عبدالله عبيد حسن

إن الإعلان الحاسم الصريح الذي صدر عن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بأن مصر في حالة حرب وأن قوى أجنبية تريد كسر ظهرها، وما تبع ذلك التصريح من إجراءات اتخذتها مصر عقب العملية الإرهابية التي أدت إلى استشهاد ثلاثة وثلاثين جندياً مصرياً، تطور لافت وموقف يعكس وعياً جديداً. فهناك قوى تريد كسر ظهر مصر بالفعل، وهو أمر خطير يستدعي النظر فيه والعمل بمقتضاه وتحمل مسؤولياته وتبعاته، لاسيما من جانب الأمة العربية التي تجد نفسها في حالة حرب. فالقوى التي تريد كسر ظهر مصر هي بالضرورة والتجربة التاريخية تريد كسر ظهر الأمة العربية كلها.. لأن من يريد أن يكسر ظهر مصر يعلم أن مصر المؤمنة الصامدة هي أقوى دروع الأمة العربية وأنها السد الصامد المنيع دفاعاً عن الأمة وعن كرامتها ووجودها التاريخي. وطوال الحرب ضد القوى الأجنبية الطامعة في خيرات الأمة العربية، كانت مصر دائماً في مواجهة عدوان الأجنبي وحروبه ضد العالم العربي. تلك الحرب التي كانت مواجهة صريحة (حرب السويس) أو بالوكالة (حروب إسرائيل العدوانية)، كانت حصة مصر العربية من الدماء والشهداء فيها هي الأكبر.

&


أما الآن فقد انضم إلى العدو الأجنبي نفر من أبناء جلدتنا يمارسون بالإرهاب؛ فيقتلون النفس التي حرم الله قتلها، وينتهكون الأعراض، وينهبون الأموال، وينفذون مخطط القوى الأجنبية الساعي لتحطيم إرادة الأمة وقواتها المقاتلة وبث الفتن بينها لتضعف قوتها فيسهل إخضاعها.

إن الحرب التي تشنها الجماعات الإرهابية باسم الدين الإسلامي السمح- والدين منها براء- وترفع فيها راية الشريعة، هي في أهدافها ونتائجها تتطابق مع أهداف العدو الأجنبي.

ولقد كثر الحديث عن صلات وعلاقات الجماعات الإرهابية بدوائر الاستخبارات الغربية وأبرزها الاستخبارات الأميركية، بدءاً بالصلات بينها و«القاعدة».. فهذه الصلات مسجلة وموثقة باعتراف أصحاب العلاقة. وكان مبرر الاستخبارات الأميركية التي رسمت سياسة واشنطن في أفغانستان أن المجاهدين يحاربون السوفييت، ومن الحكمة بالنسبة للولايات المتحدة أن تدعمهم في حربها ضد الشيوعية.

وبدون مطولات في هذا الأمر، فإن كل الأطراف المشاركة في صناعة الإرهاب المتأسلم، على اختلاف أهدافها، وصلت بحرب الإرهابيين إلى مرحلة أصبحت فيها حرباً ضد العالم كله. ويخطئ من يعتقد أن الإرهاب سيتوقف عند حدود الشقيقة الكبرى مصر مع غزة أو في العراق أو سوريا أو اليمن.. فهذا السرطان الذي انطلق من عقاله يمثل الشر الأكبر. لقد أفلت ولم يعد من الممكن أن يتوقف أو يستجيب لنداء العقل أو حتى مصلحته الآنية.

إن دعوة الرئيس السيسي المجتمع الدولي إلى الانتباه لخطر الإرهاب المتوحش، هي دعوة حق وواجب، وليت الدول المرتبطة بالحلف ضد الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة تعمل بجدية أكثر لدفع قضية التصدي للإرهاب إلى مجلس الأمن، وتدعو الأمم المتحدة مجتمعة لإعلان الحرب الأممية الدفاعية ضد الإرهاب الذي يهدد الأمن والاستقرار والسلامة البشرية وينتهك كل المواثيق والعهود الدولية.

وقبل ذلك وبعده، على الدول العربية المنضمة للحلف ضد الإرهاب أن تعلن بصراحة ووضوح شجبها وإدانتها لما وقع من عمليات إرهابية ضد قوات الأمن المصرية، كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ أعلنت إدانتها لعمليات الأسبوع الماضي بلغة واضحة وشجاعة وأعربت عن تأييدها ودعمها للحكومة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي، كما عبرت عن استعدادها لمساندة مصر وتقديم كل ما تطلبه القيادة المصرية في حربها ضد الإرهاب، وذلك فوق ما تقدمه الآن دولة الإمارات العربية المتحدة وهو كثير.

لقد أعلنها الإرهابيون حرباً ضد أمتنا، ومن واجب إعلامنا القومي أن يخوض المعركة إلى جانب قواته المسلحة وقواه السياسية.
&