رائد برقاوي

لأن الإمارات لا تتوقف عن السعي لرفعتها وتقدمها وتميزها وريادتها . ولأنها تؤمن بأن لا مستحيل أمام الاجتهاد والعمل الدؤوب . ولأن علاقاتها الدولية وسياساتها مبنية على السلام ومد اليد للآخر، قررت خوض تجربة استضافة أهم تجمع عالمي للطاقة، فنجحت وفازت باستضافة قمته في العام 2019 .


عندما قررت المنافسة، كانت الإمارات ممثلة بأبوظبي مدركة أن "المعركة" لن تكون سهلة، فالمنافسون كبار، البرازيل من جهة وروسيا من جهة أخرى وغيرهما، عينهم جميعاً على الاستضافة لأنها تمثل اعترافاً عالمياً بالجهة الفائزة فالحدث يرسم مستقبل الطاقة ويحضره قرابة العشرة آلاف شخص من قادة حكومات ورؤساء شركات وممثلي منظمات المجتمع المدني والخبراء .


لم يكن السباق سهلاً، بل على درجة كبيرة من الصعوبة، فكيف سيتم إقناع دول العالم بأن بلداً نفطياً عضواً في "أوبك" ويصدر قرابة ثلاثة ملايين برميل يومياً، ولديه رابع أو خامس أكبر احتياطي في العالم، مؤهل لاستضافة قمة عالمية تعنى بمستقبل الطاقة النظيفة والمتجددة؟


ملف الإمارات كان جاهزاً وتجربتها في الطاقة البديلة حاضرة وبادية للعيان، ليس محلياً فقط بل حول العالم، فهي الآن أحد أكبر المستثمرين في الشمس وفي إنتاج الطاقة النظيفة، وتنفذ برنامجاً طموحاً مثيراً للإعجاب في الشرق الأوسط لبناء محطات للطاقة النووية تلبي عند اكتمالها بحلول موعد القمة ربع احتياجات البلاد من الكهرباء .


فريق العمل المكلف كان جاهزاً أيضاً، فهو إلى جانب ضمه جميع المؤسسات والدوائر المعنية بالطاقة، كانت أمامه تجربتان نجحت الإمارات فيهما، أولاهما احتضان أبوظبي مقر الوكالة الدولية للطاقة (إيرينا)، والثانية استضافة دبي تظاهرة إكسبو العالمية في العام ،2020 فكلتاهما شكلت تحدياً على المستوى العالمي فازت به الإمارات بجدارة .


الدول المنافسة على الاستضافة كانت أيضاً ملفاتها جاهزة ، لكن الفرق أن جاهزية الإمارات تختلف، فهي استندت إلى قائمة "طويلة عريضة" من العلاقات الدولية، فشبكتها الدبلوماسية والتجارية والإنسانية والأخلاقية نسجتها باحتراف مع القريب والبعيد، مع الشقيق والصديق، لتكتسب احترام وتقدير الجميع، يضاف إلى ذلك أن نموذجها في التنمية والبناء محل إعجاب الجميع بمن فيهم المنافسون أنفسهم .
نجاح أبوظبي في استقطاب قمة الطاقة نجاح لكل الإماراتيين، وللعرب، وللمنطقة بأسرها التي تستضيفه لأول مرة منذ تأسيسه .


الإمارات باتت الآن رقماً صعباً في المعادلة الدولية بإنجازاتها وعلاقاتها وتأثيرها ومبادراتها التي لا تتوقف خدمة للإنسانية جمعاء . فإلى نجاح قريب آخر .