عبدالعزيز التويجري

ما تشهده المنطقة من صراعات طائفية وعرقية دامية، وتنظيمات إرهابية تتمدد وتحكم سيطرتها على مناطق مهمة في العراق وسورية ولبنان واليمن، وتدخل غربي عسكري بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في الحرب على تنظيم ما يسمى الدولة الاسلامية وتحاشي التنظيمات الإرهابية الاخرى، وتغوّل النظام الإيراني وتوسع نفوذه، وترك النظام السوري يستمر في قتل شعبه ويدمّر المدن والقرى بدعم روسي وإيراني مباشر أو عبر ميليشيات تابعة لإيران، كل ذلك يبعث على التفكير بالمعلومات والخرائط التي ذكرت مواقع عربية أنها تسربت من جهات رسمية في الغرب، وبخاصة البنتاغون الأميركي، كما ذكرت انها تحدد معالم التقسيم والكيانات الجديدة المراد صنعها.

&

والحديث عن هذه الوثيقة موجود في المواقع التالية:

&

www.elshaab.org

&

www.masress.com/ahram/1229865

&

www.jazannews.org

&

www.alayam.com/writers/9861

&

www.avb.s-oman.net/showthread.php?t=1945002

&

وبحسب تلك المواقع فإن هذه الدراسة المسرّبة عن البنتاغون، أشرفت عليها أربع وحدات بحث تضم 120 خبيراً استراتيجياً سياسياً وعسكرياً، وتتضمن عدداً من المقترحات والسيناريوات المفترض تطبيقها مرحلياً، إلى حين انتهاء تحقيق الهدف كاملاً. فقد صنفت الدراسة جيوش إيران وسورية ومصر والسعودية وباكستان كأقوى الجيوش التي تمتلك ترسانة أسلحة بعد الجيش العراقي سابقاً، وبيّنت، بحسب تلك المصادر، كيفية تفتيت تلك الجيوش تمهيداً لاحتلال بلادها كخطوة لاحقة. وترى الدراسة أن إيران ستدخل في مواجهة مباشرة مع الجيش السعودي بالتزامن مع حرب الشوارع التي ستنطلق ضده من اليمن والبحرين والمنطقة الشرقية، وتهدف هذه الحرب إلى تفتيت الجيش السعودي في شكل كامل، وإضعاف الجيش الإيراني بما يمكّن من تشكيله مرة أخرى وفق السيناريو المطروح.

&

وتراهن الدراسة، بحسب المصادر نفسها، على تحقيق النجاحات المتتالية في تنفيذ مخطط التقسيم، على رغم قصر المدة، وتعزو ذلك إلى وجود انقسام إيديولوجي وفكري وعرقي وطائفي وصل إلى حد التجذر في شعوب المنطقة. وهذه الدراسة، إذا صحّت، تتضمن أيضاً تفاصيل أخرى مرعبة عن ماهية الدويلات المراد صنعها من خلال عملية التقسيم على أسس طائفية وعرقية. أمّا الخرائط التي حددت الدول المراد تقسيمها إلى دويلات صغيرة في المنطقة.

&

لقد نبهت مراراً في مقالات سابقة نشرتها «الحياة»، من الفوضى الهدامة التي صاغ نظريتها المحافظون الجدد الصهاينة في أميركا، والتي كانت معلنة ومحددة المعالم من قبل، ودعوت إلى تدارك الأوضاع، والعمل بسرعة وقوة لمواجهة هذا المخطط الإجرامي الذي يهدف إلى تدمير الوجود العربي وتشويه الاسلام والإساءة إليه من خلال إيجاد تنظيمات متطرفة ترتكب الجرائم البشعة باسمه. وحذرت من نوايا إيران التوسعية واستراتيجيتها المذهبية وضلوعها في التآمر على العرب وعلى أهل السنة بالخصوص، من منطلق التعصب الفارسي والطائفي. وقلت في مقالاتي إن أميركا لا عهد ولا صديق لها، فهي دولة تحكمها اللوبيات الصهيونية، وتوجه سياستها الخارجية بما يخدم مصالح إسرائيل في المقام الأول، ولو على حساب مصالح الشعب الأميركي ومصالح شعوب المنطقة.

&

وها نحن نرى الآن كثيراً مما قلت ماثلاً أمام أعيننا. فإيران تتمدد من خلال عملائها الطائفيين في العراق وسورية ولبنان واليمن والخليج العربي وفي بعض المناطق من أفريقيا وفي باكستان أيضاً، وأميركا توجه ضرباتها لتنظيم إرهابي واحد، وتترك بقية التنظيمات الإرهابية الأخرى تفسد وتدمر وتشارك في تنفيذ مخططات التقسيم الطائفي والعرقي، بل تدعم هذه التنظيمات كما حصل عندما قصفت طائرة أميركية من دون طيار مواقع القبائل وأنصار الشريعة في جبل أسبيل في منطقة رداع لتمكين الحوثيين من التمدد في تلك المنطقة من اليمن، وكما زودت ميليشيات النظام العراقي الطائفية بالسلاح المتطور، وسمحت لقاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني بالتحرك بحرية تامة في العراق للإشراف على المعارك ضد ما يسمى «تنظيم الدولة الإسلامية»، وقصفت بالطائرات مواقع قوى المعارضة السورية في درعا وإدلب وحلب وحماة. فهل محصلة هذه الفوضى الهدامة هي ما تضمنته دراسة البنتاغون وخرائط التقسيم المسربة في حال صحّتها. وهل وصل الأمر بالعرب والمسلمين إلى هذه الدرجة المخيفة من اللامبالاة؟ أم هو الوهن الذي حذرنا منه الرسول الكريم، (صلى الله عليه وسلم)؟ إذا لم يتم بأقصى سرعة وأشد حزم، التحرك لوقف الانهيار المتحرك والتآمر المكشوف، فعلى المنطقة السلام.

&

إن الأمور كلها بدت واضحة اليوم بما فيه الكفاية. وهي جد في جد، لا مجال فيها للمبالغة أو للتهويل. فهذه الحقائق القائمة على الأرض تنطق بأن مخطط التقسيم قد يكون قيد التنفيذ، وأن الإدارة الأميركية وإسرائيل والصهيونية العالمية، ماضون في تنفيذ المخطط الاستعماري المريب المرعب مرحلةً بعد مرحلة، بينما العرب والمسلمون تائهون في وادي الأوهام، مستقبلهم مهدد، ومصالحهم الحيوية معرضة للخطر، وأراضيهم تقسّم واحدة تلو الأخرى، ودولهم قاب قوسين أو أدنى من الاضمحلال.

&


&