بسام البدارين

&

&

&

السياق الاستراتيجي لوقفة رئيس وزراء العراق حيدر العبادي في العاصمة الأردنية عمان أمس الاحد أكثر من واضح ليس فقط في ضوء «تعقيدات» واقع العلاقة الثنائية بين البلدين.
ولكن أيضا في إطار الاشتعال الإقليمي المفتوح على كل إحتمالات التعاون خصوصا بعدما قاد إنضمام الأردن وبفعالية لقوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا الرئيس العبادي إلى اختيار عمان دون بقية عواصم العرب للتوقف فيها بعد رحلته الأساسية لطهران.


بوضوح يمكن ملاحظة الحرص الأردني العميق على عدم إظهار المبالغة إعلاميا على الأقل بزيارة الضيف العراقي الجديد بالتوازي مع المهمة التي يعتقد بعض المراقبين أنها الوظيفة الأبرز لزيارة العبادي وهي شكر الأردن والإعراب عن التقدير لدوره ليس السياسي فقط بل «العملياتي» أيضا ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وفقا للناشط السلفي البارز الشيخ محمد خلف الحديد يأتي العبادي لشكر الأردن على شيء محدد على الأرجح مرتبط بأجندة المشاركة في استهداف المجاهدين مع التحذير اللازم من مغامرة سياسية أردنية جديدة في أحضان حكومة العبادي التي ما زالت «طائفية» بامتياز وتخوض حربا ضد أهل السنة في العراق.
في قياسات الوسط الرسمي لا مكان في القراءة المعمقة لاجتهادات من طراز ما يتبناه الشيخ الحديد، فالعبادي جاء لعمان في رسالة بارزة جدا قوامها «لست طائفيا» وأريد ممارسة الإنفتاح على الجوار السني تفاعلا مع مساندة الجوار السني له في معركته ضد تنظيم الدولة وهي المعركة التي تسببت بإقصاء سلفه نوري المالكي .


بالنسبة للأوساط الإعلامية المتابعة ثمة مبرر «للضمور» الأردني المقصود في عدم المبالغة في الاحتفاء بزيارة العبادي إعلاميا على الأقل رغم مرافقة وفد وزاري رفيع المستوى له وعقده جولتين من المباحثات الأولى مع نظيره الأردني عبدالله النسور والثانية مع الملك عبدالله الثاني.


الضمور المشار إليه يبعد الأضواء عن حقائق ووقائع التعاون «الأمني والعسكري» الأردني مع الحالة الميدانية العراقية الداخلية في الوقت الذي تثير فيه تقارير أمريكية دبلوماسية بعض «التحفظات» على التعاون الأردني مع حركة مال رجال الأعمال العراقيين البارزين.
عمان بهذا المعنى تريد أن ترحب بالعبادي لكن بدون مبالغة وبدون تفريط في أجندة تحالفاتها وصداقاتها الكلاسيكية تحديدا مع نخبة عريضة من رجال الأعمال وقادة العشائر السنية في منطقة الأنبار وخصوصا الذين يتوقعون من عمان التحدث عنهم واحيانا باسمهم وبقضاياهم العالقة مع حكومة بغداد الجديدة .
العلاقة بين نخبة الأنبار من طبقة كبار العشائر والأعمال في محافظة الأنبار وجوارها تحديدا وبين حكومة العبادي ما زالت «باردة» نسبيا والأردن عمليا يجد نفسه معنيا بهذه المسألة عندما يتعلق الأمر بمفاوضات عميقة للتفاصيل العالقة بين الجانبين حيث ترحب عمان بحكومة بغداد مرحليا وهي في موقع «قوة» هذه المرة بسبب موقعها المتقدم في خارطة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة العدو الأبرز لحكومة العبادي .
مرجح جدا أن تميل عمان لاختبار نوايا حكومة العبادي تجاه ملفات أساسية عالقة من بينها مشروع الأنبوب النفطي الناقل بين البلدين والتعاون في قطاع الغاز وأسعار النفط التشجيعية وكذلك مساحات التعاون الأمني وأهمها عودة السلطة المركزية لحماية الحدود العريضة بين البلدين .


وقد استبق الأردنيون وعبر ملكهم عبد الله الثاني التمهيد بالإشارة وعدة مرات لضرورة دعم وإسناد جيش العراق النظامي في مواجهة الإرهاب خصوصا،وان عمان سبق ان تعرضت لمحاولات إرهاب سعت للعبور من العراق إلى الأردن.
الأوساط المحيطة بالرئيس العبادي تتحدث عن اهتمامه الشديد بمعالجة كل القضايا العالقة مع الأردن وفتح صفحة جديدة تنهي خلافات مرحلة الرئيس نوري المالكي، الأمر الذي لن يصدقه الأردنيون دون تحصيل ديون تجارهم وقطاعاتهم التي تصل إلى ثلاثة مليارات على البنك المركزي العراقي ودون إزالة العقبات البيروقراطية أمام قطاع المقاولات والتجارة الأردني في السوق العراقية وخصوصا الإعاقات التي كانت تضعها حكومة المالكي في الماضي.


&