هاني الظاهري

منذ صدور الحكم الابتدائي بإعدام السعودي «نمر النمر» المدان بالتحريض الطائفي على ارتكاب جرائم إرهابية في محافظة القطيف راح ضحيتها شهداء من رجال الأمن المخلصين لم تكفَّ أصوات الطائفيين عن محاولة تصويره كضحية لقضايا الطائفة الشيعية، وهو أسلوب درج على ممارسته كثير من المتاجرين بشعارات الانتصار للأقليات، إضافة إلى الذين يعتقدون بأن «الديني» يجب أن يكون فوق القانون والمحاسبة، والحق أن النمر لا يمثل إلا نفسه والعصابة الإرهابية التي حرضها وتورط معها. أما محاولة ربط قضيته بقضايا أهلنا من المكون الشيعي في السعودية فهي ليست سوى دجل خبيث وسفسطة هدفها إثارة بعض الضجيج الإعلامي؛ اعتقاداً بأن ذلك من شأنه تعطيل سير العدالة.

&

أحكام عدة بالإعدام صدرت خلال الأيام الماضية بحق عدد من المتورطين في جرائم تنظيم القاعدة الإرهابي، استقبلها السعوديون من المذاهب والتوجهات كافة بالترحاب والتأييد. لم يقف أحد ليقول إن هؤلاء الإرهابيين أشخاص يطالبون بحقوق أتباع المذهب السني وبناء عليه ارتكبوا جرائمهم، ومن الخطأ أن يحاسبوا أو تصدر ضدهم أحكام قضائية. هذا هراء ودجل طائفي لا يقبله العقلاء في أي زمان ومكان، وهو الهراء نفسه الذي يمارسه من يحاولون الآن تصوير النمر كضحية طائفية.

&

لو كان النمر (بغض النظر عن مذهبه وانتمائه الفكري والحزبي) في دولة من الدول التي لا تحترم القانون والعدالة لخضع لمحاكمة عسكرية على التهم الموجهة إليه، وفي مقدمها التحريض على قتل رجال الأمن، ولأعدم بالرصاص قبل أن يفكر في الدفاع عن نفسه، بعكس ما وفّره له قضاء وطنه من محاكمة شرعية كفلت له حقوقه في الدفاع عن نفسه وتوكيل محامٍ والاعتراض على الحكم وطلب استئنافه، فهل تُوصف هذه الإجراءات بأنها إجراءات طائفية؟ طبعاً مستحيل، ومع ذلك ما زالت القضية منظورة لم يصدر فيها حكم نهائي حتى الآن، فيما يتعالى صراخ بعض الطائفيين الانفصاليين في محاولة يائسة؛ للضغط على القضاء والسلطة لإيقاف محاكمته، وهذا وَهَم كبير لن يحصدوا منه شيئاً في نهاية المطاف؛ لأن العدالة أخذت مجراها، وعلى الجميع احترام القضاء وأحكامه.

&

أخيراً، يجب أن ندرك أن من ينفخون في جمر العنصرية الطائفية والانقسام المجتمعي تحت مظلة بعض الشعارات الدينية والحقوقية البراقة ليسوا سوى متطرفين مجرمين وأعداء لأنفسهم وأهلهم ووطنهم، استهواهم اللعب بالنار؛ لإحراق بلادهم، سواء أكانوا من الشيعة أم السنة أم غيرهم، وسواء كذلك آرتدوا العمائم أم «البشوت المقصبة» لا فرق بين مجرم وآخر، ولن يقبل أي مواطن شريف أن يكون أداة في أيديهم أو ينخدع بهم، فلا يوجد ما هو أغلى من الوطن، وليذهب الطائفيون والمتطرفون إلى الجحيم.
&