&حسن عبدالله جوهر

&


عبارة السمع والطاعة يتغنى بها الكثيرون استجابة للتوجيهات أو القرارات التي يتخذها صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله، والتي عادة ما ترتبط بمواقف أو محطات حاسمة وحساسة، وترتفع نبرة الصوت عند البعض عالياً في التشديد على السمع والطاعة إذا كانت القرارات الأميرية تحمل بعداً سياسياً، وقد تستغل أيضاً لإحراج غير المطيعين واتهامهم بالخروج على طاعة ولي الأمر كما حدث في مرسوم تقليص الصوت الانتخابي، ودائماً تكون الذريعة أن توجيهات سمو الأمير تهدف إلى المصلحة العامة وحماية الدولة وأصل وجودها.


بالأمس وخلال افتتاح دور انعقاد مجلس الأمة تفضل سموه بجملة من التوجيهات التي لا تقل خطورة وأهمية في حماية الدولة وأصل وجودها واستقرارها في الإطار الاقتصادي، حيث دعا إلى وقف الهدر وترشيد الإنفاق في ظل تراجع أسعار النفط مع ضرورة إيجاد بدائل للدخل وتنويع مصادره، فهل يندرج ذلك في إطار السمع والطاعة؟ وما آلية السمع والطاعة؟ وما تصنيف من يخرج على طاعة ولي الأمر في حالة التساهل أو حتى رعاية الهدر والسرقات المتفاقمة؟ وما مصير من يفشل في تنويع مصادر الدخل أو من يحول الإنفاق العام إلى عزبة تحكمها المصالح الخاصة أو الولاءات السياسية الشخصية؟
ذكرنا عبر هذه الزاوية مؤشرات كثيرة لأوجه الفساد المالي والإداري في الدولة بتقارير محلية وعالمية موثقة من جهات رقابية معتبرة، بل زادت أرقام هذه المؤشرات على الفساد خلال السنوات الأربع الماضية تحديداً دون بصيص أمل في أي عمل جاد لمواجهة هذا الغول القبيح.


اليوم وتزامناً مع خطاب صاحب السمو نقدم هذه المقارنة البسيطة لعنوان خطير يحمل اسم التنمية، والله وحده العالم في خبايا وتفاصيل هذا المشروع التي لا يكمن فيها الشيطان بل يسرح ويمرح ويلعب دون حسيب أو رقيب، فالميزانية الأولى للتنمية التي رصد لها 36 مليار دينار انتهى عمرها الزمني دون أن نرى معلماً تنموياً واحداً، واليوم تعلن اللجنة المالية في مجلس الأمة تخصيص مبلغ 30 مليار دينار أخرى لخطة تنمية جديدة، هذا كله مع وجود ميزانيات سنوية تصل إلى 20 مليار دينار كل عام، ولا نحتاج إلى كثير من العناء لنقول إن كل الخطط فشلت والأموال تبخرت والمشاريع طارت!
في المقابل، رصدت دولة الإمارات العربية ميزانيتها الجديدة لعام 2015 وهي أكبر موازنة في تاريخها بمبلغ 49 مليار درهم (أي 4 مليارات دينار كويتي)، ونصف هذه الميزانية (أي 2 مليار دينار فقط) خصصت لمشاريع تنموية، وللعلم فإن دولة الإمارات تساوي خمسة أضعاف دولة الكويت في المساحة (84 ألف كم مربع مقابل 18 ألف كم مربع)، وعدد سكان الإمارات البالغ 9 ملايين نسمة يزيد بثلاثة أضعاف على عدد سكاننا (3.5 ملايين نسمة)!
ومع ذلك أين نحن من الإمارات في مؤشرات التنمية والإنجاز والإبداع والعالمية؟! إذا كان مفهوم السمع والطاعة ملزماً لنا كمواطنين سياسياً وأدبياً، فهذا المفهوم يقيّد الحكومة بوزرائها وقياداتها الإدارية العليا دستورياً وقانونياً وتاريخياً لأنها تحكم باسم الأمير وبواسطته، وقد اؤتمنت على مئات المليارات من أموال الدولة والشعب لترجمة تعليماته وتوجيهاته وتطبيق سياساته، فهل من سمع أو طاعة؟!
&