحروف للخروج من أزمات كوننا كي ننعم بالسلام والاستقرار وبث القيم التي نؤمن بها جميعاً فيه: المحبة والسلام والتسامح والتعاون ونبذ الكراهية والتطرف والإرهاب.
&